البناء: نصرالله : أليس غريباً اصطفاف أميركا والغرب والعرب المعتدلين و القاعدة لإسقاط سورية ؟

دخلت الأزمة الحكومية في مزيد من التعقيدات مع توسع رقعة السجال السياسي حول الأسباب التي انتجت تعطيل عمل الحكومة، وأدت الى هذا الشلل في معالجة الملفات الحيوية، في وقت تنتظر كل الأطراف المعنية انعقاد الجلسة العامة لمجلس النواب الاسبوع المقبل علّها تساهم في رأب الصدع داخل الحكومة، وإن كانت المؤشرات الحالية توحي بامكان ايجاد حلول لأزمة بدل النقل في ضوء ما سيطرح على الجلسة من اكثر من اقتراح قانون لشرعنة بدل النقل والمنح المدرسية، بحيث تحل تلقائياً باقرار القانون مسألة اعتراض وزير العمل على توقيع مرسوم بدل النقل الذي كان أقره مجلس الوزراء.
ولذلك، يستبعد ان يجد المأزق الحكومي حلولاً له من خلال انعقاد الجلسة العامة، اذا لم تسبقها اتصالات ومساع تفضي الى مخارج للخلاف على التعيينات الادارية على اعتبار أن الخلاف على بدل النقل سبق تعليق جلسات الحكومة، خصوصا ان مقاربة التعيينات تختلف بين كل من رئيسي الجمهورية والحكومة ميشال سليمان ونجيب ميقاتي من جهة، والعماد ميشال عون من جهة ثانية، وهو الأمر الذي غمز منه ميقاتي أمس، منتقدا بصورة غير مباشرة رؤية رئيس تكتل التغيير والإصلاح لهذا الملف.
وعلى الرغم من ذلك، فإن مصادر متابعة لاحظت ان تعليق جلسات مجلس الوزراء انتجت بعض ما اريد منه وهو تمرير التمديد لعمل المحكمة الدولية من دون العودة الى المجلس، ما يطرح الكثير من التساؤلات.
وفي ظل هذه الأجواء، وضع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمة له مساء امس في ذكرى الشهداء ـ القادة النقاط على الحروف حول الكثير من الملفات الداخلية والاقليمية، فأكد ان سورية مستهدفة لانها وقفت في وجه المشروع الاميركي ـ "الإسرائيلي" ودعمت المقاومة. ودعا فريق "14 آذار" الى عدم التدخل في الشأن السوري وتصدير السلاح واثارة الفتنة بين أهلها. وقال لهذا الفريق: "لست في موقع من يضع الشروط للحوار، ولست في موقع من يعطي الضمانات في لبنان"، مشددا على بقاء حكومة الرئيس ميقاتي.
قرار الجمعية العامة
لا يساوي "ثمن ورقة"
أما على مستوى الوضع السوري، فان لجوء الجمعية العامة للأمم المتحدة ليل أمس الى التصويت على مشروع القرار المشبوه الذي كانت تقدمت به كل من السعودية وقطر لمزيد من التحريض ضد سورية، فلن يغير شيئا في واقع الأمور، ولا في حال التخبط الذي يتعرض له مشروع التآمر الخليجي ـ الغربي ضد سورية، بل على العكس، فهذا القرار وما سيصدر عما يسمى مؤتمر "أصدقاء الشعب السوري" الذي سيعقد في تونس يوم 24 الجاري أيضا، سيزيدان من صلابة الموقف السوري ومن اصرار القيادة السورية على التصدي وضرب الفتنة التي تسعى الى تقسيم سورية واشاعة أجواء الحرب الأهلية، وأيضا على المضي في الإصلاحات.
وبدا واضحا أن الحقد قد ملأ قلوب أمراء النفط من خلال رفض السعودية وقطر بعض التعديلات التي كان اقترحها المندوب الروسي في الأمم المتحدة على مشروع القرار، فكان اصرار غربي بالتناغم مع عرب أميركا على السير بالصيغة نفسها التي اعدت في الغرف السوداء الأميركية والخليجية. وهو ما يؤكد عدم جدواه في مواجهة الموقف الروسي الرافض لعدم الأخذ بتعديلاته.
