سقوط سورية «الوشيك»

مع بدايات الثورة السورية قلت بان سورية لن تكون سهلة السقوط كما حصل بالنسبة للثورات العربية الاخرى، وها انا اعيدها من جديد. الثورة في سورية مختلفة تماما عن غيرها، فالجمهورية السورية يصعب ان تجد فيها مقومات السقوط كتلك التي حصلت في أماكن أخرى.
أؤكد كلامي القديم، وأقول بأن من حق الشعب السوري المطالبة بحقوقه. الشعب السوري كالشعوب العربية الاخرى مهضوم ومظلوم منذ امد بعيد، ويجب ان يطالب بحقوقه كغيره من الشعوب. لكن، والكلام المهم هنا، هل مقومات سقوط الدولة بيد المعارضة أمر وارد؟ لا أقول مستحيل، لكنه بعيد وبعيد جدا، فبعد مرور أشهر من انطلاقة شرارة الثورة ما زال الأمر بعيد المنال.
علينا أن نقر بأن لدى السلطة في سورية مواصفات ومميزات افتقدتها السلطات في الثورات الاخرى. فسورية ربطت مصيرها بمصير استراتيجي بالقوى الخارجية، ولا أظنني بحاجة للمزيد من الكلام حول رمزية تكرار الفيتو المزدوج الصيني – الروسي اكثر من مرة. الشيء الاهم من كل ذلك ان الشعب السوري منقسم على نفسه، فكما ان بعض المدن خرجت عن الانصياع وثارت في وجه السلطة، توجد مدن اخرى ما زالت متشبثة بالسلطة. وهذا له انعكاس واضح حتى على المعارضة التي هي أصلا منشقة على نفسها. فمن بين المعارضة من يريد الارتماء بأحضان أميركا واسرائيل كالقيادي برهان غليون الذي صرح بأنه سيقطع مباشرة علاقاته بايران و«حزب الله» بمجرد تسلم فريقه الحكم، في حين الفريق الثاني ضد التدويل والتدخل الاجنبي، وثالث ينادي بالقومية الكردية، وهكذا إلى آخر قائمة اطياف المعارضة.
بل وحتى فريق التدويل غير قادر على اقناع المجتمع الدولي. فالمعارضة وبعد اصطدامها بالفيتو المزدوج، صارت تلوح بالتكتل الدولي. هذا الخيار لا يبدو أنه يسير بحسب أمنيات بعض اطياف المعارضة بالنظر لتصريحات قادة دول العالم خصوصا الأمريكان الذين لم يبتعدوا بأكثر من مطالبة الأسد بالتنحي مع تركيزهم على عدم وجاهة خيار التدخل العسكري في المرحلة الحالية. وفرنسا الأكثر حماسة لتأزيم الوضع الداخلي السوري هي الأخرى اصطدمت بحائط توتر العلاقات في ما بينها وتركيا الحليفة لها.
مازال طريق الثورة طويلا لتحقيق النصر الميداني، هذا بطبيعة الحال لو تحقق لها ما أرادت وافترضنا جدلاً بحتمية سقوط السلطة، وهو الاحتمال الذي لا يبدو أنه راجح بحسب قراءة الاوضاع. من هنا أقول بأن طرد السفراء في دول الخليج والتلويح بالاعتراف بالسلطة الانتقالية وغيرها من التحركات الديبلوماسية، ممارسات تبدو لي أنها مستعجلة وقد تحمل آثارا سلبية فيما لو عادت واستقرت الاوضاع ولم يحصل القطريون على ثمار تحركاتهم!   

السابق
«حماس» الإيديولوجيّة/ اللا…
التالي
في مطار بيروت…