لماذا يشعرن بالأمان مع الفوفو؟

برنار وريكو زميلان، يعملان في إحدى المؤسسات الإعلامية. الأول مصوّر فوتوغرافي من زحلة، إذا اضطر، لا يتوانى عن «أكل راس الحية» والثاني محرّر بيروتي، نعنوع وغنّوج، (تلافياً لاستعمال عبارة غير مستحبّة) محبوب من جميع زميلاته. صودف ان لديهما مهمة مشتركة.

– قالت المديرة لبرنار: "برنار… اصطَحِب ريكو معك في السيارة طالما تذهبان في مهمة واحدة، لأنه لا يملك واحدة".

– "آسف سيدتي، لن آخذه معي، فأنا لا أركّب "فوفويات" في سيارتي!" أجابها بما لا يقبل الجدل.

– "برنار، "حرام عليك" لا تتركه يتعذّب في التنقّل في سيارات الأجرة، تذهبان سوية، سيقعد عاقلاً أعِدُك".

في النهاية، أرسلت المديرة ريكو بتاكسي، إذ لا يريد برنار أن يصبح "مشموساً" في حال رآه أصدقاؤه مع ريكو.

لأول مرة في حياتها، سمعت هذه العبارة "فوفويات" وعلى ما يبدو، فهي جمع "فوفو"، ولا تحتاج لشرح… مفهومة من تلقاء نفسها.

وفيما يرفض الذكور رفضاً قاطعاً مرافقة "الفوفويات" في المهمات التي تتطلّب مغادرة مركز العمل، تُرحب الإناث برفقتهم، لماذا؟

قبل الإجابة، لا بدّ لنا هنا من استعراض نمط الحياة العائلية اليومية الروتينية، إذ يعود الرجل مساءً إلى المنزل بعد يوم عمل طويل ومرهق، (الله يعطيه العافية)، فيترامى على الكنبة، يرفع ساقيه على الطاولة المقابلة، ويبدأ بإصدار الأوامر والطلبات في انتظار إعداد الطعام، وفي الوقت نفسه يتصل برفاقه ليوافونه فور وصوله إلى المنزل، ليرفّه عن نفسه معهم، فهو أمبراطور عصره، وشهريار زمانه، والكل تحت إمرته! وفي انتظارهم، يستأثر بجهاز التحكّم عن بعد، ويبدأ بتبديل القنوات، ولا يتوقف إلا عندما يقع على فيلم "أكشن" يصل الدمّ فيه للركب… هذا هو إجمالاً برنامج الرجل عندما يعود إلى المنزل حيث يرتاح ويسترخي.
 بيد ان الزوجة، فعندما تعود إلى جنّتها الصغيرة، بعد يوم عمل طويل وشاق، عليها أولاً الترحيب والقيام بواجب الضيافة لأصدقاء الزوج الأعزاء، ومن ثمّ عليها الاهتمام بالأولاد: تدريسهم، "تحميمهم"، إعداد العشاء، وتحضير وجبة اليوم التالي، وفي حال كان أحد الأطفال مريضاً، تهتم به وتسهر على راحته بنفسها حتى يشفى… هذا إذا كانت لديها مدبّرة منزل، وفي حال العكس، فالله يكون في عونها.

لذا ومقارنة بالرجل، تعود المرأة في المساء لتكمل مسيرة العمل حتى ساعة متأخرة من الليل، نستنتج مما تقدم ان المرأة، تقريباً لا ترتاح.

لذا تصل في اليوم التالي إلى عملها مرهقة، وبالكاد حصلت على ثلاث او اربع ساعات من النوم. وعندما يتوجب عليها القيام بمهمات خارج مركز العمل ترحّب برفقة "الفوفويات" ذلك لأنّ الفوفو، أولاً وأخيراً يتمتع بكل صفات الرجل… ما عدا نيّاته "المضمرة" أو "المستترة"، فهو يساعدها، هي المتعبة، على حمل أغراضها الثقيلة مثلاً، تتكئ عليه عند النزول في منحدر، وفي حال "تفركشت" أو زلّت قدمها مثلاً يهبّ لنجدتها ويتفحص مكان الألم، وكل ذلك من دون أن تخشى أن يذهب تفكيره بعيداً بل على العكس، تشعر بالأمان والراحة لدرجة قد تلقي برأسها على كتفه وكأنها مع امرأة مثلها، لكنّ هذه المرأة قوية البنية، لا تغار منها، بل تعينها وتتفانى في تقديم يد العون لها.

من أجل هذا السبب، نجد أنّ "الفوفويات" يحظون بمعاملة مميزة من قبل زميلاتهم في العمل. وفعلاً لقد حظي ريكو بوظيفة مساعد للمسؤولة عن فقرة الموضة، والتي خلال اجتماع هام بدأت ترثي لحالها ولوضعها امام مدير عام المؤسسة إذ بدأت حديثها كالتالي:

"أتعب كثيراً وما من احد يعينني خصوصاً خلال "شوتينغ" الموضة الذي نجريه كل شهر بحيث يتوجّب عليّ الإتيان بالفساتين الغالية الثمن، بالأحذية، بالمجوهرات، احملها لوحدي واضطر لأن "ألبّس" الـ TOP MODEL وأن اخلع الملابس عنها واهتم بكل التفاصيل ولا أجد من يعينني!" هنا قاطعها المدير العام، قائلاً: "ما تزعلي ولا ياخد على خاطرك… كلما كان عندك "شوتينغ" انا مستعد للذهاب معك ولا يهمّك انا انزع ثياب التوب موديل وانا البّسها عنك!" هؤلاء الرجال… حتى المدير!… وطبعاً كان "لفوفو" الأفضلية لأن يشغل وظيفة مساعد المسؤولة عن الموضة اذ كما قلنا "عتعيت" قادر على حمل الأثقال ومهما كانت المغريات امامه كثيرة… لا يتأثر فمعه تشعر الأنثى بالأمان!  

السابق
لقاءً حول مناهضة التعذيب في السجون اللبنانية
التالي
الرئيس عباس: ممارسات إسرائيل جعلت من حل الدولتين أمرا غير ممكن