الانباء: الشيخ سعد برّأ الشيعة من دم والده: أتحمَّل مسؤولية منع الفتنة في لبنان

لبنان في الذكرى السابعة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري تأبين ورثاء، وزيارات مصحوبة بالفواتح والأكاليل الى الضريح الكبير، المحاط بأضرحة الرفاق من الشهداء، فإضاءة لشعلة الحرية في موقع اغتيال الرئيس الشهيد في لحظة الاغتيال الواحدة إلا خمس دقائق ظهرا.

قوى 14 آذار التي انبثقت كإطار سياسي عن الحدث المشهود، أحيت المناسبة خطابيا، بمشاركة رمزية من المجلس الوطني السوري المعارض لأول مرة.

وفي قاعة «بيال» حيث اقيم الاحتفال المركزي بالمناسبة أطل الرئيس سعد الحريري، حامل الأمانة، عبر شاشة ضخمة متحدثا عن الواقع اللبناني الراهن، ومدى تأثره بانتفاضة الشعب السوري، واضعا النقاط على الحروف في أكثر من قضية مطروحة.

وأكد الحريري ان «الشعب يريد الحرية والسيادة والاستقلال والعدالة، هذه كانت ومازالت مبادئنا في 14 آذار وهذه مطالب الربيع في كل مكان، والأهم هذه هي القيم والأفكار والطرحات التي قام عليها وجسدها ومازال مشروع رفيق الحريري».

وأعلن الحريري أنه «يتحمل كامل المسؤولية عن المرحلة السابقة بحلوها ومرها، ومسؤولية التنازل في مكان ورفض التنازل في مكان آخر، مسؤولية قبول رئاسة الحكومة ومسؤولية الخروج منها»، مضيفا: «اليوم انا أتحمل امامكم مسؤولية التضامن مع الشعب السوري وتأييد حقه في إقامة نظام ديموقراطي، وأنا مستعد لتحمل كامل المسؤولية لمنع الفتنة بين اللبنانيين ومنع الفتنة السنية الشيعية في لبنان، هذه مسؤولية تحملتها في السابق وأتحملها امامكم مجددا اليوم».

ولفت الحريري الى انه «بعد 14 شباط 2005، انتصر دم رفيق الحريري ورفاقه على 30 عاما من التسلط والاستبداد، ودخل لبنان منعطفا سياسيا جديدا على وقع حدثين متلازمين، انسحاب القوات العسكرية للنظام السوري والإعلان عن بدء تحقيق دولي وقيام المحكمة الدولية للتحقيق في جرائم الاغتيال السياسي، واليوم ينتصر دم رفيق الحريري ورفاقه الشهداء مرة ثانية وينتقل لبنان الى منعطف سياسي جديد على وقع حدثين كبيرين، حدث الربيع العربي وبدء العد التنازلي لحكم الحزب الواحد في سورية، وحدث العدالة في لبنان وصدور الاتهام عن المحكمة الدولية».

ولفت الى ان «لبنان واجه عمليات سيطرة على مراكز الدولة ومحاولات تعطيل المحكمة الدولية ومسار العدالة وبدا ان لبنان سيقع من جديد ضحية فخ اقليمي وسياسات متهورة تريد العودة به الى زمن الهيمنة وتعمل على محاصرة المكتسبات التي تحققت بعد 14 آذار، هذا الأمر توقف عند حدود الربيع العربي وتحديدا عند انتفاضة الشعب السوري الاستثنائية ولن أبالغ في شيء اذا أكدت ان كل اشكال السياسات المتهورة لن تتمكن من العودة بلبنان الى زمن التبعية والهيمنة وان المشهد العظيم الذي يرسمه الشعب السوري البطل سيشكل النهاية الحقيقية لهذا الزمن ورموزه».

وفي الوضع السوري، أكد ان «الشعب السوري سينتصر بإذن الله رغم هول المجازر والنظام السوري آيل نحو السقوط، نعيش لحظة انتقال تاريخي من زمن الى آخر وقيام نظام تعددي ديموقراطي في سورية سيشكل حصانة للتجربة الديموقراطية اللبنانية واللبنانيون معنيون بفهم الابعاد العميقة لهذا الانتقال والتقاطع بين الديموقراطية اللبنانية والسورية».

وتابع: «انتصار الشعب السوري في معركة الديموقراطية يرسم خطا مستقيما ومتوازنا للعلاقات الثنائية بين البلدين ويرتقي بالعلاقات الى مستوى العلاقات المميزة الحقيقية بين بلدين جارين يتعاونان ليس بفعل استقواء القوي على الضعيف او الكبير على الصغير، عكس المجلس الوطني السوري، وهذه المقاربة للعلاقات وايدينا ممدودة للتعاون معه، اليوم لأن الثورة السورية ستنتصر لا محالة تجري محاولة اخافة اللبنانيين من تداعياتها».

وتوجه للمسيحيين في لبنان بالقول: «ان اخوانهم السنة سيشعرون بفائض قوة وسيتجهون نحو التطرف، ولهؤلاء نقول نحن تيار الاعتدال والعيش الواحد والمشاركة والتعددية، ونحن اهل الطائف والمناصفة التامة بين المسلمين والمسيحيين في لبنان مهما كانت سورية».

