لبنان حالة فريدة

فيما كان رئيس الجمهورية ميشال سليمان يؤكد ان الرئاسة – لا الوطن – صخرة يتأذى من يتطاول عليها، كان السفير البريطاني لدى لبنان طوم فليتشر يعرب عن اعتقاده ان الدول تتفهم كون لبنان حالة فريدة ولا يتمتع بهامش المناورة الذي تتمتع به دول أخرى ولا يمكن أن يطلب منه ما ليس في مقدوره تحمله.

هذه هي الصورة الحقيقية التي ينظر بها العالم الينا. بلد لا حول له ولا قوة. بلد تعاني حكومته الشلل بسبب وزير قرر التمرد على إجماع مجلس الوزراء، ورئيس حكومة قرر الامتناع عن عقد الجلسات لاسترداد صلاحياته، ورئيس للدولة سحب منه اتفاق الطائف بعض صلاحياته ليصير الوزير أقوى منه، وقبل كل ذلك رئيس لمجلس النواب أقفل أبواب "مجلسه" مدة من الزمن، وحلقات حوار من خارج المؤسسات تعطلت من دون سبب، وهو اللاسبب الذي أدى الى عقدها من خارج السلطتين التشريعية والتنفيذية. والى كل هذا، وزير خارجية يقرر سياسة لبنان الخارجية من دون استشارة مجلس الوزراء، وزملاء له تحوم حولهم الصفقات والاختلاسات ولا من يحاسب. حتى في المجلس الذي يقوم على التشريع ومحاسبة الوزراء ثمة تواطؤ ضمني يجمع معظم القوى. فالمعارضة، كل معارضة في لبنان، لم تقم بدورها في تحريك النيابات العامة أو طرح الثقة بهذا الوزير أو ذاك، بل تكتفي بتهويل كلامي لا يحقق تقدماً في الحياة السياسية.

هموم الناس في توفير المازوت لا في مَن سرقه، واللبنانيون يفتشون عن الكهرباء لا عن جنسية أصحاب البواخر، ولا يهتمون لطائفة وزارة الاشغال إلا بما تؤمنه لفتح الطرق في زمن الفيضانات وتراكم الثلوج على الطرق. اللبنانيون لا يهتمون للخلاف بين رئيس الجمهورية والعماد ميشال عون على قيادة المسيحيين إلا بقدر ما يعطل هذا الخلاف حصولهم على بدل النقل، حتى لا تعطيهم الحكومة الزيادة على الرواتب بيد وتستردها باليد الاخرى. اما القيادة، فشأن آخر تشتم منه رائحة الانتخابات النيابية المقبلة والصراع على النفوذ في تلك البقعة الصغيرة التي تحجب عن الجميع المتغيرات والتحولات الكبيرة في المنطقة والتي لا بد ان تنعكس علينا بشكل او بآخر.
في هذه المرحلة المصيرية من تاريخ المنطقة، لا بد من النظر الى البعيد وتجاوز المتن وكسروان وجبيل.  

السابق
لبنان ومخاطر تقسيم سـوريا ..
التالي
نتنياهو: أتمنى الموت لكل العرب !!