اللواء: بيلمار مودعاً اللبنانيين: العدالة تنتظر أياماً تاريخية

غابت المعلومات عن سير الاتصالات امس، ونام اللبنانيون على "اذا الشرطية"، في ظل ثقة يائسة من مزاجية وزير العمل وتقلباته
فهناك وعود بأن الوزير شربل نحاس سيوقع مرسوم بدل النقل عند التاسعة من صباح اليوم.
وهناك من يقول ان التوقيع – اذا حصل – فلن يكون قبل اجتماع تكتل "التغيير والاصلاح" بعد الظهر، والذي يتعين عليه ان يختار واحداً من ثمانية خيارات.
وآخرون يشككون بنيات الوزير بانتظار رؤية توقيعه على المرسوم، في ما ينفخ البعض الرابع في اذنيه ان لا وقت يلزمه بالتوقيع، مرددين معزوفة عدم الزام رئيس الحكومة بمهلة لتوقيع المراسيم.
المهم، حسب مصدر مطلع ان الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي اللذين ناقشا في اجتماعهما قبل ظهر امس، مجمل الملف الحكومي بكل ابعاده، وفيما حصيلة المساعي الجارية من غداء عين التينة، الى الاتصالات التي يقوم بها وسطاء بعيداً عن الاضواء، خلصا الى انه لا يجوز في اي حال من الاحوال ان يسمح لوزير كائناً من كان بتسجيل نقاط على مؤسستي رئاسة الجمهورية والحكومة.

وقالت مصادر مطلعة ان الرئيسين تفاهما على ان لا دعوة لعقد مجلس الوزراء قبل توقيع نحاس على المرسوم الحالي، وبالتالي ان صحت المعلومات وصفت النوايا، ووقع وزير العمل اليوم، يرد الرئيس ميقاتي على الخطوة الايجابية بخطوة ايجابية ويدعو لمجلس الوزراء يوم الخميس.
يفترض، من هنا، وبحسب مختلف الاتجاهات والتوجهات، ان يكون اليوم حاسماً في ما خص توقيع مرسوم بدل النقل من قبل وزير العمل شربل نحاس، من دون ان يعني ذلك ارساء تفاهم سياسي وعريض يجنب الحكومة الوقوع في ازمات ومطبات عند كل محطة او مفصل او مشروع على جدول اعمالها.
ذلك ان توقيع الوزير نحاس المرسوم من شأنه ان يفسح في المجال امام عودة جلسات مجلس الوزراء، حيث رجحت معلومات ان يعقد المجلس جلسة يوم الخميس المقبل بجدول اعمال ممكن ان يتم تحضيره اليوم، إلا ان التفاهم الغائب عن مكونات الحكومة سيبقيها رهن "مشروع مباطحة" شبه يومية، خصوصاً وأن لا شيء على صعيد التطورات الخارجية، ودخول الازمة السورية في عنق التجاذبات الدولية والاقليمية يمكن ان يبقيها في منأى عن هذه الازمة، لا سيما ازاء الفرز السياسي الداخلي الذي تحدث عنه رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط، والذي اخذ يطاول الوضع الحكومي، ويهدد الحكومة بالتالي بتصدعات بين "جبهات" تؤيد النظام واخرى تقف الى جانب الشعب السوري.
وأوحت اجواء الاجتماع الذي عقده الرئيسان ميشال سليمان ونجيب ميقاتي في قصر بعبدا امس، منحى ايجابياً للاتصالات الجارية لحل عقدة تعليق جلسات الحكومة، على أساس أن الوزير نحاس سيوقع المرسوم في التاسعة من صباح اليوم، الا أن هذه الإيجابية بقيت حذرة "لأننا مع الوزير لا نستطيع أن نتكهن بشيء" حسب مصدر حكومي شدّد بأن توقيع نحاس هو الشرط الأساسي لعودة الحكومة إلى استئناف جلساتها، وعلى ان يتم ذلك قبل الجلسة التشريعية غداً.
مصادر عون
وفي المقابل، أكدت مصادر قريبة من "التيار الوطني الحر" ان الوزير نحاس يتعرّض لضغوط كبيرة، مستغربة تصويره على انه المسؤول عن تعليق جلسات الحكومة، بينما الجميع يعرف أن "التعليق" جاء على خلفيات التعيينات في هيئة التأديب.
وكشفت المصادر بأن النائب ميشال عون وتكتل التغيير والإصلاح يعكفون على درس 7 أو 8 خيارات في هذا الشأن، مع الحرص على أن يوضع أي خيار يتم الأخذ به في حساب الربح والخسارة.
وشددت على أن المطلوب من رئيس الحكومة عدم التشبث بمطلب التوقيع على المرسوم قبل الأربعاء، إذا كان يريد الحل، وأن يبحث في الخيارات المطروحة بحيث يكون التوقيع في إطار حل شامل للمشكلة، موضحة بأن الخيارات المطروحة لا تصب في نفس الاتجاه، فهناك خيارات تتضمن صيغة التوقيع، وبعضها لا يتضمن التوقيع، وخيارات أخرى تنحو باتجاه إرسال الوزير مشروع القانون الذي اعده إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء والعمل على عقد جلسة لبحثه.