التآمر السعودي والقطري بالاثباتات
وأمس، ردت دمشق عبر صحيفة "تشرين" على الهجمة الخليجية الغربية مؤكدة ان هذه الهجمة من أطراف هذا التحالف أكبر مما يتصورها كثيرون، وهي معدة مسبقاً، ومبرمجة، ومحضّر لها تمويلاً وتسليحاً، وموجهة بشكل أساسي نحو عمل كل ما من شأنه إسقاط الدولة السورية، وصولاً إلى القضاء على نهج المقاومة الذي تمثله، والذي غيّر الكثير من المعادلات في مواجهة العدوانية "الإسرائيلية". وأكدت الصحيفة أن "ما تتعرض له سورية هو مصلحة "إسرائيلية" ثبت بالأرقام والوقائع، بدءاً بمواقف وتصريحات وتحركات أعضاء "مجلس اسطنبول"، مروراً باستنفار بعض دول الخليج العربية ضد سورية، وانتهاء بما يجري على الأرض السورية من ارتكابات المجموعات الإرهابية المسلحة المدفوعة الأجر سلفاً". ‏
وأوضحت الصحيفة، ان هناك كثيراً من المعلومات حول تآمر دول الخليج. واشارت الى مسألتين: الأولى ومصدرها جهة إعلامية قطرية تؤكد ان حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رتب عقد لقاء في الدوحة ضم اعضاء في "مجلس اسطنبول" ومسؤولين "إسرائيليين"، جرى التداول فيه حول العلاقات بين الجانبين، وتقديم الضمانات للجانب "الإسرائيلي" حول هذه العلاقات. ‏والثانية، وقد سُربت إلى بعض وسائل الإعلام، ومفادها أن سعود الفيصل تعهد لأعضاء في حكومة رجب طيب أردوعان بأن يدفع لتركيا ضعفي خسائرها الاقتصادية سلفاً، إذا ما مضت قدماً في تنفيذ ما تسمى المنطقة العازلة على الحدود السورية، وأغراها كذلك بأمور اقتصادية أخرى. ‏هذا إضافة إلى ما تدفعه السعودية وقطر من جعالات مالية كبيرة لأعضاء "مجلس اسطنبول" والمجموعات المسلحة.
وفي بكين، جدد نائب وزير الخارجية الصيني تشاي جون التأكيد على رفض بلاده التدخل العسكري أو تغيير النظام بالقوة في سورية، معربا عن ادانته لكل أنواع العنف ضد المدنيين الابرياء، وقال: "نأمل ان يتم حل الازمة السورية في اطار عمل الجامعة العربية ومن خلال الطرق السلمية والسياسية".
 روسيا تجدد ارتياحها للاستفتاء
كذلك، جددت الخارجية الروسية ترحيبها بإعلان سورية عن اجراء استفتاء على الدستور الجديد في 26 شباط الجاري، ورأت في هذه الخطوة برهانا على التزام القيادة السورية بالجدول الزمني المعلن لاجراء التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالرغم من تعقيدات الوضع الأمني في البلاد. ودعت جميع القوى السياسية بما في ذلك المعارضة الى بذل الجهود بهدف خلق الظروف الملائمة لنجاح الاستفتاء حول مشروع الدستور ووقف العنف وبدء الحوار الوطني.
وفي هذا السياق، اكد السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبيكين ان روسيا لن تقبل بأي مشروع قرار غير متوازن في مجلس الأمن.
كما أوضح سفير روسيا في مصر سيرغي كربيشينكو ان روسيا ستقدم اقتراحا لاستضافة الأطراف المعنية بالوضع في سورية وكذلك الجامعة العربية في موسكو لاطلاق الحوار الوطني، مشيرا الى ان بلاده تجري مشاورات بشأنه.
وفي هذا السياق، أعلن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الدوما الروسي ألكسي بوشكوف، أنه "سيزور سورية للإطلاع على الأوضاع في البلاد وإجراء محادثات مع القيادة السورية".
لقاء لافروف وجوبيه
في سياق متصل، عقد وزيرا خارجية روسيا سيرغي لافروف وفرنسا آلان جوبيه اجتماعا في فيينا أمس بحثا فيه الوضع في سورية، لكنهما لم يدليا بأي تعليق بعده.
وكان جوبيه لفت الى "امكانية الوصول الى حل وسط مع روسيا حول الوضع في سورية"، مشيرا الى "قرار أممي جديد مع روسيا لإنهاء العنف في سورية".
وحراك ألماني ـ تركي!
كذلك أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية أن وزير الخارجية الألمانية غويدو فيسترفيلله أجرى أول من أمس اتصالاً هاتفياً بنظيره التركي داوود أوغلو بحثا خلاله الوضع في سورية.
وأشار المتحدث إلى أن «هذه هي أول محادثات من نوعها بين أفرقاء مجموعة الاتصال الخاصة بمؤتمر «أصدقاء سورية» المزمع عقده في الرابع والعشرين من الشهر الحالي في تونس».
وقد أكد الوزير الألماني على «ضرورة أن يبعث هذا اللقاء بإشارة واضحة دالة على التعاطف مع الشعب في سورية، ودعم جهود جامعة الدول العربية الرامية إلى إنهاء الأزمة هناك…».
