النهار: الردّ الأعنف لنصر الله على 14 آذار وهوف يفاجئ بيروت بدفع ملف النفط

رسمت الكلمة التي ألقاها الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله مساء أمس في "الذكرى السنوية للقادة الشهداء"، وخصوصا في شقها الداخلي، سقفاً مرتفعاً اضافيا لمناخ الاستقطاب الحاد الذي يعيشه لبنان نتيجة انعكاس الازمة السورية عليه.
ذلك ان رد السيد نصر الله على خطباء قوى 14 آذار في مهرجان "البيال" الذي أقيم الثلثاء الماضي، اتسم بجملة مفارقات استرعت الانتباه من حيث خروجه عن بعض الخطوط التقليدية التي غالباً ما طبعت اطلالاته. فهو تعمد للمرة الاولى منذ مدة طويلة الرد شخصيا وبالاسم على كل من الخطباء الثلاثة في مهرجان "البيال" الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع والامين العام لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد، واستثنى في ردوده الرئيس امين الجميل وحده مما اكسب هذا "التحييد" للجميل دلالة.
كما ان نصر الله ركز هجومه على قوى 14 آذار وخصوصاً في مسألة اتهامها "بالتورط" في الازمة السورية حتى من زاوية "التسليح والتحريض"، مما عد محاولة لاحداث "توازن الرعب" بين اعلان قوى المعارضة اللبنانية تحالفها مع المعارضة السورية وموقف "حزب الله" وحلفائه في تأييد النظام السوري.
اما المفارقة الثالثة فتمثلت في نبرة الرد اذ تعد كلمة نصر الله اعنف هجوم على قوى 14 آذار منذ عام 2005، وان يكن قرن هذا الهجوم تكراراً بابداء استعداده لحوار من دون شروط.
ومن خارج سياق هذا الرد استرعى الانتباه ايضا تجاهل الامين العام لـ"حزب الله" ملف المحكمة الخاصة بلبنان تجاهلا تاماً، الامر الذي اكتسب دلالة بارزة ايضا، خصوصا ان كلمته جاءت غداة اعلان قصر بعبدا صيغة "اخذ العلم" بالتمديد للمحكمة.
وقد تناول نصر الله في كلمته موضوع الحوار فقال ان "اي دعوة الى الحوار الوطني من دون شروط مسبقة هي دعوة مقبولة ونؤيدها ونشارك فيها، اما اذا كانت الى حوار بشروط فهذه ليست دعوة". ثم اورد ردوده على خطباء مهرجان "البيال"، فقال: "كنت افضل في بعض ادبيات الخطاب لو عدّد اسماء المجازر (في سوريا) احد غير الدكتور جعجع لكان أفضل". واضاف: "ساخراً: "اما عن خطاب الاسطنبولي ("المجلس الوطني السوري") فاذا كان المتحدث باسمه فارس سعيد هذه بداية جيدة". وتوجه الى قوى 14 آذار قائلا: "ارونا معياركم الواحد" وذكر بكلام للرئيس سعد الحريري قبل سنة رد فيه على موقف الحزب من حوادث البحرين واتهمه بزج لبنان في خضم تحركات بعض البلدان العربية. وطالب نصر الله "بوضع هذا الكلام امام خطب البيال" متسائلا: "اين المنطق؟ ولماذا تقاتلون بالمال والسلاح وانتم كلكم متورطون في تسعير القتال في سوريا؟". كما تسأل: "اذا ذهبت سوريا الى حرب اهلية وهذا ما تعمل عليه اسرائيل واميركا ماذا تحضرون انتم للبنان؟".
واثار موضوع التمويل فقال: "نحن اموالنا من ايران لدعم المقاومة، اما انتم فقولوا لنا اموالكم من اين؟". واضاف: "منذ عام 2005 انفقت قوى 14 آذار ما يزيد على ثلاثة مليارات دولار، من اجل اي شيء هذا المال؟". واستدرك: "يا قادة 14 آذار لستم في موقع من يضع الشروط او يمليها ولستم في موقع من يعطي الضمانات في لبنان لان اللعبة في المنطقة اكبر منكم، والحريص على منع الفتنة بين الشيعة والسنة يجب ان يعمل على وقف نوابه ووسائل اعلامه التي تحرض بلغة طائفية ليلا ونهاراً".
ونفى نصر الله من جهة أخرى أي علاقة لـ"حزب الله" بالتفجيرات التي حصلت في الهند وجورجيا وتايلاند قائلا: "ثأرنا لدماء الحاج عماد مغنية ليس في مجندين أو ديبلوماسيين اسرائيليين وسيأتي يوم نثأر فيه لعماد مغنية ثأرا مشرفا".