ميقاتي
وكانت مصادر الرئيس ميقاتي قد أكدت مجدداً أمس أن المدخل الإلزامي لحل الأزمة القائمة هو توقيع مرسوم بدل النقل، لأن هذا الأمر مبدئي ويتعلق بانتظام العلاقة بين الوزير المختص ومؤسسة مجلس الوزراء، كما أن التوقيع شرط أساسي لضمان حسن سير أعمال مجلس الوزراء وفق ما ينص عليه مرسوم تنظيم أعمال مجلس الوزراء.
وإذ أبدت المصادر حرصها على التعاون بين مجلس النواب والحكومة، أكدت رفض معالجة موضوع بدل النقل عن طريق اقتراح قانون يسبق توقيع وزير العمل، لأن هذا الأمر يُشكّل سابقة خطرة تعني تغييب دور السلطة الاجرائية، وهذا ما لا يمكن القبول به.
وأكدت المصادر رفض ميقاتي ما يُقال عن مساومة أو مقايضة بين التوقيع على بدل النقل والقضايا المطروحة في الحكومة، كالتعيينات مثلاً، وشددت على تمسكه بصلاحيات رئيس مجلس الوزراء.
في موازاة ذلك، رأى رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية في حديث لقناة "المنار" أن الأزمة الحكومية ستنتهي قريباً، معتبراً بأن الرئيس سليمان يطالب بما هو أكبر من حجمه، ويعمل على أساس مستقبله بعد الرئاسة، مشيراً إلى أنه بحال لم يكن سليمان صاحب مشروع إقليمي، فيمكن أن يقيم توافقاً مع النائب عون وفريقنا، ويمكن أن نصل الى مشروع مشترك وإلى نقاط مشتركة إنتخابياً. جنبلاط
في هذا الوقت رفع النائب وليد جنبلاط من سقف مواقفه المناهضة للنظام السوري، مؤكداً بأن ساعة الفرز داخل طائفة الموحدين الدروز في لبنان وسوريا قد حانت على غرار الفرز السياسي داخل الحكومة بين من يدعمون النظام في سوريا ومستعدون لأن يكونوا بمثابة المرتزقة في خدمته، وبين من يؤيدون الشعب السوري في نضاله المستمر نحو سوريا ديموقراطية متنوعة، محذراً جبل الدروز من الانجرار خلف من وصفهم "زمرة الشبيحة والمرتزقة الذين يوزعون السلاح ويريدون وضعهم في مواجهة مع أخوانهم في سوريا، وجعلهم حرس حدود مع اسرائيل"، لافتاً إلى أن اسرائيل ما زالت تتمتع بهدوء تام على جبهة الجولان المحتلة منذ 39 عاماً بفضل سياسة الممانعة.