وتوجه الحريري للشيعة في لبنان بالقول: «يقولون ان انتصار الثورة السورية سيتحول هجوما سنيا عليكم لتجريدكم من سلاحكم وللثأر، نقول بوضوح اننا لا نحمل اخوتنا الشيعة في لبنان اي مسؤولية في دماء رفيق الحريري بل نعتبر دماءه دماءهم كما هي دماؤنا وكل اللبنانيين، ونحن اخترنا طريق العدالة لا الثأر وهي تسلك طريقها لمحاسبة المسؤولين دون تعميم المسؤولية لا على فريق ولا على طائفة ولا على مجموعة».

بدوره خاطب الرئيس امين الجميل رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري قائلا: «يا صديقي سعد يا تيار المستقبل يا رفاقنا وحلفاءنا في ثورة الارز معا ثرنا في السنوات الأخيرة، وانتفضنا وتظاهرنا وقاومنا معا، واضطهدنا وسقط شهداؤنا، معا حررنا الأرض وساهمنا بإطلاق المحكمة الدولية وثبتنا أسس الميثاق الجديد ومعا سنبقى».

وتابع: «سنبقى أوفياء لشعب ساحة الحرية، وأوفياء للبنان الواحد الموحد لروح الشهداء، للثوابت والمبادئ، للبنان الحر السيد المستقل»، وإذ لفت الجميل إلى ان «فريق 14 آذار ليست الاحزاب والتيارات السياسية المجتمعة هنا فقط».

وشدد الجميل على أن «ثورة الارز هي كل اللبنانيين المؤمنين بالسيادة وبحرية لبنان واستقلاله بالمجتمع التعددي، وهي كل اللبنانيين المؤمنين بمشروع الدولة القوية، والمؤمنين بولاء الشعب للوطن اللبناني فقط، وبدور المرأة ونضال الشباب والمؤمنين بلبنان فوق كل
 الصراعات، بنهضة الشعوب العربية بحركة السلام».

وأشار الجميل الى انه «طوال 30 عاما تواطأ العديد من القوى والدول على لبنان وكيانه ودولته على رئاسته وجيشه على نظامه الديموقراطي وصيغته التعددية، وحاولوا وما اكثرهم ان يخلقوا لبنان يشبههم، اما اليوم صارت أقصى امانيهم ان تشبه دولهم لبنان».

وأعلن الجميل تأييده للثورات العربية قائلا: «لسنا مع الثورات لأنها ضد الأنظمة فقط بل لأنها مع الحرية والديموقراطية، لسنا ضد الأنظمة لأنها ضد الشعب وهي ضد لبنان واشتركت بالمؤامرة عليه فقط، بل لأنها ضد شعوبها وضد الإنسان، لبنان جبهة الدفاع عن الاسنان في الشرق، مصممون على مواصلة المسيرة من اجل الإنسان اينما كان».

وجدد الجميل في هذه الذكرى نهضة ثورة الارز لتحقق احلام شعبها وتلتقي مع احلام الشعوب العربية، وعلينا ان نحصن ساحتنا، وعملنا وما زلنا لتعزيز الاستقلال وبناء الدولة، مطالبا بتنفيذ قرارات الحوار الوطني والقرارات الدولية فيتم حصر السلاح بالدولة ويتم تعزيز عمل المؤسسات لتعمل على حل مطالب الناس وهموهم، الشعب يئن تحت وطأة الأزمات فيما يرى الفساد يستشري دون إصلاح واللامبالاة تسود دون تغيير.

وعن الوضع الحكومي، اكد ان «الحكومة تعطل نفسها وحياة الناس والبلاد»، معتبرا ان «النهضة الجديدة تبدأ بعودة الحياة الديموقراطية الى دورتها الطبيعية من خلال تجديد اللقاء الوطني بين من يؤمن بالحرية والديموقراطية، لقاء يعيد تكوين الأكثرية النيابية ويعيد الأكثرية الى الحكم لأنها المؤتمنة على مشروع الدولة».

وتساءل: «هل يعقل ان نؤيد الشعوب العربية للخروج من سلطة سلاح الأنظمة ويبقى شعب لبنان تحت سلطة السلاح»؟

وأضاف: «في هذه الذكرى نستنهض الهمم لإنقاذ لبنان وحماية الثورات، وهذه لحظة تاريخية تتجلى في حياة الشعوب ولا يجوز كشعب لبناني قدم هذا العدد الهائل من الشهداء الا يدخل اليوم دولة الحرية والوحدة والرفاهية في جو وطني».

من جانبه، اعتبر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في كلمته بالذكرى أن «الجرائم والمجازر والفظائع التي ترتكب بحق الأبرياء المناضلين في سورية، توضع تحت شعار خدمة المقاومة والممانعة كما جرى ويجري في لبنان أيضا عند الحاجة. فبئس هكذا مقاومة. وتبا لهكذا ممانعة»، معتبرا انها «مقاومة في مواجهة الشعوب ومطالبها المحقة وفي مواجهة التغيير وتحقيق الحرية والكرامة والعدالة، وإنها مقاومة في مواجهة قيام دولة فعلية في لبنان»، معتبرا أنها «ممانعة لكل أمن واستقرار وعدالة وبنيان وإنماء وعمران واقتصاد وحداثة وتقدم وتطور، ومقاومة وممانعة لحق الشعوب في عيش حياتها، وتحقيق ذواتها، ورسم مستقبلها، ومقاومة وممانعة تدك المدن والقرى وتقتل الأطفال والنساء».

