الصين ليس نمرا من ورق

رد الفعل تجاه نفي الكتاب الصينيين المعارضين اليوم إلى الغرب مختلف تمامًا عن رد الفعل تجاه الكتاب السوفييت الذين لقوا المصير نفسه بالأمس. في عام 1975، نصح وزير الخارجية الأميركية آنذاك، هنري كيسنجر، الرئيس فورد بعدم مقابلة الكاتب ألكسندر سولزنتسين، محذرًا في مذكرة من إثارة غضب الاتحاد السوفيتي بهذا الأمر. ويتبنى بعض السياسيين العمليين وكذلك مؤسسات متعددة الجنسيات لها استثمارات ضخمة في الصين وجامعات ومؤسسات لها علاقات قوية متشابكة مع الصين آراء مشابهة. يفوق اختراق النظام الشيوعي الصيني للغرب اختراق الاتحاد السوفيتي بمراحل، فخلال فترة الحرب الباردة كان الاتحاد السوفيتي يعزل نفه بستار حديدي ولم يكن له علاقات اقتصادية كثيرة مع الدول الغربية، فالأسرة الأميركية لم تستخدم منتجات تحمل بطاقة صنع في الاتحاد السوفيتي. على العكس من ذلك تتواجد الصين بقوة الآن داخل النظام العالمي. وأصدرت أميركية مؤخرا كتابا مثيرا للاهتمام يتضمن تفاصيل رفضها شراء منتجات صنعت في الصين والصعوبات الكثيرة التي واجهتها نتيجة اتخاذها لهذا القرار.

على المستوى السطحي استفاد الغرب من التجارة مع الصين، حيث يستطيع رجال الأعمال في الغرب شراء كمية كبيرة من المنتجات الصينية الرخيصة، لكن يأتي ذلك على حساب مستوى القيم الغربية الأساسية، فمن يعرف ما إذا كان العلم الأميركي الذي يرفرف خارج وطنك صنع بأيدي نزلاء في سجن صيني أو عامل صيني صغير السن؟ لقد وصلت إلى المملكة المتحدة منذ شهر وكنت أفكر في هروبي من بكين لأدرك أن ظل الحكومة الصينية في كل مكان، حيث لم تجرؤ عدة جامعات أميركية ممن اتصل بهم على دعوتي لإلقاء محاضرة نظرا لتعاونهم مع الصين في العديد من المشروعات. فإذا كنت طالبا في الدراسات الصينية ينتقد الحزب الشيوعي، سيكون من المستحيل أن تشترك في مشاريع بحثية مع معهد كونفوشيوس الذي يحصل على تمويل من الصين، وربما تمنع من الحصول على تأشيرة دخول للصين. على العكس من ذلك، إذا امتدحت الحزب الشيوعي، لن تحصل في هذه الحالة فقط على تمويل كبير لمشروع بحثي، بل ربما تتلقى دعوة إلى الصين، بل وقد يستقبلك مسؤولون رفيعو المستوى. لقد تشوهت الحرية العلمية الغربية بأيدي خفية.

أعتقد أن الصين تمثل تهديدًا أكبر بكثير من التهديد الذي كان يمثله الاتحاد السوفيتي. مع الأسف يفتقر الغرب إلى سياسيين يمتلكون رؤية مثل رونالد ريغان للتصدي لمثل هذا التهديد. ربما يرى الرئيس أوباما أن الحزب الشيوعي مثل نمر غير مفترس وبالتالي يتطلع إلى مقابلة نائب الرئيس الصيني شي جينبينغ، الأسبوع الحالي. هل سيطلب أوباما – الحائز جائزة نوبل – صراحة من الصين إطلاق سراح ليو شياوبو – الحائز جائزة نوبل – والمعتقل من قبل الحزب الشيوعي؟ لماذا واتت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الشجاعة لمقابلة أونغ سان سوكوي زعيم المعارضة في بورما وعدم مقابلة ليو؟

يظل الحزب الشيوعي الصيني نمرا مفترسا حقيقيا، فبعد عملي على ملف حقوق الإنسان مع ليو شياوبو بعد فوزه بجائزة نوبل، تم تعذيبي من قبل الشرطة السرية الصينية وكدت أفقد حياتي. منذ ذلك الحين تعرض عدد كبير من المحامين والكتاب إلى عمليات تعذيب وحشية، حيث أصيب عدد منهم بالتهاب رئوي بعد أن وضعوا أمام مراوح تبعث هواء باردا، ثم وضعهم داخل فرن كهربائي. وهددتني الشرطة السرية بقائمة من 200 مفكر معارض للحزب الشيوعي كانوا يستعدون لإلقاء القبض عليهم ودفنهم أحياء. وزاد عدد المعتقلين السياسيين في الصين خلال العام الماضي وأصبحت الأحكام التي تصدر بحقهم أطول، مع ذلك خفتت أصوات الغرب المحتجة. القمع الداخلي الكبير والتوسع الخارجي الذي لا حدود له وجهان لعملة واحدة، فقد استخدم الحزب الشيوعي حق الرفض ضد قرار مجلس الأمن بشأن سوريا لتشابه عمليات القتل التي تحدث في إقليم التبت مع عمليات القتل المستمرة في سوريا.

منذ أكثر من قرن، كان الغربيون يطلقون على الصين «الأسد النائم»، أما الآن الغرب هو النائم؟ وبصفتي كاتب مستقل وعضو في جمعية سرية مسيحية، تقع على عاتقي مسؤولية قول الحقيقة وهي أن الحزب الشيوعي الصيني لا يزال نمرًا مفترسًا.
  

السابق
أنجلينا جولي: أرض الدماء والعسل
التالي
المونة على قرعة