نصرالله يقرع طبول المعركة اليوم!

مما لا شك فيه أن كلمة الرئيس سعد الحريري أوّل من أمس، بما تحويه من رسائل سياسية، وتحديداً إلى "حزب الله"، تركت الأثر الكبير على الداخل اللبناني، في انتظار ردّ الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله اليوم، في ذكرى "القادة الشهداء".
التجربة في السنوات السابقة لا تُشجّع كثيراً، كون اليد الممدودة هي سياسة ليست بجديدة على الحريري أولاً، وعلى قوى 14 آذار ثانياً، وكون الطرف الآخر لم يردّ يوماً على هذه "اليد" إلا سلباً، وما الانتخابات النيابية عام 2009 وحكومة الوحدة الوطنية من ثم الإنقلاب عليها سوى خير دليل على كيفية تعاطي قوى 8 آذار مع المبادرات الإيجابية لخصومهم السياسيين.

الأسئلة كثيرة، والأجوبة قد تكون اليوم وقد لا تكون. فكيف سيكون نصر الله؟ هل قرأ خطاب الحريري وطنياً أم أنّه سيكتفي بقراءة معطى ردده دائماً يفيد بأن لا شيء في حمص وأن نظام الأسد باقٍ إلى ما شاء الله؟ وماذا سيقول للشيعة، إن كانوا معه أو لا يوافقونه الرأي، عن مستقبلهم في هذا البلد؟ وهل سيرد لبنانياً على سعد الحريري أم سيفتح الكتاب الإقليمي لمواجهته؟ وهل يبدأ رحلة العودة إلى الدولة أمّ سيستفيض في الحديث عن مؤامرة تستهدف الممانعة، وسينتصر عليها في نهاية المطاف؟
أوساط شيعية مستقلّة، لا تتوقع أن يقوم السيّد نصرالله "بخطوة كبيرة في الاتجاه الذي يُطمئن الجميع، شيعة كانوا أو غير شيعة، إذ إن الموضوع يتعدى الطائفة إلى حدود الوطن ككل، والسيّد إلى اليوم يتمسّك بقراءته الإقليمية، وهو أعلن منذ وقت ليس ببعيد مدى علاقته بإيران، وبالتالي لا شيء سيتغيّر على هذا الصعيد، ولن يكون الردّ على انفتاح سعد الحريري، سوى بتحوير جديد للواقع والذهاب بعيداً في عكس التيار".

تضيف الأوساط: "الشيعة اليوم لديهم مشكلة داخلية بات عليهم أن يعوا مدى خطورتها. هناك أنظمة تزول ومعادلات جديدة تتركّب في المنطقة، ولبنان سيتأثّر بها. ولهم (أي الشيعة) أن يختاروا بين البقاء ضمن حدود الطائفة وما يفرضه عليها البعض، أو الخروج إلى المساحة الوطنية بقراءة جديدة، بالتأكيد لا تلتقي بأغلبيتها مع 14 آذار، بل أقلّه تراعي مصلحة الوطن، وتُدرك ما معنى تحرّك الشعوب وحريّتها".
 ذا في جانب، أمّا في جوانب أخرى، فتقول مصادر عليمة في المعارضة: "لقد مدّت قوى 14 آذار مرّة جديدة اليد إلى حزب الله، وخطا الرئيس الحريري خطوة إلى الأمام لتحصين لبنان من تداعيات ما يحصل من حولنا. وإذا كان قد أخذ على عاتقه منع الفتنة توازياً مع الربيع العربي، فإن من المنتظر أن يرد نصر الله على هذه المبادرة بالإنكار والتغاضي عن واقع لا مفرّ منه، سيأتي على لبنان.
وبين هذا وذاك، يبقى الانتظار هو سيّد الموقف، وانعدام الأمل بردٍّ على قدر المبادرة، يعكس بوضوح عمق الأزمة السياسية التي نسجها الحزب وعززها طيلة المرحلة السابقة، كما يعكس في مكان ما، حجم العزلة التي يريدها لنفسه ولكلّ من يدور في فلكه، مما يجعل الرهان على "لبننة" مطلوبة، هو كالرهان على حصان أكل منه المضمار وشرب.. ولم يبقَ له سوى الاستعراض.

أبعد وأخطر من ذلك، تقف مصادر سياسية مطلعة أمام الأزمة الناشئة بين إيران وإسرائيل على خلفية تفجير الهند والعبوة التي عُطلت في جورجيا، واتهام إسرائيل لطهران بالوقوف وراءهما. هذا الاتهام زاد عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: "نجحنا في احباط هذه العمليات الارهابية بالتعاون مع الجهات المحلية. وفي كل هذه الاحداث، الاطراف التي وقفت وراء هذه العمليات الارهابية كانت ايران وحزب الله اللبناني".
هنا، تقول المصادر: "الخطاب الأخير لنصر الله أكّد الانسجام الكامل بين الحزب وطهران، في خطابه اليوم هناك معطى جديد هو التصعيد الإسرائيلي. بالطبع سيقف في خلاله مع إيران، هذا الوقوف وحجمه يؤشران إلى جديد قادم على لبنان والمنطقة، يتعدى الحرب الكلامية إلى حرب حقيقية".

تضيف المصادر نفسها: "إن كان الحزب يريد الدخول في مواجهة مع إسرائيل بالواسطة، فهذا يعني أنّ الخدمة المباشرة هي على خطين، الأوّل إراحة النظام السوري في حربه على شعبه، والثاني خوض معركة بالإنابة عن إيران، هذه المعركة التي لم تدخلها طهران أبداً، بل لديها من يدخلها عنها".
قال النائب وليد جنبلاط منذ فترة: "إحذروا جنون نتنياهو". وبين هذا المجنون وحسابات الحقل الإقليمي لدى "حزب الله"، هل يبدأ الأفرقاء المعنيون قرع طبول الحرب اعتباراً من اليوم!؟ 

السابق
ما قصده الحريري من تعميم الإتّهام؟
التالي
لا سلام إلا بإسقاط النظام السوري!