السفير: الحريري يضبط ساعة استعادة السلطة … على سقوط الأسد

لا وساطات ولا وسطاء يتقدمون لحل الأزمة الحكومية التي توشك ان تختم أسبوعها الثاني، لا بل على العكس، ينذر تصلب «المشتبكين» واستمرارهم برفع سقف مطالبهم، بإجازة حكومية طويلة ومعها تأجيل للكثير من الملفات المرتبطة بحياة الناس اليومية، فيما الزيادة التي أعطتهم اياها الحكومة بهذه اليد، التهمتها مافيات الغلاء والاحتكار باليد الأخرى.
وسط هذه الأجواء، مرت، أمس، الذكرى السابعة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري باعادة استعارة العناوين ذاتها التي رفعتها قوى الرابع عشر من آذار منذ العام 2005، وبتحييد جزئي لـ«حزب الله» وتركيز الهجوم على النظام السوري، لكن هذه المرة استنادا الى رافعة الدم السوري وليس الى رافعة دم رفيق الحريري، وبهدف يتجاوز شعار خروج الجيش السوري من لبنان قبل سبع سنوات، ليصبح لبنان 14 آذار شريكا لمعظم الأنظمة العربية المشاركة في الحملة الدولية الهادفة لاسقاط النظام السوري.
وإذا كانت الاطلالة المتلفزة للرئيس سعد الحريري قد شكلت علامة شكلية فارقة في احتفال «البيال»، فإن العلامة السياسية الفارقة تمثلت في اشراك المعارضة السورية، من خلال رسالة تليت باسم «المجلس الوطني السوري»، في محاولة مشتركة من «ثوار سوريا ولبنان» لرسم صورة البلدين «الجديدة»، ربطا بما أسماه الحريري «السقوط الحتمي للنظام السوري»، وهو السقوط الذي وجد فيه خطيبا المهرجان رئيس الكتائب امين الجميل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع جسر عبور الاكثرية القديمة الى السلطة مجددا.
ولعل اكثر ما ابرزه مهرجان الذكرى السابعة، ليس فقط توفير منصة لبنانية للمجلس الوطني السوري، بل تجاهل اسئلة لبنانية وسورية حول خطورة تمدد النار السورية الى الساحة اللبنانية اذا استمرت سياسة «التورط» اللبنانية في الحدث السوري، خاصة أن أفق هذه الأزمة يبدو مشرعا زمنيا، بعكس ما يشتهي فريق 14 آذار.
ولوحظ أن الحريري تجاهل الوضع الحكومي، تاركا لسمير جعجع ان يدعو لرحيل الحكومة، فيما أعلن زعيم تيار «المستقبل» انه يتحمل كامل المسؤولية عن كل المرحلة السابقة بحلوها ومرها، وانه يتحمل المسؤولية اللاحقة لمنع الفتنة السنية الشيعية.
وقارب الحريري الاحداث في سوريا من زاوية السقوط الحتمي لنظام الاسد، واستند الى هذا السقوط كما الى خلفية حصول تغييرات جذرية في المنطقة بدا حاسما انها تصب في مصلحة فريقه، ليذهب الى تقديم تطمينات للمسيحيين بتأكيد الحرص على المناصفة والشراكة والعيش المشترك، حيث قال «نحن تيار الاعتدال والعيش الواحد والمشاركة والتعددية مهما كانت سوريا». كما سعى الى طمانة الشيعة باعلانه «اننا لا نحمّل إخوتنا الشيعة في لبنان أي مسؤولية في دماء رفيق الحريري، بل إننا نعتبر ان دماءه هي دماؤهم كما هي دماؤنا ودماء جميع اللبنانيين».

