أين نجحت وأين أخفقت 14 آذار؟

أعاد مهرجان "البيال" الحدث السياسي مجدّداً إلى "الساحة" المحلّية ولو من البوّابة السوريّة، باعتبار أنّ انتفاضة الشعب السوري شكّلت العنوان المشترك بين خطباء ثورة الأرز إلى جانب سلاح "حزب الله" ودعوته إلى الانخراط في مشروع الدولة. وفي قراءة لمضمون اللقاء يتبيّن أنّ 14 تمكّنت من تسجيل جملة أهداف، فيما أخفقت في تسجيل أخرى لأسباب قد تكون مبرّرة أو غير مبرّرة.

أوّلاً، أين نجحت 14 آذار؟

أ- في إصرارها على إحياء مناسباتها منذ العام 2005 على رغم الأوضاع الأمنية المعلومة.

ب- في تأكيد وحدة صفوفها وأهدافها وثوابتها، وأنّ التباينات التي ظهرت، على سبيل المثال، في مقاربة القانون الانتخابي النيابي، لم تؤثر على القضية الوطنية التي شكّلت أساس قيام الحركة الاستقلالية، خصوصا أنّ الطريق لتحقيق السيادة والاستقلال ما زالت في منتصفها، فضلاً عن أنّ لا تناقض بين أولويتي السيادة والشراكة الوطنية.

ج- في مقاربة الوضع السوري مجتمعة وليس بالمفرّق، إذ تحوّلت المناسبة أو كادت تتحوّل من "إحياء ذكرى شهداء ثورة الأرز" إلى التضامن مع الشعب السوري، هذا التضامن الذي تطوّر بشكل تدريجي وصولاً إلى تلاوة رسالة لـ"المجلس الوطني السوري" في مهرجان 14 شباط.
 د- في حسم مسألة تأييد المسيحيّين للثورة السوريّة، الأمر الذي يقفل الباب أمام أيّ مزايدة من الآن وصاعداً على هذا المكوّن، خصوصا أنّ ثلاثة من الخطباء الأربعة في المهرجان هم من الطائفة المارونية، ممّا يضع حدّاً لنظريات التخويف السائدة، لأنّ ضمانة مسيحيّي سوريا تكمن في إعلان مسيحيّي لبنان وقوفهم قلباً وقالباً مع الثورة وضدّ النظام.

هـ – في إعادة الاعتبار لعنوان السلاح الذي لا قيام للدولة في ظلّه، كما بوضعها حدّاً لكلّ الكلام عن مبادرة ستطلقها، وقد جاء مدّ اليد

لـ"حزب الله" على قاعدة الانخراط في مشروع الدولة بشروط الدولة، بمعنى أن لا تبديل ولا تغيير في موقفها من الحوار والسلاح.

و- في التمسّك الدائم والثابت بالمحكمة الدولية التي تتكامل في مؤدّياتها مع الثورات العربية بتحقيق العدالة وإظهار الحقيقة.

ثانيا، وأين أخفقت؟

1- سجّلت هذه القوى خطوة تراجعية عن 14 شباط الماضي والتي شهدت مشاركة شيعية تمثلت بإلقاء الوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون كلمة باسم الشيعة المستقلين، إذ لا يفترض التعاطي مع هذه المسألة بهذه الخفّة، فإمّا أن تكون هذه الشريحة مكوّناً أصيلاً من مكوّنات 14 آذار أو لا تكون، وبالتالي على هذه القوى حسم هذه النقطة، لا التعاطي على أساس الاعتراف بهذا المكوّن في لحظة الاصطدام بالرئيس نبيه برّي، والتضحية به في لحظة "الود" وتبادل الرسائل.

فلا مبرّر على الإطلاق بتغييب المكوّن الشيعي عن منصّة "14 شباط"، والمبادرة حيال "حزب الله" كان وقعها أكبر لو جاءت من هذا المكوّن تحديداً وفي لحظة وقوفه على "أرضيّة" 14 آذارية ميثاقية-وطنية. وقد كان الاعتقاد أنّ اختيار خطيب شيعيّ في العام الماضي ناجم عن قراءة نقديّة لطريقة التعاطي الخاطئة مع هذه الشريحة، ولكن تبيّن أنّ هذا الاختيار جاء على وقع الخلاف بين الرئيسين سعد الحريري وبرّي، وليس عن قناعة بضرورة الشبك مع هذه القوى التي تتشارك و14 آذار بنفس الأهداف والمنطلقات والثوابت والمبادئ.

ولكن يبقى على 14 آذار إيضاح هذه النقطة حرصاً على العلاقة التي باتت مأزومة مع هذه الشريحة، وبالتالي وإن كانت المبادرة باتّجاه "حزب الله" في محلّها، ولا يمكن أحداً أن يقف ضدّها، نظراً لحيثيته التمثيلية وحيثية "حركة أمل" أيضا، فلا يجب أن يسهو عن بال أحد أنّ هذه المبادرة ستبقى شكليّة وغير قابلة للترجمة قبل سقوط النظام الإيراني وليس فقط السوري، فيما تقوية المعارضة الشيعية هي مصلحة وطنية بالدرجة الأولى.

2- كان الأجدر بهذه القوى دعوة رئيس "المجلس الوطني السوري" برهان غليون إلى إلقاء كلمة المجلس مباشرة، الأمر الذي دلّل إلى ارتباك غير مفهوم وخوف غير مبرّر.

3- في 14 شباط الماضي تمّت الدعوة إلى 14 آذار شعبية، فيما تمّ تجاهل هذه الدعوة في هذه الذكرى، ما يؤشّر إمّا إلى غياب الوضوح السياسي، وعدم قدرة هذا الفريق على الالتزام بأجندة قبل شهر على ذكرى الانتفاضة، أو أنّ التوجّه هو للاستعاضة عن المناسبة الشعبية بمؤتمر في البريستول، ولا نيّة لإحباط المشاركين في هذه اللحظة… 

السابق
أميركا واحادية الزعامة
التالي
توقعات اسرائيلية بهجمات على سفاراتها في العالم.. تؤكد حربها الصامتة مع إيران