جعجع: الله يقطع هيك مقاومة

حتى الآن نجح سمير جعجع في ادارة معاركه على اكثر من «جبهة». بدت الاولويات واضحة في ذهن الرجل بعد خروجه من زنزانة وزارة الدفاع. عمودها الفقري «فصل المسار» بين الورشة السياسية والورشة التنظيمية. مبدئياً نجح «الحكيم» حيث أخفق «الجنرال». تذرّعت الرابية بـ«الظروف الاستثنائية» لتدخل في نفق التأجيل المفتوح لترتيب بيتها الداخلي. معراب فعلت العكس بتسريع وتيرة ورشتها التنظيمية.
تتحدث معراب بكل ثقة عن «ربيع القوات». «الميليشيا» اصبحت حزباً. قبل ستة أشهر، احتفل القواتيون بولادة «النظام الداخلي». بالأمس، بحضور رئيس الحزب وأعضاء الهيئة العامة والكوادر والقيادات ورؤساء المصالح والمناطق، تمّ إقرار «شرعة الحزب» التي تنتظم تحت سقفها نظرة «القوات» الى الدولة والعمل السياسي والمجتمع ورؤيتها للمحيطين العربي والدولي. هي، كما النظام الداخلي، نتاج ورشة مفتوحة من النقاشات والأبحاث والمقارنات امتدت لسنوات. هكذا أعلن جعجع رسمياً من داخل غرفة الاجتماعات في معراب عن «اكتمال الهيكل الخارجي والبنيان الحزبي. ابتداء من اليوم دخلنا مرحلة النظام الديموقراطي في الحزب. والديموقراطية تفرض على كل مسؤول حزبي التصرّف بمسؤولية، لأن عكس ذلك هو الديكتاتورية».

كان من المفترض ان يقتصر كلام جعجع امس على البنيان التنظيمي، لكن كعادته استغل «منبر معراب» للردّ على الكلام الاخير للامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله في ذكرى شهداء قادة المقاومة. وتوجّه اليه قائلا «اذا كان السيد حسن يعتبر ان الجميع اتفق على النظام السوري لانه نظام ممانعة ويدعم المقاومة. الله يقطع هيك مقاومة على هيك ممانعة اذا كانت هيك الممارسة»، واذ رأى ان «حزب الله» لم يكون يوماً جدياً في جلسات الحوار التي قمنا بها باستثناء اول جلستين»، اكد «نحن لا نملي الشروط على احد ولكننا لا نقبل ان يملي احد الشروط علينا، وعلى السيد حسن ان يعرف ذلك».

الضالعون في فك «شيفرة» معراب يدركون ان استمرارية «الفكر القواتي» خط أحمر عند سمير جعجع. كان لا بد للخيمة التنظيمية ان تظلّل اتباع «الصليب المشطوب» سابقاً لتكودرهم ضمن «بلوك» حزبي متراص من المفترض ان لا تحكمه فوبيا «الى أين» في زمن الشيخوخة الضاربة في عروق الأحزاب الأخرى. بالأمس كان «الحكيم» صريحاً في إفهام من يعنيه الأمر. لم نصنع حزباً لإيجاد مجرد هيكل. توجّه الى المحازبين بالقول «نريد تحاشي الانقسامات وعدم الفعالية و«التبليط» (واقع الأحزاب عموماً)».
«الشرعة»، بنظر القواتيين، هي «دستور الحزب». جاءت نتاج عمل امتد لستة عشر شهراً من قبل مجموعة من المتخصّصين من سياسيين وحزبيين، وقد عرضت المسودّة لاحقاً على بعض الشخصيات الصديقة للقوات (من مسيحيين وغير مسيحيين) التي وضعت ملاحظاتها وتم الأخذ ببعضها.
«الشرعة» التي ستبقى ملك اهل معراب تشكّل، حسب مصادر قواتية، «إطاراً عابراً للطوائف. استوحت من شرعة شارل مالك الكثير من المبادئ. تجمع بين التركيز على ثوابت «القوات» ونضالاتها في مرحلتي الحرب والسلم والانفتاح على الآخر، على ان تكون هذه الثوابت منطلقاً للنظرة الى المستقبل. تتمسّك بلبنان كنموذج حضاري وثقافي في الشرق. ترفع لواء الحرية والسيادة والاستقلال ومفهوم الدولة وحرية المعتقد وحرية المواطن كقيمة انسانية بحد ذاته. تشدّد على لبنان وطن الكيان والميثاق والهوية التعددية بحكم كونه مساحة لتلاقي الديانات. وتكرّس الشرعة مساحة واسعة لرؤية «القوات» في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والتربوية انطلاقاً من التحديات التي تواجه لبنان في مجال المديونية العامة وموقع لبنان المهمّش على الساحة الدولية مع التركيز على النظام الاقتصادي الحر وضرورة ايجاد شبكة اجتماعية آمنة للبنانيين، مع التلازم مع حتمية تأمين مقومات الاستقرار السياسي…»، وبتأكيد المصادر «دستور» القوات «ليس جامداً او يحمل الصبغة العقائدية، بل هو قالب ديناميكي قابل للتطور ومستوحى من الشرعات الحزبية في بعض الدول الاوروبية».
وبعد اعلان جعجع دخول «القوات» رسمياً مرحلة العمل الحزبي الديموقراطي بعد اقرار النظام الداخلي و«الشرعة»، خصّص كلمته للرد على نصرالله «الذي ذكرني خطابه بأحمد سعيد وأحمد الشقيري ونايف حواتمه»، مؤكداً «كي نصل الى فلسطين حرة نحن بحاجة الى شعب عربي حر والى ديموقراطية صحيحة».
ورأى جعجع «ان من يزج لبنان في اتون الحرب هو الذي يملك القدرة الاستراتيجية والسلاح خارج الدولة اللبنانية، ولكن ما نقوم به نحن هو موقف سياسي وأدبي»..
واوضح ان فارس سعيد «لم يتحدث باسم المجلس الوطني السوري، بل المجلس هو من أرسل رسالة إلى 14 آذار، وارتأت الأمانة العامة أن يقرأها فارس سعيد»..
واذ اعتبر ان ما اتهمت فيه «القوات» أيام الحرب من المجازر، «ليس سوى نقطة مما يتهم به «حزب الله» في أيام الحرب والسلم»، قال عن ثكنة فتح الله «من قتل فيها هم لبنانيون ولم يكتب أحد ذلك باسمك… هم 21 مواطناً لبنانياً وسنذكرهم ونطالب بحقهم إلى أبد الآبدين»..
  

السابق
الأمير سعود الفيصل
التالي
الحوار الساخن