الحوار الساخن

هذا الحوار الداخلي الساخن حول الأحداث الدامية الجارية بضراوة في سوريا ليس مفاجئاً أو غريباً… بل المفاجىء والغريب ألاّ يقع مثل هذا «التحاور» في لبنان الذي يتأثر تأثراً مباشراً بسوريا، والذي أمضى نحواً من خمس وثلاثين سنة مرتبطاً إرتباطاً وثيقاً بسوريا الى درجة التماهي.

ولم ننسَ، بعد، «شعب واحد في بلدين». و«أمن لبنان من أمن سوريا، وأمن سوريا من أمن لبنان» وسائر هذه «السلوغونات» التي تتردد يومياً الى درجة أن السياسة اللبنانية كانت تطبخ في سوريا، الداخلي منها والخارجي: فلم يكن مسموحاً أن تتشكل حكومة لبنانية في لبنان، بل كانت الأسماء تأتي معلّبة من سوريا، فيأخذ بها رؤساء الجمهورية ورؤساء الحكومة ويباركها رؤساء المجلس أو الرئيس المزمن لمجلس النواب.

وتحضرنا، في هذا المجال، حكاية وزير خارجية فرنسا، و«نظيره» وزير خارجية لبنان، ذات لقاء بينهما في «الكاي دورسيه»، عندما قال الوزير الفرنسي لـ«زميله» الوزير اللبناني: «من غير المعقول أن تكونوا مرتبطين بسوريا إلى هذا الحد… ونحن لا نعترض على حسن الجوار، ولكننا نستغرب أن تحكّموا السوري في شؤونكم كلها». فأجابه الوزير اللبناني: لماذا تستغربون؟ ألستم تتدخلون في شؤون بلجيكا واللوكسمبورغ؟».

ورد الفرنسي: «كلاّ… نحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية لهذين البلدين، ولكننا ننسّق معهما في القضايا الأوروبية» وأضاف: هل سمعت أننا نعيّن في بلجيكا مثلاً، رئيس الحكومة ووزراءه، وحتى رؤساء واعضاء المجالس البلدية والمختارين والمديرين العامين وحتى رؤساء المصالح والدوائر كما يفعل السوري عندكم؟».

في أي حال إننا نعرب عن خشيتنا من أن يتحوّل هذا «الحوار» الساخن الى ما هو أشد وأدهى، وهذا ما نحذر منه.
  

السابق
جعجع: الله يقطع هيك مقاومة
التالي
الموفد الصيني بعد لقائه الأسد: ندعو الحكومة والمعارضة والمسلحين الى وقف العنف في سوريا