هل يدخل الموحدون الدروز في اتون التقسيم … وماهي معركة عين دارة

أثار مقال النائب  وليد جنبلاط، الذي نشر في جريدة “الانباء” امس اعتراض قسما من الطائفة الدرزية في لبنان وسوريا .
وكان جنبلاط قد تحدث “أن الفرز السياسي الداخلي على خلفية الأزمة السورية داخل الحكومة اللبنانية قد حصل. فهل حانت أيضا ساعة الفرز داخل طائفة الموحدين الدروز في لبنان وسوريا بين من يدعمون النظام السوري ومستعدون ،وبين من يؤيدون الشعب السوري في نضاله المستمر نحو سوريا ديمقراطية متنوعة”.

وقال جنبلاط “حذار أيها المناضلون العرب في جبل الدروز الانجرار خلف زمرة من الشبيحة والمرتزقة الذين يوزعون عليكم السلاح ويريدون وضعكم في مواجهة مع إخوانكم في سوريا، ويسعون الى جعلكم تشبهون حرس الحدود مع إسرائيل. تراثنا هو العيش مع المحيط العربي الاسلامي، وهكذا سنبقى. المستقبل هو لأحرار سوريا، وموقعكم الطبيعي هو إلى جانبهم.

هذه الرسالة التي تحمل ابعادا سياسيا وامنية خطيرة على ابناء طائفة الموحدين الدروز حيث انتقد شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نصرالدين الغريب “مواقف البعض وما حملت من تحريض على سورية”، داعيا “الجميع الى ان يكونوا أوفياء لمن قدّم لهم الخدمات”.  ورد رئيس حزب “التوحيد العربي” وئام وهاب، على رئيس جبهة “النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط واتهمه بانه يتقن سياسة الارتزاق اكثر من اي شخص آخر ودعاه الى عدم نقل المعركة الى داخل الطائفة الدرزي.
وقال:” استغربت كلام جنبلاط واسأل هل يهددنا جنبلاط بعين دارة جديدة؟ هذا الكلام يعني ذلك ولا اعتقد انه يعلم ان معركة عين دارة لم تكن لصالح الطائفة الدرزية في لبنان لا بل اضعفت الطائفة الدرزية في لبنان وانتزعت منها السلطة في لبنان.

ومعركة عين دارة، وفقا للمجلة “العمامة” كانت أكبر انكسار في تاريخ الطائفة الدرزية، وهي أصعب من محنة أنطاكيا، فمحنة أنطاكيا كان فيها عناصر خارجية معادية للدروز، حاولت القضاء عليهم، وكافح الدروز بقوة إيمانهم وصبروا وانتصروا في النهاية، أما معركة عين دارة، فكانت حربا أهلية بين الدروز أنفسهم، بسبب انقسام تافه، لا قيمة له، حملوه معهم من الجزيرة العربية، وظل يلازمهم طوال ألف سنة، وأدّى إلى تحطيمهم. هذا الانقسام بين قيس ويمن، كان شائعا في سوريا ولبنان بين جميع الطوائف، إلا أن الآخرين تحرروا منه، وتنكروا له، بعد أن فهموا مضاره والكوارث التي سبّبها، أما الدروز، فقد تمسّكوا به، واستماتوا من أجله، وقتل الأخ أخاه، وكانت النتيجة، أن سبعة قرون من الحكم الناصع في لبنان، انتهت وبدأت الطائفة الدرزية تتدهور وتخسر مراكزها، بسبب أمور لا قيمة لها، ولا جدوى فيها.

وكانت المعركة الحد الفاصل، بين عملية بناء الكيان الدرزي، وبين عملية تدهوره وتخاذله. وقد وقعت في عام 1711 بين معسكر اليمنيين، بقيادة الشيخ محمود أبو هرموش وأمراء آل علم الدين، و المعسكر القيسي، الذي ضمّ رجال الإقطاع الدروز من أبناء القاضي التنوخيين وآل نكد وجنبلاط وعبد الملك وتلحوق . وكانت عملية معركة عين دارة خدعة، فقد اجتمع الفريقان في سهل قريب من بلدة عين دارة، حيث داهم القيسيون بقيادة حيدر الشهابي الجيش اليمني، بقيادة محمود أبو هرموش ليلا على حين غرة وتغلبوا عليهم. وقد سقط من القتلى ثلاثة من أمراء آل علم الدين، وقبض حيدر الشهابي على أربعة أمراء من آل علم الدين، أمر بقطع رؤوسهم فانقطعت به سلالتهم. أما القائد محمود أبو هرموش، فقد قُبض عليه، لكن رأسه لم يُقطع، بل اكتفوا بقطع لسانه وإبهاميه، وذلك تماشيا مع التقاليد، أنه لا يمكن قتل وال سابق في الدولة العثمانية، وجريا على عادة الولاة آنذاك، التي لا تسمح بإصدار حكم الإعدام على الأمير الحاكم.

وقد كافأ حيدر الشهابي حلفاءه في المعركة، ووزع عليهم الإقطاع، وحصل آل أبي اللمع على حصة الأسد، ونال الشيخ قبلان القاضي إقليم جزين، والشيخ علي النكدي المناصف، والشيخ جنبلاط عبد الملك منطقة الجرد، والشيخان محمد وبشير تلحوق أُقطِعا منطقة الغرب الأعلى. وأدت نتائج هذه العركة، إلى تغلب القيسيين وفقدان المعسكر اليمني أي سيطرة أو نفوذ في المنطقة خلال القرن الثامن عشر. وكان لهذه المعركة نتيجة واحدة إيجابية، وهي تعمير جبل الدروز.

لقد تغلب القيسيون في عين دارة على اليمنيين، تفاهة الزعماء في ذاك الوقت اوقعت الطائفة الدرزية في صراع مسلح ساهم في نقل هذا الانقسام سياسيا فيما بعد بين الجنبلاطي والارسلاني، والتي لا تزال قائمة حتى الآن في لبنان.
فهل سنشهد فرز بين ابناء الطائفة الواحدة على غرار الاحداث في سوريا وعلى وقعها .. ام ان الفصل سيأتي من المشايخ الدروز لوقف السجالات السياسية القائمة والتهديدات المباشر الداعية لتقسيم، لحقن دماء ابناء طائفتهم.

السابق
نحاس قدم استقالته من حكومة ميقاتي
التالي
القبض على عصابة خطرة في صيدا