شعبنا تحت النار!

نعم إنها حالة تحتاج إلى إشارات استفهام كثيرة, حمص تقصف وأكثر من 700 شهيد خلال اسبوع بينهم اطفال ونساء, وحوران وحماة وإدلب ودير الزور وكل المناطق السورية تحاول العصابة الحاكمة بعد زيارة لافروف ورئيس الاستخبارات الروسية الاسراع بما يرونه الحسم العسكري الامني, كنت خلال هذه الايام اتابع التفاصيل المتحركة كثيرا لدرجة أنني لم استطع التنفس ولو بمقالة واحدة.

القرار التاريخي للجمعية العامة للامم المتحدة الذي ادان هذه العصابة بشكل واضح, ولم تصوت ضد القرار سوى الدول التي فيها سلطات على شاكلة العصابة الحاكمة, 12 دولة فقط من اصل 195 دولة.
العالم الآن كله اتخذ موقفا سياسيا وادبيا واخلاقيا أكثر قربا من روحية الثورة, أريد ان اقول كلمتين, وارجو من الجميع هنا أن يقرأ الامور من زاوية ابعد مما يدور في المجلس وحوله. قضية الاعتراف بالمجلس او عدم الاعتراف تتعلق برؤية الدول الى الأفق الذي تسير إليه الثورة, انهم ببساطة لايريدون أن يتدخلوا عسكريا, هذا اولا, وبالتالي هم يتجهون نحو سيناريو يمني, يمكن ان يفضي باحدى حالاته, إلى اضطرار المعارضة كلها للجلوس مع السلطة للتفاوض على سيناريو ما, لذلك الآن ستكون هناك حملة على كل من يرفض الحوار, لكنه فاعل وهذا ينطبق أولا على التظاهرات السلمية وكيفية وقفها, ولو لفترة قصيرة, وعلى المجلس, وعلى "الجيش الحر" وستترافق هذه الحملة مع استمرار العصابة الحاكمة بالقتل وفقا للسيناريو الروسي -الصيني وبالتنسيق مع جهات عدة ومنها معارضة, لهذا أتمنى أن تقرأ الامور من زاوية اوسع مما نحن فيه الآن من مناقشات.

الحفاظ على المجلس ليس غاية لكنه وسيلة, علينا أن نتصرف فعلا بروح الثورة, وأن نبدأ بنقد أنفسنا, هناك انتقادات توجه للمكتب التنفيذي, ومنها ما هو صحيح, ومنها ما يتعلق بالمحاصصة السياسية للكتل المكونة للمجلس, ومن يرى في نفسه أنه الاجدر لكنه يخوض معاركه بطريقة غير شريفة, إننا أمام امتحان ولعبة عض اصابع دولية واقليمية وعلى صعيد تيارات المعارضة. هذه الحملة تترافق, كما قلنا, مع ازدياد شراسة العنف من قبل العصابة الحاكمة, ونريد ان نؤكد للرأي العام أن غالبية اعضاء المجلس يعون ما يجري, في ظل الحديث عما يسمى مجموعة اصدقاء سورية, وبخاصة بعد دعوة روسيا والصين! كان ناقص الاشقاء التوانسة أن يدعوا "حزب الله" أيضا ووئام وهاب وميشيل عون وأحمد جبريل,أليسوا من أصدقاء سورية! الاشقاء التوانسة يحاولون لكن محاولاتهم تبدو بالاتجاه الخاطئ لاعتبارات لانريد التطرق اليها الآن, ومعهم الاتراك أيضا, لا أعرف كيف يمكن فهم دعوة روسيا والصين? وبخاصة المافيا الروسية التي تحاول التفاوض مع دول الخليج, على صفقات تحت شعار احداث مصالحة مع العصابة السورية الحاكمة, والمالكي يريد حضور سورية شخصيا عبر رأس الآلة العسكرية التي قتلت وتقتل شعبنا مؤتمر القمة في بغداد الشهر المقبل. إننا امام امتحان خطير وخطير جدا وعلينا التنبه الى ما يجري, بشكل جيد والتعامل معه بمنتهى المسؤولية والعقل.