أوغلو وأوهام «مؤتمر تونس»
وأمس توقع وزير خارجية تركيا داوود اوغلو أن يبعث مؤتمر «أصدقاء سورية» ما وصفه رسالة قوية للنظام السوري، داعياً الأمم المتحدة إلى «التدخل من أجل توفير المساعدة الإنسانية في سورية».
…. ووزير خارجية إيطاليا؟
بدوره، رأى وزير الخارجية الإيطالي جوليو تيرسي أن الرئيس بشار الأسد «تجاوز خط اللاعودة»، قائلاً: «هذا الاحساس يصلني من خلال اتصالاتي بجامعة الدول العربية والمعارضة السورية»!
وقال إن بلاده مع واشنطن تدعمان خطة الجامعة العربية من أجل وقف العنف في سورية عبر قرار من مجلس الأمن الدولي. لكنه كرر نفيه احتمال القيام بتدخل عسكري حالياً في سورية على غرار ما حدث في ليبيا قائلاً إن «الأمر مستحيل في الظروف الراهنة فلا يوجد طلب تدخل ولا حتى إنساني».
البرلمان الأوروبي
من جهته، دعا البرلمان الأوروبي «لسحب السفراء الأوروبيين من دمشق، ولرفع مستوى الدعم السياسي والتقني لما تسمى المعارضة السورية. وفي موازاة ذلك، صوت البرلمان الأوروبي أمس على قرار يدعو لإقامة ممرات آمنة في سورية. كما أعرب عن دعمه لمؤتمر «أصدقاء سورية».
كي مون يردد «مقولات أسياده»
أما الأمين العام للأمم المتحدة فهو يسير على خطى أسياده في البيت الأبيض، فادعى أمس أن «الأولوية يجب أن تعطى لوقف قتل الشعب السوري لا لتعديل الدستور»، مكرراً قفزه فوق إرهاب المجموعات المسلحة متهماً «الدولة السورية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية»!
كذلك أدانت منظمة «مراسلون بلا حدود» ما وصفته اعتقال الأجهزة الأمنية السورية في وقت سابق 14 ناشطاً بينهم الناشط الإعلامي مازن درويش رئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير والمدونة رزان غزاوي في دمشق.
نصر الله: لهذا يستهدفون سورية
أما في الشأن الداخلي، فقد حدد السيد نصر الله في كلمته مساء أمس في ذكرى القادة الشهداء مواقف الحزب من الوضع الإقليمي والداخلي، خاصة ما يتعلق بموقع المقاومة في الصراع مع العدو «الإسرائيلي»، مؤكداً الاستمرار في التسلح لمواجهة هذا العدو.
وتطرَّق السيد نصر الله إلى الوضع في سورية وقال: إنهم يمنعون السلاح عن المقاومة في فلسطين ولبنان، لكنهم يرسلون السلاح إلى سورية. وتساءل: «لأجل من يدعمون هذا الاصرار الغربي «الإسرائيلي» ـ العربي على القتال في سورية وإسقاط النظام، ألا يدعو هذا إلى التوقف»؟.
وسأل السيد نصر الله: «لماذا الاصرار من العالم على إسقاط النظام في سورية، أليس غريباً اصطفاف أميركا والغرب والدول العربية «المعتدلة» ومعها القاعدة لإسقاط سورية؟ هل يستطيع أحد أن يناقش أن النظام في سورية ممانع، هذا النظام لم يستسلم ولم يخضع لأميركا ولا لـ «إسرائيل» ولم يبع المقاومة … هذا النظام وقف في وجه المشروع الأميركي «الإسرائيلي» ودعم المقاومة». وقال: «هذا النظام يحتاج إلى الإصلاح. الكل ينادي بالإصلاح بمن فيهم قادة النظام».
أضاف: «ما أقدم عليه الرئيس الأسد والقيادة السورية من إصلاحات، هل يمكن أن يقدم عليه ملك أو أمير أو شيخ في أي نظام عربي حالي؟ فعندما تكون هناك إصلاحات جدِّية يسخر منها الأميركيون، لأنهم لا يريدون الإصلاحات بل يريدون تدمير سورية ومصر».
دعوة ملتبسة للحوار
وتناول السيد نصر الله مهرجان فريق 14 آذار في «البيال» وقال: نحن أهل حوار ونحترم الأطراف الأخرى، وأي دعوة للحوار دون شروط مسبقة مقبولة ونؤيدها ونشارك فيها، أما إذا كانت بشروط فهذه ليست دعوة إلى الحوار، موضحاً أن ما قيل في احتفال «االبيال» هو دعوة ملتبسة. وقال: «أتمنى أن أسمع دعوة واضحة حول الحوار».
