اللواء: ميقاتي ينتظر مبادرة .. وبري بانتظار إشارات إقليمية

«تم أخذ العلم بذلك»
هذا ما رشح عن اجتماع الرئيس ميشال سليمان مع كل من الوزيرين العدل شكيب قرطباوي والخارجية عدنان منصور، وهم يتداولون بالكتاب الذي وجهه الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، عبر الخارجية اللبنانية، والذي يؤكد فيه عزمه على التمديد لعمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والقضاة الملحقين بها مدة ثلاث سنوات، وذلك انفاذاً للبند رقم 2 من المادة 4 من الاتفاقية الموقعة بين الامم المتحدة والحكومة اللبنانية بشأن انشاء المحكمة، والمادة 21 (البند الثاني) والذي ينص على ما يلي: «بعد مضي ثلاث سنوات على بدء عمل المحكمة الخاصة يقوم الطرفان بالتشاور مع مجلس الامن باستعراض ما تحرزه من تقدم في اعماله، واذا لم تكتمل انشطة المحكمة في نهاية الثلاث سنوات، يمدد الاتفاق للسماح للمحكمة بانجاز عملها، وذلك لمدة (أو مدد) اضافية يحددها الامين العام بالتشاور مع الحكومة ومجلس الامن».
وبأخذ العلم هذا، الذي تشاور فيه الرئيس سليمان مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، تكون الحكومة اللبنانية قد أيدت ضمناً رغبة الامين العام بالتمديد، بانتظار صدور قرار عن مجلس الامن.
على ان السؤال في خضم ازمة تعليق جلسات الحكومة هل انقضى الامر عند هذا الحد، وصار التمديد للمحكمة والقضاة اللبنانيين امراً مقضياً؟ أم ان ثمة كلاماً سيبدأ بالتعليق والانتقاد من اوساط 8 آذار و«حزب الله» على وجه التحديد؟ أم ان المتغيرات الحاصلة في المنطقة ستجعل الفريق المناوئ للمحكمة «يبلع» الحبة المرة، كما حدث بالنسبة للتمويل؟
الاوساط السياسية التي لاحظت ان الوزيرين قرطباوي ومنصور اللذين غابا عن السمع واللذين يمثلان فريقين مناهضين للمحكمة واجراءاتها واتهاماتها فضلاً عن المحاكمة، اعتبرت ان الامر مناط بالامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي سيكون له كلمة مهمة اليوم خاصة وانه يتولى ادارة ملف المحكمة وتحديد المواقف منها تباعاً، والتي اضيف اليها موضوع جديد تمثل بدعوة الرئيس سعد الحريري لقيادة الحزب لمراجعة مواقفها من تسليم المتهمين الاربعة، لحصر الاتهام ومنع تعميمه، وبالتصرف بمسؤولية اخلاقية ومناقبية وطنية.
واضافت هذه الاوساط ان المسألة تخطت المواقف اللبنانية وتخطت الحكومة نفسها، لكن مسألة تجاهل التمديد للمحكمة والقضاة قد تكون موضع تعليق من قيادة «حزب الله» التي تجاهلت مع قوى أخرى من 8 آذار التعليق على المواقف والدعوات التي أطلقها الرئيس سعد الحريري في احتفال الذكرى السابعة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري الذي أقيم أمس الأوّل في البيال.
أبعد من المحكمة
وأشارت هذه الاوساط، الى أن الأزمة الحكومية، وأن بدت في جانب منها تتصل بالمحكمة، الا انها في جوانب أخرى بدت مفتوحة على عناصر المشهد الإقليمي من سوريا إلى إيران والتطورات الجارية في هذين البلدين وتداعياتها على الإقليم العربي والمصالح الدولية المتضاربة، الأمر الذي يفسّر لماذا يمضي الرئيس نبيه برّي في احجامه عن التحرّك ولو من باب رفع العتب، إذا لم يكن من باب جدي لمعالجة أزمة تعليق الجلسات.
ولا يستبعد مصدر نيابي أن يكون رئيس المجلس بعد التمديد للمحكمة والقضاة، وعودة وزيره من إيران علي حسن خليل، قد كوّن فكرة عن المسارات المقبلة للمجابهة الحاصلة، والترتيبات اللبنانية المرتبطة بها، فيبنى على الشيء مقتضاه عندئذ.