وكرر الحريري «أن وجود السلاح، في أيدي فئات حزبية وسياسية، يتناقض كلّياً مع قيام الدولة، وهو المصدر الدائم لانتاج الفتن والصراعات الاهلية. وهو نموذج مرفوض يمكن أن يستدرج الآخرين إلى الاقتداء به». وقال: اسرائيل عدونا جميعاً، وخطر علينا جميعاً، نواجهه جميعاً، لنستبسل جميعاً دفاعاً عن الوطن، وننتصر جميعاً في كنف الدولة اللبنانية الواحدة. ونكرر الدعوة إلى «حزب الله» بأن يبدأ تنظيم وضع سلاحه في تصرف الدولة ليجنـب لبنان وجميع اللبنانيين خطر العنف ويجنـب الدولة في لبنان خطر الانهيار وليضمن معنا ومع جميع اللبنانيين قيام الدولة وانتصار مشروع الدولة وبقاء لبنان رائداً بين العرب في ربيع العرب.
وفي موضوع المحكمة الدولية، رأى الحريري ان محاولات التهرب من مجْريات العدالة الدولية، لن تجدي نفعاً. وتوجه الى قيادة «حزب الله» داعيا إلى إجراء مقاربة جديدة لتعاملها مع المحكمة، لأن التشبث بحماية المتهمين لن يلغي قرار الاتهام. وإن إصرار «حزب الله» على رفض تسليم المتهمين، أمر من شأنه تعميم الاتهام في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وهو ما لا يجوز لقيادة «حزب الله» أن تقع فيه، وأن تحوّل المحاكمة المرتقبة خلال الشهور المقبلة، إلى مضبطة اتهام سياسية وأخلاقية ووطنية.  وتليت في المهرجان رسالة باسم «المجلس الوطني السوري» وعد فيها بإقامة أفضلَ علاقاتٍ أخوية «بين دولتين سيدتين مستقلتين لا تدخّل في شؤونِ أيٍّ منّا بالآخر»، كما وعد باعادة النظرَ في الاتفاقاتِ والمواثيقِ الموقّعةِ «في زمنِ الوصايةِ البغيضةِ على لبنان»، بالاضافة «الى اقامة علاقاتٍ دبلوماسيّة سويّة والغاء المجلس الأعلى اللبناني ـ السوري (الغيت هذه الفقرة لاحقا من نص الكلمة التي عممت) وترسّيم الحدود ابتداء من مزارعِ شبعا، والتحقيق في ملفِ المعتقلين والمفقودين اللبنانيين» ).
عون: نظام داخلي جديد لمجلس الوزراء
من جهة ثانية، وفيما حافظ رئيس المجلس النيابي نبيه بري على سياسة «النأي بالنفس» عن الأزمة الحكومية، وظل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي متمسكا بمواقفه ازاء الأزمة الحكومية، ادخل العماد ميشال عون اسلحة جديدة الى ساحة الاشتباك بإعلانه، أمس، من الرابية عن شروع «تكتل التغيير والاصلاح» باعداد مشروع نظام داخلي لمجلس الوزراء، وهي خطوة وصفتها اوساط السرايا الكبيرة بأنها «غير مشجعة وتزيد الامور تعقيدا».
وقال عون انَّ «عدم التئام مجلس الوزراء فيه مخالفات جسيمة لا يجوز لرئيس الحكومة أن يرتكبها»، معتبرًا أنَّ «اجتماعات مجلس الوزراء لا تُعلق والقصة تتعلق بالقوانين والدستور».
في سياق متصل، أنجز وزير العمل شربل نحاس مشروع قانون بدل النقل الجديد، وأكدت اوساطه لـ«السفير» انه لن يوقع مرسوم النقل الصادر عن الحكومة «لأنه غير قانوني وهذه المسألة محسومة فمستحيل على الوزير ان يوقعه لمخالفته القانون، وثمة سبيل وحيد ينبغي سلوكه هو اعداد قانون نيابي حول التقديمات، ومن ثم يوضع مرسوم وفق هذا القانون ومن ثم يأتي دور الوزير فيوقع المرسوم».
على صعيد آخر، لم تظهر أي مؤشرات حول موقف لبنان الرسمي من رسالة الامين العام للامم المتحدة بان كي مون حول التمديد لبروتوكول انشاء المحكمة الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري. وقالت مصادر وزارية معنية لـ«السفير» ان هذه الرسالة «قيد الدرس حاليا»، وقللت من اهمية موعد الخامس عشر من شباط المحدد في الرسالة كمهلة نهائية لارسال الرد اللبناني، مشيرة الى ان هذه المهلة ليست نهائية بل هي تحفيزية، وقد يتطلب الرد اياما او اسبوعا وربما اسبوعين، وفي النهاية كل ذلك مرهون بانعقاد الحكومة اللبنانية. فلا امكانية لأن يقدم رئيس الجمهورية هذا الرد نيابة عن الدولة اللبنانية، وكذلك الامر بالنسبة الى رئيس الحكومة على اعتبار ان مجلس الوزراء هو صاحب القرار السياسي. 

السابق
هييج الخطاب السياسي فَشَلْ
التالي
حضرنا الكرنفال ولكن أين رفيق؟