وسَخِرَ السيد نصر الله مما تحدث عنه سمير جعجع عن مجازر مزعومة في سورية، وقال عن خطاب المجلس الاسطنبولي: "إذا كان المتحدث باسمهم فارس سعيد فهذه بداية جيدة».
وسأل السيد نصر الله فريق 14 آذار: «هل قوانين سورية أو لبنان تسمح بأن تدخلوا السلاح وأن تحرضوا السوريين على بعضهم البعض؟ وإذا كان إرسال السلاح إلى المقاومين الذين يقاتلون عدو هذه الأمة مداناً ـ مشيراً إلى ما سميّ خلية حزب الله في مصر ـ فكيف تفعلون ذلك في قضية فيها فتنة وشبهة؟» وقال: «أدعوكم إلى الهدوء وحاسبونا على نفس معاييركم».
من أين هي أموالكم؟
كما سأل السيد نصر الله فريق 14 آذار عن مصدر الأموال التي انفقوها منذ العام 2005 والتي تزيد عن الثلاثة مليارات دولار، وسأل هذا الفريق: «هل أنتم مقتنعون أن «الربيع العربي» ولد من رحم ثورة الأرز؟ «الربيع العربي» انفجر ضد الأنظمة التي تديرها رايس وكلينتون ونفس الذين يديرونكم؟ ولو نجحت الحرب «الإسرائيلية» على لبنان عام 2006 وحرب غزة ونجحت أميركا بحرب العراق هل كان سيولد «الربيع العربي»، أم كان سيحل على بلادنا خريف قاسٍ».
ووجه السيد نصر الله كلامه إلى فريق 14 آذار قائلاً: «لستم في موقع من يضع الشروط أو يملي الشروط، فإذا بنيتم على قراءة اقليمية معينة، فانتم مشتبهون، ولستم في موقع من يعطي الضمانات في لبنان لأن اللعبة في المنطقة أكبر منكم». وقال: «إن الحريص على منع الفتنة بين السنة والشيعة يجب أن يعمل على وقف نوابه ووسائل إعلامه التي تحرض بلغة طائفية في الليل والنهار». أضاف: «مع الأخذ بعين الاعتبار هذه النقاط، نحن مع الحوار دون شروط مسبقة وجاهزون للانفتاح، وخيار اللبنانيين أن يكونوا مع بعض، ونحن مع الاستقرار، ومع بقاء الحكومة ومعالجة وضعها، وتستحق على المستوى الوطني أن يحافظ عليها».
وأكد السيد نصر الله أن لا علاقة للحزب بالتفجيرات التي استهدفت سفارتي العدو «الإسرائيلي» في الهند وجورجيا وانفجار تايلاند.
بري ما زلت على موقفي
وفي شأن معالجة الملف الحكومي جدد الرئيس نبيه بري أمام زواره أمس القول: انني ما زلت على موقفي بعدم التدخل، مذكراً بما قاله في هذا المجال للنواب بعد لقائه الرئيس نجيب ميقاتي.
وعندما سئل عن ربط موعد انتهاء مهلة المحكمة بعودة جلسات الحكومة، اكتفى بالقول: «أسألوا غيري».
أما في ما يتعلق بجلسة مجلس النواب العامة المقررة، الأربعاء المقبل لفتت مصادر نيابية بارزة إلى أن الاقتراح المقدَّم بشأن موضوع بدل النقل، جاء من أحد نواب فريق 14 آذار (نبيل دوفريج) وهو يصب في مصلحة وزير العمل وإنهاء هذه المسألة.
ميقاتي «يغمز من قناة» عون
وفي هذا السياق غمز الرئيس ميقاتي من «قناة» العماد ميشال عون دون تسميته، ورأى في كلمة له أمس أن «لبنان قام ولا يزال على قواعد لا يمكن اليوم أو في أي زمن آخر تبديلها بارادة احادية». وقال: «من غير المسموح أن يعتبر بعضنا أنه يختصر في شخصه أو تياره أو حزبه سائر شركاء الوطن».
ورأى أن ما حصل في الأيام الماضية على الصعيد الحكومي لم يكن ولن يكون تهرباً من المسؤولية، بل العكس، هو حماية للمؤسسات الدستورية التي يجب أن تبقى فوق المناكفات السياسية وللإفساح في المجال أمام تصحيح واقع سيؤدي إذا استمر إلى مزيد من الضياع.  

السابق
الشرق: ميقاتي: غير مقبول ان يختصر بعضنا في شخصه شركاء الوطن وكأنه يحمل عنهم وكالة حصرية
التالي
اللواء: ميقاتي في مرفأ بيروت: غير مقبول إعتبار البعض أنه يختصر سائـر شركاء الوطـن