ووصف جعجع المقاومة بأنها «الاحتلال بحد ذاته لإرادتنا، وأمانينا، وتطلعاتنا وأحلامنا، من الأشرفية الى حمص، ومن كمال جنبلاط الى محمد البوعزيزي، والطفل حمزة الخطيب إنسان واحد، قضية واحدة، في كل زمان ومكان، وكما انتصرت في نهاية المطاف الأشرفية، وطرابلس، وعاليه، وزحلة، وتونس، والقاهرة، وبنغازي، هكذا ستنتصر حمص، وحماه، وإدلب، ودير الزور ودرعا».

ودعا جعجع «العالم بأجمعه، خصوصا دول المنطقة، الى بذل كل الجهود وفعل كل ما يلزم لوقف القصف والقتل وإراقة الدماء في سورية، وترك شعبها يقرر مصيره بنفسه، بكل حرية وكرامة، إنه أبسط ما يمكن أن نطالب به للإنسان في القرن الحادي والعشرين في سورية أو في غير سورية».

وأكد جعجع انه «اذا أصبحت سورية حرة، تعددية، ديموقراطية، تحترم الجيرة، كما ورد في الرسالة المفتوحة التي وجهها المجلس الوطني السوري الى اللبنانيين، فهذا يعني تلقائيا لبنان مستقرا، وحدودا مرسمة، وسلاحا شرعيا حصريا، ووقفا لتصدير التطرف والإرهاب من كل الأنواع والأجناس»، مشيرا الى إن «نظاما ديموقراطيا حرا في سورية، هو خير دعم لاستقلال لبنان، وهو فرصة حقيقية لطي الصفحات السود التي سطرها النظام الحالي في تاريخ البلدين.

الى ذلك، أكد المجلس الوطني السوري في رسالة له تلاها منسق الأمانة العامة لـ 14 آذار فارس سعيد في «البيال»، «تضامنه مع نضال قوى «ثورة الأرز» المستمر من أجل لبنان مستقل سيد وديموقراطي».

واعتبر أن «نجاح قوى الرابع عشر من آذار في ربيع الـ 2005 في اخراج نظام الرئيس السوري بشار الأسد من لبنان واسقاط نظام الوصاية شكل أول صفعة قاسية له ودعوه إلى البحث عن شرعيته لدى شعبه»، مشيرا إلى أنه «سقط من ذلك التاريخ في اختبار نيل ثقة الشعب والحلم بتعويض شرعية الداخل بمشروع سورية الاقليمي المستحيل».

ورأى أن «بين لبنان وسورية قضية مشتركة فالديموقراطية في سورية هي الدعامة لاستقلال لبنان وديموقراطيته»، معتبرا أن «الدولتين هما دعامة دولة الاستقلال الوطني بفلسطين».

وأكد أن «سورية ستقيم أفضل العلاقات مع لبنان بعد سقوط الأسد وستطوي صفحات أليمة»، مشيرا إلى أن «العلاقات ستكون بين دولتين مستقلتين سيدتين، علاقات أخوية على قاعدة أن بين الشعبين تاريخا وحاضرا ومستقبلا مشتركا».

وشدد على أنه «لن توجد علاقات تحت مسمى «شعب واحد في دولتين» والذي استخدم في عهد الوصاية على لبنان ولن تكون علاقات تدخل»، مشيرا إلى «إعادة النظر بالاتفاقات والمواثيق الموقعة بين سوريا ولبنان في زمن الوصاية».

وأكد المجلس أنه «ستنشأ علاقات ديبلوماسية وسيتم ترسيم الحدود ابتداء من مزارع شبعا وسيلغي المجلس الأعلى اللبناني السوري ويحقق في ملف المعتقلين والمفقودين اللبنانيين كي نطويه ونعمل في الإطار الثنائي والعربي»، مشيرا إلى «وجود قاعدة مصالح مشتركة ودور مشترك نؤديه».

نازك الحريري: نرى رفيق الحريري في مدائن عربية تمتزج أحزانها بنداءات الحرية

من جهتها وجهت نازك الحريري كلمة بمناسبة الذكرى السابعة لاغتيال زوجها الرئيس رفيق الحريري تحدثت فيها عن مشاهد الامس الجميل المرسوم بألوان الخير وبأجنحة المحبة.

واضافت ان بناء المستقبل العربي ليس مستحيلا وهو موضوع ارادة وتعاون بيننا كأمة.

وقالت: اننا نرى رفيق الحريري في مدائن عربية تمتزج احزانها بنداءات الحرية.
 

السابق
ذكرى رفيق الحريري والثورة السورية
التالي
هييج الخطاب السياسي فَشَلْ