أولا: علينا ان نركز جهودنا أولا واخيرا على استمرار التظاهرات في مدن سورية وقراها, هنا بيت القصيد النهائي, وماتبقى من حديث عن الجيش الحر ودعمه المطلوب, طبعا, لكن ليس على حساب تهيئة كل السبل لشعبنا لكي يستمر بالتظاهرات السلمية المنادية بإسقاط هذه العصابة, والرافضة لأي إجراء دولي يمكن ان يعاد من خلاله فتح ملف الحوار مع آلة الاجرام, هناك أطراف قوية عربية ودولية بدات بالحديث عن عدم وجود معارضة والمعارضة مشتتة, هذا كلام يساهم في الجريمة تماما في هذه المرحلة, هنا لانتحدث عمن ينتقد أداء المعارضة من أجل مزيد من خدمة الثورة, لكننا نتحدث عمن يورد هذا الموال على أرضية انه يشكل عنصرا اساسيا من هذه الارضية التي تريد استمرار هذه العصابة في حكم سورية, هذا الوضع يحتاج منا إلى مواكبة تفاصيله لما يدور, هناك الآن موجة ردود فعل تجتاح المعارضين في الداخل والخارج ردا على هذا العنف الذي قل نظيره في التاريخ, شعبنا يسجل أسطورته الخاصة من أجل حريته, هذه الموجة هي التي تدعو إلى مزيد من التسليح, على حساب دعم القاعدة الصلبة لاستمرار التظاهرات, يجب ان لايجعلنا دعم الجيش الحر ننسى هذه الحقيقة المطلقة أن هدف النظام الأول والنهائي هو وقف التظاهر والبدء باخراج الناس بمسيرات مؤيدة, وهذا لن يناله بالطبع لكن علينا عدم نسيان هذه المعادلة الاساس في ثورتنا الاصيلة.

ثانيا: إن الانشقاقات الكثيرة في الجيش حدثت من جراء بطش النظام وشاغلته, لكنها في النهاية ليست انشقاقات قادرة على حسم المعركة عسكريا, لذلك وحتى تبقى هذه الانشقاقات مستمرة, وحتى نرى نتائج دعمها علينا أن ندعم استمرار التظاهر السلمي لشعبنا, هذا الشعب وتظاهراته هي التي أدت إلى تشكيل ما يسمى الجيش السوري الحر, وشكلت له بيئة حاضنة وليس العكس, العالم كله يربط مواقفه ليس من خلال وجود الجيش الحر, بل من خلال استمرار التظاهرات علينا ان نعي ذلك تماما, ونكون على قدر المسؤولية في ذلك, الروس لايزعجهم الجيش الحر كثيرا, وإن كانوا يخافون من توسعه- بل ما يزعجهم هو هذا الدفق التظاهراتي السلمي اليومي وشبه اليومي.
– على الجيش الحر وقيادته أن يتفهما هذه القضية ويعملا من أجلها أيضا, ريثما تتحول قيادة الجيش الحر إلى قوة تستطيع فرض شروطها السياسية, وهي لايمكن أن تتحول إلى هذه القوة من دون استمرار الدفق الشعبي السلمي, وعلى المجلس الوطني أن يخرج للناس وللهواء بشكل واضح, وأن يتخلى عن أمراض معارضتنا التقليدية ورموزها التي انتقلت إليه.

إنني اتبرأ من كثير من التصرفات ومما أشاهده حقيقة, لكن علينا ان نحسب الامور بميزان العقل والجدوى السياسية الخادمة لثورتنا, المجلس كما أعتقد بدأ يشغل حيزا غير قليل في السياسة الدولية تجاه سورية, وإلا لما اشترطت روسيا والصين عدم حضور المجلس في تونس, وعلى من هو في المجلس يفكر أو لايزال يفكر بطريقة هيئة التنسيق عليه أن يغادر هكذا الامر ببساطة, وهذا ليس سوى انسجام مع قناعاتهم التي لاتنسجم مع قناعات غالبية اعضاء المجلس, وإذا كان بعض الاشقاء العرب يرون في المجلس نسخة أكثر تأثير عمليا من "هيئة التنسيق" ويريدون جلبه لهذا الخط السياسي, عليهم ان يقتنعوا بأن شعبنا لن يقبل من احد أن يعيد له ما حققه من اوسع الابواب, وبدمه الطاهر, في خلع كل انواع الشرعية عن هذه العصابة المجرمة وأن يعيد له ما قبل الثامن عشر من مارس لحظة انطلاق الثورة السورية من حوران, من النافذة والتي هي نافذة بعض أطراف اصدقاء سورية.
الدول في النهاية تبني سياساتها على وقائع, واستمرار التظاهرات هو الذي اجبر ويجبر الدول على تغيير مواقفها, وليس الاعتماد على الجيش الحر فقط, الذي يجب البحث له جديا أيضا عن دعم دولي في سياق رؤية حقيقية لما يريده شعبنا من ثورته.
– واخيرا اتمنى على الأشقاء الخليجيين أن لايتركوا مساحة للمناورات الروسية, فالمافيا الروسية يداها ملطختان حتى العنق بالدم السوري. 

السابق
لبنان دولة مفلسة… لولا المال الإغترابي والسياسي ..!
التالي
كاتيا كعدي: سأحدّ من نشاطي الإعلامي ولن أعتزل