سعيد
وفيما يتوقع أن يرد جعجع على نصر الله في الاحتفال الذي تقيمه "القوات اللبنانية" اليوم لاعلان شرعتها الحزبية الجديدة، قال منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد معلقا على خطاب نصر الله: "انتظرنا منه جوابا عن عرض فريق 14 آذار ان يعود "حزب الله" الى الدولة بشروط الدولة، وهي التعاون مع المحكمة الدولية بتسليم المتهمين وتنظيم تسليم السلاح ليكون في كنف الدولة. لكن الجواب أتى ملتبسا فلم نفهم هل يريد أو لا العودة الى الدولة بشروطها، أم انه يريد استمرار الانقسام السياسي الذي يتمحور على سلاحه".
وأضاف: "في الشكل لم نعتد لجوء السيد نصر الله الى اهانة الناس وهذا لا يليق به وبمركزه. واذا كان مؤمنا فعلا فليتذكر ان لا شجرة مهما علا رأسها تصل الى ربها".

هوف والنفط
وسط هذه الاجواء قام المنسق الاميركي الخاص لشؤون المنطقة فريديريك هوف بزيارة مفاجئة وخاطفة امس لبيروت اجتمع خلالها مع كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وقيادة الجيش. وأفادت السفارة الاميركية ان هوف "شجع لبنان على التوصل الى حل لموضوع حدوده البحرية"، معربا عن "تأييده لتطوير احتياط النفط والغاز في الحقول البحرية على نحو يساهم في السلام والاستقرار والازدهار".
وأبدى بري مساء لـنا ارتياحه الى نتائج لقائه هوف، وقال: "الاجواء ايجابية والموقف جيد وأكدت أمامه حق لبنان في ثروته في النفط والغاز والحفاظ عليها، كما أكدت له ان موقف لبنان هو عدم التنازل عن كوب من النفط وهذا حق لنا ولأجيالنا المقبلة وأمانة لن نتنازل عنها".
وأفادت معلومات لـ"النهار" ان زيارة هوف تركت انطباعات ايجابية لدى من التقاهم، ووصف موقفه من ملف الحدود البحرية والثروة الطبيعية العائدة الى لبنان بأنه يساهم في التوصل الى حل.

بديل نيابي
أما على صعيد الأزمة الحكومية، فأكدت أوساط الرئيس ميقاتي لـنا استمرار المراوحة وإن تكن تحدثت عن مساعٍ جدية تجري بعيدا من الاضواء وبتكتم شديد لضمان نجاحها.
وبرز في هذا السياق مسعى نيابي لتجاوز مأزق امتناع وزير العمل شربل نحاس عن توقيع مرسوم بدل النقل، إذ أدرج على جدول اعمال الجلسة الاشتراعية لمجلس النواب الاربعاء المقبل اقتراح قانون معجل مكرر قدمه النائب نبيل دو فريج يجيز للحكومة تحديد بدل النقل اليومي والمنح المدرسية. كما أدرج اقتراح آخر قدمه النائبان مروان حماده ونديم الجميل بصفة المعجل المكرر يهدف الى حل أزمة وصلة المنصورية لنقل الطاقة الكهربائية بواسطة خطوط تحت الارض ويجيز اعطاء وزارة الطاقة 60 مليار ليرة.
وقالت أوساط ميقاتي عن الاقتراح الاول إن إقراره يحل مشكلة العمال لكنه لا يحل الازمة الحكومية بل يعمقها اذا لم يتم التوصل الى حل قبل الاربعاء، باعتبار ان امتناع الوزير نحاس عن توقيع المرسوم سيشكل سابقة دستورية لن يقبل ميقاتي ان تسجل في عهد حكومته.
ويشار الى ان ميقاتي انتقل ليل امس الى طرابلس للاطلاع على الاوضاع الامنية السائدة فيها.  

السابق
الراي: لبنان أمام استقطابات… أشدّ حدّة: نصفه مع الأسد ونصفه مع معارضيه
التالي
الاخبار: نصر الله لـ14 آذار: اللعبة أكبر منكم