 وأشار هذا المصدر إلى أن الموقف الذي أعلنه رئيس جبهة النضال الوطني، النائب وليد جنبلاط، في الحوار الذي جرى مع «اصدقاء كمال جنبلاط» من دعوة إلى رحيل الرئيس بشار الأسد، وهو أوّل موقف من نوعه، فضلاً عن اعتبار اتفاق الطائف انتهى، وانه لا بدّ من اتفاق جديد بين السنّة والشيعة على غرار الطائف الأوّل، يصب في اتجاه مزيد من الارهاصات اللبنانية المربكة للقرار الداخلي الذي اصطنع سياسة ما تزال موضع انتقاد عُرفت بسياسة النأي بالنفس إزاء ما يجري في سوريا.
لقاءات غير مُثمرة
و مهما كان من أمر فأن اللقاء الذي جمع الرئيسين بري وميقاتي في عين التينة، لم يخرج منه «الدخان الأبيض» المأمول عن إمكان تحريك رئيس المجلس «كاسحة ألغامه»، وبقي الأخير متمكساً بوجهة نظره، بأنه لا يرى أسباباً موجبة لتعليق الجلسات، وبالتالي فإنه غير مقتنع للتدخل في أي مسعى بهذا الخصوص، مشيراً إلى أنه غير مرتاح للوضع الحالي.
ولاحظت مصادر نيابية أن هاتين العبارتين اللتين قالهما الرئيس بري لرئيس الحكومة، تشير بوضوح إلى أن معالجة المشكلة داخل الحكومة ما تزال تقف عند عتبة باب مقفل، وهو ما يطرح علامات استفهام ما إذا كانت هذه الأزمة ستطول، أم أنه ستحصل محاولات غير ظاهرة حتى الساعة لرأب الصدع الحاصل بين بعض مكوّنات الحكومة.
وسخرت المصادر من التوصيف الذي يُعطى للأزمة الراهنة على أنه بسبب رفض وزير العمل توقيع مرسوم بدل النقل، أو بفعل الخلاف على التعيينات، ورأت أن الأمور تبدو أكبر من هذا وذاك، وأن وراء الأكمة ما وراءها، أي أن هناك قطبة مخفية ما تزال تتحكم بمسار الأمور تحول دون الوصول إلى حلول للأزمة.
إلا أن المصادر ذاتها تستدرك فتقول أنه في مطلق الأحوال فإن هذه الأزمة لن تبقى موجودة إلى ما لا نهاية، وأنه لا بد من ابتداع مخرج ما ينتشل الوضع الحكومي من حالة الشلل والمراوحة التي لا تصبّ في مصلحة أي فريق، وأن هناك إجماعاً موالياً ومعارضاً على ضرورة تحصين الوضع الداخلي حتى لا يقع لبنان في عين العاصفة، مشيرة إلى ان الاوضاع بالنهاية ليست متجهة نحو التأزم، سيما وان هناك بداية كلام في مضمون الازمة، سواء من خلال ما تم من لقاء بين الرئيسين بري وميقاتي، او بين الاخير والوزير جبران باسيل على هامش اجتماع اللجنة الوزارية لاستجرار الكهرباء بالبواخر.
التمديد للمحكمة
وتعتقد المصادر ان القرار الذي أُتخذ امس بعنوان «أخذ العلم» بالتمديد للمحكمة الدولية، هو احد معالم «تقطيع المرحلة»، وازالة الالغام من امام المسار الحكومي، لا سيما وان مرجعا دستوريا ابلغ «اللواء» انه لا يعتقد ان التمديد للمحكمة سيؤدي إلى اشكاليات، سواء بالنسبة إلى تمديد عمل القضاة اللبنانيين الذين سمتهم الحكومة اللبنانية، او بالنسبة إلى تقاعدهم، مشيرا إلى انه من الطبيعي، وبحسب منطق الامور ان يسري التمديد للمحكمة على القضاة ايضا خصوصا ان لا نص في البروتوكول عن مدة انتداب القضاة، وانما حسب المدة التي تقتضيها سير المحاكمة.
واكد المرجع ان القاضي يستمر في عمله حتى لو بلغ سن التقاعد، اذ ان هؤلاء القضاة الذين اختارهم الامين العام من ضمن لائحة اقترحتها الحكومة اللبنانية في حينه، اصبحوا قضاة دوليين مستقلين، ولم يعودوا يمثلون الحكومة أو الدولة اللبنانية، مثلهم مثل بقية القضاة الدوليين الآخرين الذين تمّ اختيارهم لذاتهم بناء على خبراتهم وعلمهم وكفاءاتهم وليس لكونهم يمثلون هذه الدولة او تلك، وبالتالي فهم غير مرتبطين بالنظام القضائي لدى دولهم، بل بالنظام الاساسي للمحكمة.
 

السابق
الحياة: حكومة معطلة أمام البرلمان الأربعاءوأزمتها تتجاوز بدل النقل إلى التعيينات
التالي
السفير: فضيحة المازوت: أين ذهبت المليارات منذ 2004؟