النهار: 14 آذار هجومية في الذكرى السابعة للاغتيال والحريري يلتزم منع الفتنة المذهبية

مع أن "حضور" المعارضة السورية اقتصر على رسالة لـ"المجلس الوطني السوري" تلاها الأمين العام لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد في مهرجان "البيال"، حولت قوى المعارضة اللبنانية الذكرى السابعة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري محطة لتحالف علني وواضح مع المعارضة السورية، طبقاً لما أوردته "النهار" أمس، من غير أن تخلو المواقف التي تخللتها في الشأن الداخلي من دلالات بارزة.
ذلك أن هذا التطور في مسار قوى 14 آذار طغى على كلمات الخطباء الثلاثة في مهرجان "البيال"، الرئيس أمين الجميل والرئيس سعد الحريري ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، فيما شكل كلام الحريري عن ملف المحكمة الخاصة بلبنان وموضوع الفتنة البعد الداخلي الأبرز لهذه المحطة.

وعلى رغم امتناع قادة قوى 8 آذار وقواها عن التعليق الفوري على المهرجان، اعتبرت مصادر سياسية بارزة أن اندفاع قوى 14 آذار الى اعلان تحالفها مع المعارضة السورية من دون تحفظ يشكل تطوراً داخلياً مهماً قد تكون له انعكاسات واسعة وعميقة على مجمل الوضع اللبناني. ولفتت الى ان قوى 14 آذار بدت على مشارف هجوم سياسي منسق ومترابط بين أطرافها وضعت له توقيتاً ذا دلالة باعتبار أن ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري كانت الشرارة التي استولدت قوى 14 آذار وحملتها على النظام السوري. ولم تخف المصادر ان هذه القوى أفادت الى حد واسع داخلياً من حال البلبلة والتفكك التي تسود صفوف خصومها والتي تتمثل في الأزمة الحكومية الراهنة، كما أفادت خارجياً من تنامي الظروف التي تسمح لها باعلان تحالفها مع المعارضة السورية بالطريقة التي رسمتها لهذا التطور من دون أي مواربة.
ولكن لم يفت هذه المصادر التساؤل عن انعكاسات هذا التطور في ظل رصد ردود الفعل المرتقبة من قوى 8 آذار ولا سيما منها "حزب الله" الذي وجهت اليه في مهرجان "البيال" رسائل مباشرة وضمنية عكست استمرار دوره المحوري في التجاذب الحاد بين فريقي النزاع في لبنان. ويتوقع ان يلقي الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله كلمة الخميس المقبل في ذكرى شهداء الحزب.

أما البعد السوري في المهرجان، فبرز في مضمون رسالة "المجلس الوطني السوري" التي تلاها سعيد والتي وجهت مباشرة الى "الأخوة في حركة 14 آذار". واعتبر المجلس أن "نجاح هذه الحركة في ربيع 2005 في اخراج جيش نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد من لبنان واسقاط نظام الوصاية شكل بالفعل أول صفعة قاسية له (…) وأن بيننا وبينكم قضية مشتركة". وشدد على ان "ثورتنا ليست في حاجة الى استخدام أرضكم اللبنانية في معركتها ضد النظام الديكتاتوري القاتل وهي لا تستخدمها فعلاً".
أما الجميل، فرأى ان "ثورتنا غيرت وجه لبنان فاشتهته شعوب المنطقة وقررت السير على خطانا". وذهب جعجع الى القول إن "الدماء التي تسيل اليوم في سوريا تحاكي دماء شهداء ثورة الارز".

وأعلن الحريري الذي تحدث من باريس عبر شاشة عملاقة انه يتحمل "مسؤولية التضامن مع الشعب السوري وتأييد حقه في اقامة نظام ديموقراطي". كما أبدى استعداده "لتحمل المسؤولية الكاملة في منع الفتنة بين اللبنانيين عموماً والسنية الشيعية خصوصاً". وأضاف ان "الشعب السوري سينتصر وان النظام السوري آيل حتماً الى السقوط". وفي الشأن الداخلي قال: "اخترنا طريق العدالة لا الثأر ولا نحمل اخوتنا الشيعة في لبنان أي مسؤولية في دماء رفيق الحريري". ودعا قيادة "حزب الله" الى "اجراء مقاربة جديدة لتعاملها مع المحكمة الدولية"، معتبراً ان "اصرار الحزب على رفض تسليم المتهمين من شأنه تعميم الاتهام".
ويشار في هذا السياق الى ان رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط أوفد امس نجليه تيمور واصلان مع وفد نيابي وحزبي الى ضريح الرئيس رفيق الحريري، كما تمثل الحزب التقدمي الاشتراكي في احتفال "البيال" بأمينه العام ظافر ناصر. وأفادت "المؤسسة اللبنانية للارسال" ان اتصالاً هاتفياً اجري للمرة الاولى منذ سنتين بين جنبلاط ووزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل.

ميقاتي
وتزامناً مع احتفال "البيال"، أعلن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي عبر "وكالة الصحافة الفرنسية" ان المدعي العام في المحكمة الخاصة بلبنان دانيال بلمار أبلغه خلال زيارته الأخيرة للبنان انه "سيصدر تحديثاً جديداً للقرار الظني في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه". وأوضح ان القرار المحدث "يضم بعض المعطيات التي تتعلق بجرائم اغتيال الامين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي والوزير السابق النائب مروان حماده والوزير السابق الياس المر". وأوضح ان "بلمار أبلغه أنه سيسلّم قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين هذه النسخة الجديدة قبل انتهاء مهمته في آخر شباط".
وقالت أوساط ميقاتي لـنا عن مهرجان "البيال" امس "ان رفيق الحريري من بناة الاستقرار في لبنان وذكراه يجب ان تكون لجمع الشمل بين اللبنانيين وتحصين البلاد في مواجهة الاخطار وليس تشريع الابواب امام الرياح التي تعصف بلبنان".

أزمة المرسوم
أما في موضوع الأزمة الحكومية، فأكدت هذه الاوساط "ان المسألة لا تزال في دائرة المراوحة وموقف رئيس الوزراء لا يزال واضحاً ولا تراجع عنه وما يُقال عن توجه الى الاستقالة غير صحيح وهو من باب الدس". وشددت على ان "أسس المعالجة واضحة وقائمة على التوافق على آلية عمل مجلس الوزراء وتوقيع مرسوم بدل النقل، اذ ان المرسوم يجب ان ينفّذ والمسألة ليست مسألة عناد بل تسهيل أمور الناس".
وتردد في هذا الاطار ان وزير العمل شربل نحاس وقّع مرسوم بدل النقل ولكن معدلاً من حيث احتساب المسافة الجغرافية لتحديد البدل، كما انه يعكف على وضع مشروع قانون يحدد فيه "مفهوم الاجر وشروط حمايته ونظام التقديمات التي يجوز ان تستثنى منه"، تمهيداً لرفعه الى مجلس الوزراء.
وكشفت مصادر مطلعة لـنا ان ثمة اتجاهاً لدى "كتلة المستقبل" النيابية الى طرح الثقة بالوزير نحاس في الجلسة النيابية المقرر عقدها الاربعاء المقبل ما لم يوقع مرسوم بدل النقل، ومن غير المستبعد ان ينضم الى المعارضة نواب "جبهة النضال الوطني" ورئيس الحكومة في حال تشبث نحاس برفضه توقيع المرسوم.  

السابق
الاخبار: سجال داخل التغيير والإصلاح على بدل النقل
التالي
14 شباط: غاب رفيق الحريري وحضرت سوريا… واستمرار الهجوم على حزب الله