وسخر جنبلاط في موقفه الأسبوعي لجريدة "الأنباء" الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي ينشر اليوم، ممّا وصفه ببدعة إجراء استفتاء على دستور جديد في سوريا مع روائح الجثث وغبار الركام في حمص التي وصفها بـ "ستالينغراد" الثورة السورية، ومدن وقرى سورية أخرى، مشبّهاً النظام السوري بأنه أكثر قسوة من أنظمة ستالين وتشاوشيسكو وصدام حسين، متوقعاً بأن يتم استيلاد العشرات من الأحزاب الهجينة المماثلة لحزب البعث بعد الإلغاء النظري للمادة الثامنة من الدستور، وذلك بهدف الإمساك التام بكل مفاصل الدولة ومرافقها ومؤسساتها والاستمرار في الإطباق على الشعب السوري، موجهاً انتقاداً عنيفاً لدول كبرى تؤيّد مسرحية الاستفتاء، لم يسمّها، وإن كان يقصد بها روسيا وإيران، التي تقدم الدعم العسكري والاستخباراتي والأمني للنظام السوري وترسل أساطيلها البحرية المتعددة، فيما تكرر في الوقت ذاته معزوفة رفض التدخل الخارجي، وتتمسك بالنظام على حساب وحدة سوريا ومستقبلها، بينما تستطيع توفير مخارج لزمرة النظام سواء في ارياف سيبريا او في قلب بلوشستان حيث معاقل "القاعدة".

وسخر جنبلاط كذلك من بدعة مؤامرة تقسيم سوريا، كاشفاً بأن الرئيس السوري كرر ذلك ما سبق وذكره امام بعض زواره اللبنانيين، من ان النظام سيبقى حتى ولو تم تقسيم سوريا، ممهداً بذلك لقاعدة: "انا وبعدي الطوفان"، مكررا توجيه نداء الى روسيا بضرورة العمل على اساس ان انقاذ سوريا ووحدتها اهم وأبقى من انقاذ النظام، مشيرا إلى انه ما زال يتطلع إلى هذا الدور الذي باستطاعة من وصفهم "بالاصدقاء القدامى" القيام به حفاظاً على سوريا.
وفي تقدير مصدر سياسي ان جنبلاط شعر بأنه مستهدف سياسياً من قبل خصومه الأمر الذي دقعه إلى تصعيد موقفه، هذا الموقف الذي من شأنه أن ينعكس سلباً على الوضع الحكومي وهو ما ظهر في رد رئيس حزب "التوحيد العربي" الوزير السابق وئام وهاب عبر محطة "الجديد" داعيا اياه إلى عدم نقل المعركة إلى داخل الطائفة الدرزية، متسائلاً عما اذا كان جنبلاط يهددنا بعين دارة جديدة؟ مشيرا الى ان عين دارة لم تكن لصالح الطائفة الدرزية في لبنان، بل انتزعت منها صلاحيات كثيرة.
وفي مقابلة اخرى مع محطة NBN وصف وهاب كلام جنبلاط بأنه "كلام بائس نابع من توتره وليس عن قناعته"، معتبرا ان جنبلاط عندما يتحدث بتوتر فإنه يخطيء.
وقال: "اذا احتاجتنا سوريا للقتال ضد الغرب فسنقاتل إلى جانب سوريا، واذا احتاجنا دروز جبل العرب لمساندتهم فسنفعل، لكن الوضع اليوم في جبل العرب مغاير تماماً لما يقوله جنبلاط".

بيلمار يودع
وعلى صعيد آخر، ودع مدعي عام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان القاضي دانيال بيلمار، اللبنانيين برسالة عاطفية، شكر فيها الشعب اللبناني "لما لمسه من دعم وثقة للمسيرة الحافلة بالإنجازات التي قطعناها سوية"، مؤكدا بأن هذا الشعب جدير بأن ينعم بمجتمع لا افلات فيه من العقاب، ومجتمع تسوده ثقافة المحاسبة".
وقال: "إن نضالنا من اجل وضع حد للعقاب اصبح اليوم نضالاً مشتركاً على نطاق اوسع، واننا قد قطعنا شوطاً كبيراً في هذا المجال، ومع ان الدرب مايزال طويلاً أمامنا فأنا على ثقة اننا ارسينا أسساً راسخة"، مؤكداً انه قام بما يلزم بكل موضوعية وشغف وروح مهنة واحترام. 

السابق
الشرق: ساعة الفرز بين الدروز
التالي
الانوار: الازمة داخل الحكومة تراوح مكانها ورفض حلها في البرلمان