متفرج بدرجة ضيف شرف

تمكنت إيران من التلاعب بالموقف الدولي من مشروعها النووي طوال السنوات العشر الماضية. لم يمنع ذلك واشنطن من التعاون معها في غزو أفغانستان ثم العراق. وتواجهتا، في الإثنتين، عند المنعطفات الكبرى: تعاون أقرب إلى التحالف أحيانا، ومواجهة لا تبلغ الحرب أغلب الأحيان، حتى إحتلت طهران موقع من لا يمكن تجاهله. فازت انطلاقة طهران النووية بصمت دولي في البداية، أشبه بتواطؤ انتهى، في لحظة خلاف لاحق على المحاصصة في العراق وأفغانستان و”هلال الأزمات” عموما. وهو ما لم يكن نصيب مشروع العراق النووي السلمي في السبعينيات.

السؤال الاستطرادي، من التذكير، هو: أين العرب؟
الواقع، أنهم في المشهد الممتد بين إيران النووية، والربيع العربي، متفرجون، حتى ولو تصدوا لدور “المرشد الروحي” سواء في اليمن أو سوريا، وسواء تجاه الهجمة الايرانية الجامحة، أو الطموح التركي الهادئ. فلكل قوة إقليمية، من طهران، إلى أنقرة، وتل أبيب، مشروعها الإقليمي، إلا الذين يشكلون الاكثرية فيه، وقطعة الجبنة المتنازع عليها، لكأنهم مطمئنون إلى أن الحليف الاميركي لن يفرط بحقوقهم، ولن يستخدمهم على رقعة شطرنج السياسة الدولية، بيادق يضحى بها.
ربما هي الثقافة الدينية، تجعلهم يؤمنون بأن “الله غالب” وأن “لا راد لقضاء الله”، وربما هو استمرار الاعتقاد بأن الاميركيين إذا اتضح لهم حق العرب (في فلسطين) فإنهم سيقومون بنصرته، وفق ما كتب الملك عبد العزيز آل سعود، مؤسس المملكة، في رسالته إلى فرانكلين ديلانو روزفلت عام 1938، قبل لقائهما على ظهر السفينة الحربية الاميركية “كوينسي” في منطقة البحيرات المرة في 22 كانون الثاني 1945.

يتجاهل العرب، وربما يجهلون، اهمية إمتلاكهم، كمجموعة إقليمية، أو فرادى، استراتيجية، أو تصورا مستقبليا لمنطقتهم ودورهم، أو أدوارهم. يتجلى ذلك في أن نقاشاتهم تدور على علاقات الآخرين بهم، وخطط هؤلاء الاقليمية، وسبل درئها، لكنهم لا يقدمون رؤية، أو رؤى، لأدواركل دولة، أو لدور موحد للمجموعة: الكل يتخوف من أطماع إيران، ويتوجس من تلمس تركيا سيطرة ناعمة بالتحالف مع دولة عربية مستجدة في الأدوار الإقليمية، عدا القلق المستقر من العدوانية الاسرائيلية الدائمة. وهم ، في كل ذلك، يلومون “الآخر” لأنه يعرف ما يريد، فيما هم لا يعرفون ولا يريدون، لكأن الحل في “خصي” طموحات العدو والصديق كي يتوافر الأمن والأمان للعرب.

الحال ، أن العرب، مع الأميركي والتركي والإيراني، وحتى الاسرائيلي، لدى البعض، يراهنون على الأخلاق، أو الرأفة في السياسة لحفظ حقوقهم وأدوارهم، بينما المستقبل، كما كان الماضي، لا يبنى إلا بالرؤية والتخطيط والبناء الوئيد.
ذاك ما ينقصهم ليبطلوا في منطقتهم ،على الأقل، متفرجا برتبة ضيف شرف.

السابق
التقديم المفقود في عرب آيدل !!
التالي
من مطار بيروت: نعدكم بالتأهل إلى الدور الحاسم لمونديال البرازيل الاربعاء القادم..