هييج الخطاب السياسي فَشَلْ

"القول المأثور حول السياسة لدى الشعب البريطاني هو التالي: الأمور تسير على النحو المعتاد" (وينستون تشرشل 1874-1965).
لو كان لدينا نحن الشرقيين قول مأثور حول "السياسة" (Politics) وخطاباتها يشبه ما ذكره تشرشل لربما سيكون التالي: "نكون أو لا نكون!" وفق رأينا, ما يجعل الخطابات السياسية في البيئة الشرقية مصيرية للغاية, وعلى شفا حفرة للغاية, و"قومجية" للغاية وإقصائية للآخر المعارض, وذلك بسبب أن ممارسة النشاط السياسي "السلمي" في البيئة الشرقية النمطية تقودها العواطف على طول الخط, (حتى لو كانت الأسباب موضوعية أو تتطلب فقط حلولاً إجرائية حكومية). بينما يتم إستبعاد الطروحات العقلانية والوسطية, وربما وصفها في أفضل الأحوال بالانهزامية وفي اسوأها "التآمر مع أعداء الأمة"!

شخصياً لا تعجبني السياسة العصبية بكل أنواعها وأشكالها وتجلياتها وجدلها الذي لا ينتهي. فهذا النوع من الخطابات السياسية الحانقة دائماً لا يتوافق مع عقلانية وهدوء وإستقرار نفسي وفكري نبحث عنه ونسعى اليه! فإذا كانت السياسة كممارسات سلوكية معينة وتصرفات تميل للغرابة أحياناً كثيرة, فربطها بالمطالبات اللا-منطقية والتغييرات السريعة والحتمية للأوضاع المحلية وإعتناق من يمارسها ما يبدو مصيرية عدمية (يا أبيض يا أسود, يا نحن أو أنتم, نكون أو لا نكون !) هو الأغرب.

منهجية الوعيد والتهديد و "الحمقية" وتهييج الخطاب السياسي المحلي وربما الرغبة في التنكيل بالطرف الآخر المختلف أو المعارض "فاشلة" لأنها لا تتواءم مع متطلبات عالمنا المعاصر, فقريتنا العولمية لن تقبل بعد الآن تطرف وغلو التوجهات والمواقف السياسية المحلية, بل لقد بدأ عالمنا المعاصر يميل نحو التوازن في العلاقات بين الدول والتهدئة والبناء والتشييد للبيئة المحلية الوطنية. فلا تتوافق التطلعات العالمية للتنمية البشرية مع خطابات فكرية أقل ما توصف ب¯ "التنرفزية" والمتشجنة.
تطبيق العقلانية السياسية ومحاولة التوفيق بين الأطراف الوطنية المتنازعة وإيجاد أرضيات مشتركة بين الفاعلين في البيئة الوطنية الواحدة أكثر فائدة من غيرها, فإعتناق خطابات سياسية واقعية وعقلانية أفضل من التشنج وإستخدام خطابات عدمية ضيقة الأفق. فلعل وعسى وربما ولو بعد أحيان وقرون.  

السابق
الانباء: الشيخ سعد برّأ الشيعة من دم والده: أتحمَّل مسؤولية منع الفتنة في لبنان
التالي
السفير: الحريري يضبط ساعة استعادة السلطة … على سقوط الأسد