حزب الـله وعناوين ذكرى 14 شباط

في خطابه الأخير الأسبوع الماضي، أعاد السيّد حسن نصرالله تحديد موقع "حزب الله" حيالَ التطوّرات في المنطقة. وهو إذ بَنى الخطاب على شروح لموقف مُرشد الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة السيّد علي الخامنئي – وفي ذلك إشارة معبّرة عن الولاء لـ"الوَلي الفقيه" لجأ إليها متقصّداً- أكّد الانتماء إلى محور النظام الإيرانيّ ونظام الأسد، معلناً دعمه لهما "حتىّ النهاية"، مضيفاً في إشارة أخرى معبّرة أنّه يتلقّى دعماً ماليّاً وافراً من طهران. ثمّ قال إنّه سيتركُ عناوين أخرى لخطاب يُلقيه في السادس عشر من آذار الجاري. وترَدّد في هذا المجال أنّ نصر الله أرجأ تلك العناوين إلى ما بعد مهرجان 14 شباط في "البيال" غداً، بحيث يكون استمعَ إلى المواقف السياسيّة لقوى 14 آذار.

إنّ مختصر خطاب نصرالله الأسبوع الفائت هو الآتي: على رغم كلّ المتغيّرات التي شهدتها المنطقة منذ عام، فإنّ "حزب الله" لم ولن يتغيّر!.

والسؤال، إذا صحّ ما تردّد عن انتظاره مجريات مهرجان "البيال"، هو: لماذا ذلك الانتظار، وهل يتوقّع نصرالله شيئاً؟.

الحق يُقال إنّ ما أتى به نصرالله إنّما يسدّ أفق أيّ حوار أو اتصال أو تواصل أو قناة مع 14 آذار، التي تحيي ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري. وعلى ما يبدو، فإنّ الزمنَ الحالي ليس لحوار أو اتصال أو تواصل.

ولذلك، لن يتضمّن مهرجان "البيال" أيّ "مبادرة" باتجاه الفريق الآخر. ستتضمن الكلمات والمؤشّرات مواقف تخاطب البلد، بالاستناد إلى المتغيّرات بين 14 شباط 2011 و14 شباط 2012.

بدايةً، ستكون الرسالة – الكلمة المقرّرة لـ"المجلس الوطني السوري" متعدّدة الأبعاد. البُعد الأوّل هوَ أنّ الاحتفال بذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه يحصلُ هذا العام في رحاب الربيع العربيّ عموماً، والربيع السوريّ خصوصاً. والبُعد الثاني هو أنّ الاحتفال يتزامنُ مع تصاعد في الموقف العربيّ نحو الاعتراف بالمجلس الوطني ممثلاً شرعياً للشعب السوريّ. والبُعد الثالث هو أنّ الاحتفال – في "البيال" – يتزامنُ مع إسراع نظام بشار الأسد إلى الهاوية. والبعد الرابع – في المحصّلة – هو أنّ الذكرى السابعة لاستشهاد الرئيس الحريري تقع على مشارف مرحلة سوريّة – عربيّة – لبنانيّة جديدة.

من هنا، وإذ يحضرُ الربيع السوريّ بقوّة في "البيال" غداً، فإنّ الكلمات الـ 14 آذاريّة ستتوجّه إلى اللبنانيين، كلّ اللبنانيين، ومن كلّ الطوائف والمناطق بالعناوين الرئيسيّة الآتية: إنّ ما يجري من تطوّرات في المنطقة العربيّة في ظلّ الربيع العربي، والسوريّ بشكل خاص، تحسبُه 14 آذار انتصاراً للشعوب وحريّتها وكرامتها وديموقراطيّتها، لكنّه ليس انتصاراً لطائفة على الطوائف الأخرى أولاً، وما يجري إذ يشكّل انتصاراً لخيار الديموقراطيّة هو، من وجهة نظر 14 آذار، انتصارٌ للبنان ثانياً، وذلك بالضبط لأنّ دماء رفيق الحريري في 14 شباط 2005 شكّلت حدثاً تأسيسياً للربيع العربيّ، ولأنّ ما يجري منذ عام يمثّل فرصة تاريخيّة للبنان ليعودَ إلى سياق طبيعيّ، ثمّ إنّ ما يجري هو فرصةٌ – والأدّق أنّه يمكن أن يكون فرصة – لسلام لبنان، السلام الأهليّ "الأخير" ثالثاً، وكذلك هو رابعاً "مناخُ" و"توازن" جديدان لمصلحة استعادة لدولة من ناحية، والعمليّة السياسيّة الديموقراطيّة من ناحية ثانية… وهو خامساً فرصة لاستعادة موقع لبنان وإعادة بَلورته ليؤدي البلد دوره الريادي الذي سلبه نظام الأسد وحلفاؤه إيّاه في العقود السابقة.

إنّ هذه العناوين: سلام لبنان وسِلمه الأهلي خاصة، الدولة السيّدة والنظام الديموقراطيّ، ودور لبنان، بالارتكاز إلى اتفاق الطائف والسَّير منه باتجاه الدولة المدنيّة، ليست عناوين انتصاريّة لفريق 14 آذار، وليست عناوين خاصّة بفئة لبنانيّة من دون أخرى، بل هي عناوين لبنانيّة عامّة يتطلّع إليها المسلم والمسيحي، السنيّ والشيعيّ. فما مصلحة الشيعة – على سبيل المثال – إن بقيَ مصيرهم مُسترهناً لإيران وبشّار؟ وهل يكفي الشيعة أن يقول نصر الله لهم: إذا تعرّضت إيران لضربة إسرائيليّة لن يكون ردّ "حزب الله" تلقائيّاً بل سندرس الموقف في لحظته؟ وهل يطمئنهم أن يقول لهم إنّه "يقبض" من إيران لكن من دون شروط سياسيّة؟! وهل يسعدهم الدعم اللوجستي من جانب إيران و"حزب الله" لنظام الأسد أم تسعدهم جثامين أبنائهم العائدة من حمص؟

مهرجان ذكرى الرئيس الشهيد الحريري غداً، سيقول إنّ الحوار مع "حزب الله" موقعاً وشروطاً غير ممكن… لكن المهرجان يفتح المجال للحوار من دون الترسيمات الحزبيّة، أقلّه في الأمد المنظور.

والأهمّ أنّ ما ستتضَمّنه الكلمات الـ 14 آذاريّة غداً، ينبغي أن تفتح المجال لمبادرات مدنيّة، لنوع من الحوارات في إطار مدنيّ – أهليّ… إلى أن يقبل الجميع بشروط لبنان كياناً ودولةً على الجميع… إلى أن يقبل الجميع بأنّ العصر هو للكرامة والحريّة والديموقراطيّة والعدالة وحقوق الإنسان والدولة والقانون والدستور والسلام، هو لمنظومة قيَم يجب أن تسود على الجميع.

وإذا كان السيّد نصر الله ينتظر 14 شباط، فها هو الآن لا يحتاجُ إلى المزيد من الانتظار، فهو يعرف قبل 24 ساعة!.   

السابق
تيم الحسن انفصل عن زوجته الممثلة ديما بياعة
التالي
تلامذة يحيون ذكرى الحريري في صيدا