توقعات اسرائيلية بهجمات على سفاراتها في العالم.. تؤكد حربها الصامتة مع إيران

تتوقع أجهزة الأمن ووزارة الخارجية في إسرائيل من أن تفجير سيارة سفارتها في الهند ووضع قنبلة في سيارة سفارتها في جورجيا، اول من أمس، "ليست إلا بداية لموجة هجمات تنفذها إيران، ربما بواسطة حزب الله أو غيره، انتقاما لاغتيال العلماء النوويين الإيرانيين الذين تتهم طهران الاستخبارات الإسرائيلية بتنفيذها".

وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت، انه "في إسرائيل يتعاملون مع الاعتداءين بأنهما جزء من موجة متصاعدة من الاعتداءات، وتم رفع حال الاستنفار في سفارات إسرائيل في أنحاء العالم إلى مستوى مرتفع للغاية".
وأشارت إلى أنه "لم تكن في حوزة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تحذيرات محددة حول استهداف السفارتين في نيودلهي وتبليسي لكن السفارات الإسرائيلية الرسمية، خصوصا في الدول التي توجد فيها قاعدة قوية للاستخبارات الإيرانية، تخضع منذ شهور طويلة لإنذارات حول اغتيال مندوبين إسرائيليين".
يشار إلى أن طاقم محاربة الإرهاب في إسرائيل ألغى تحذيرا من السفر إلى جورجيا قبل 4 أشهر.
وأضافت الصحيفة أن "الاستخبارات الإيرانية تبذل جهدا مكثفا لتنفيذ اعتداء ضد مندوبين إسرائيليين في محاولة لردع إسرائيل من مواصلة قتل العلماء النوويين الإيرانيين".

وقد أثار جواب بانيتا المبهم تكهنات إضافية عن حقيقة ما يمكن حصوله على صعيد تلك الحرب. ليس أمرا جديدا أن نسمع بين الحين والآخر عن اغتيال عالم من هنا أو مسؤول من هناك أو عن تفجير سيارة مفخّخة أمام مبنى سفارة في مكان ما من العالم، سواء كان الضحايا إسرائيليين أم إيرانيين. لكن استهداف السفارتين الإسرائيليّتين في الهند وجورجيا أمس الأول، رفع من منسوب التكهنات.

هل إيران وحزب الله وراء هذين الهجومين، اذ ذكرت صحيفة "هآرتس" ان معلومات استخبارية تراكمت في إسرائيل وأدلة تم العثور عليها في موقعي العمليتين تشير إلى أن جهات إيرانية رسمية كانت ضالعة في الاعتداءين في نيودلهي وتبليسي أم أن الاستخبارات الإسرائيلية هي التي تحاول تشويه سمعة إيران في تلك الدولتين، حسب ما قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية؟

بعيدا من رد الفعل الأميركي الذي أعلنته المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند، التي اعتبرت أنّ شكل التفجيرات يشبه الأسلوب الإيراني، إلا أن مصدرا متابعا لشؤون المنطقة في البنتاغون، بادر إلى الإجابة عن الموضوع بتساؤل: من له مصلحة في زيادة حدة التوتر في الملف الإسرائيلي – الإيراني؟

في الشكل، يعتبر أنه ممكن أن تكون إيران مسؤولة عن الهجومين، لكن من يقول إن أطرافا آخرين قد لا يكون لهم مصلحة في رمي قنبلة صوتية ودخانية في محاولة لحجب أمور أخرى؟

يقول هذا المسؤول إنّ هناك حضورا إيرانيا وسوريا في الهند، كما أنّ الجاليتين اللبنانية والسورية كبيرتان أيضا في جورجيا. ويقال إن حضور الشيعة اللبنانيين مميز هناك. ويشير إلى التخوّف من تواصل تلك العمليات من دون قدرة على تحديد الجهة المستفيدة. هل تتخذها إسرائيل حجة لتبرير أي هجوم مستقبلي على إيران، مثلما قيل عن استغلالها لمحاولة اغتيال سفيرها في لندن قبيل اجتياحها لبنان العام 1982؟

يجيب هذا المسؤول أنه حتى الآن، لا يمكن اعتبار هذه العمليات حجة وازنة لتبرير الهجمات الكبرى، لكنها قد تكون مناسبة للتغطية أو لمحاولة تخفيف الضغط عما يجري في سوريا.
ويضيف أن الموقف الإسرائيلي من مستقبل النظام السوري عاد إلى التذبذب في الفترة الأخيرة، وأن الإسرائيليين لم يعودوا مدركين أو مطمئنين إلى المستقبل هناك.

قد يكون هناك مستفيدون، لكن هذا المسؤول يلفت إلى ضرورة مراقبة الوتيرة التي قد تتكرر فيها تلك الهجمات. ويعتقد أن سوريا على دراية بالموقف الإسرائيلي من نظامها، وعليه فقد يكون من الوجاهة الاعتقاد أن من مصلحة نظام بشار الأسد استدرار حرب إقليمية تنقذه مما هو فيه.

فالأسد قد يكون مدركا أن مستقبله السياسي صار محسوما، وقد لا يكون أمامه طوق نجاة سوى تلك الحرب.

لكن هل ينجر البَلدان إلى مواجهة، في معزل عن مداها واستهدافاتها؟

لا يعتقد هذا المصدر أن الأمر محسوم، لكنه يشير إلى أنه إذا وجّهت إسرائيل ضربة إلى إيران، فليس مؤكّداً أن حزب الله سيرد أو يشارك مع إيران.

في البُعدين الإقليميين لمرجعيات حزب الله، يعتقد هذا المصدر أن البعد السوري يحتل مكانة مهمة جدا، خصوصا في هذه اللحظات الصعبة، وأنّ مستقبل الوضع السوري حيوي جدا بالنسبة إلى مستقبل حزب الله في لبنان، وعليه فإن البعد الإيراني يبقى بعيدا نسبيا في هذه الفترة الحرجة.

ويضيف أنّ الهجوم الإسرائيلي على إيران لن ينهي نظامها، لكن الرد الإسرائيلي على حزب الله قد يكون مدمّرا، وهذا فارق كبير، خصوصا في هذه المرحلة الدقيقة التي يعيشها هذان البعدان الإقليميان. إيران أيضا تدرك هذه الحقيقة وتفضّل عدم تدمير ورقة حزب الله في لبنان. فتدمير منشآتها النووية لا يدمّر مشروعها الإقليمي على رغم أنّه يوجّه إليها ضربة معنوية كبيرة. غير أنّ الاحتفاظ بأدواتها الإقليمية بل وتدعيمها، وهذا ما نشهده راهنا من محاولة إعادة حركة "حماس" إلى بيت الطاعة الإيراني، قد يساعدها على استيعاب الضربة سريعا.

لذلك ينهي هذا المسؤول بالقول إن احتمالات تحوّل تلك الهجمات الموضعية بين الإيرانيّين والإسرائيليين إلى شيء كبير يحتاج إلى الكثير من التدقيق والتأنّي في إطلاق الأحكام والاستنتاجات، خصوصا وأن واشنطن تضغط للمحافظة على "الستاتيكو" بين البلدين في هذه المرحلة، بل وعلى محاولة فتح قنوات اتصال من دول ثالثة مع إيران منعا "لسوء" التفاهم في هذه المرحلة. 

السابق
أين نجحت وأين أخفقت 14 آذار؟
التالي
حبيش: طرحنا حلا جذريا لموضوع نزع السلاح من الجميع لكن لا تجاوب من الحكومة