النهار : مطافئ الجيش تسابق حماوة طرابلس والحدود

كتبت النهار :
حجب انفجار الفلتان في طرابلس بين منطقتي باب التبانة وبعل محسن أمس كل التطورات الداخلية الاخرى وطغى على زيارة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي لباريس ولقائه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على اهمية هذا اللقاء الاول في اذابة الجليد بين باريس وضيفها.
واثارت الاشتباكات التي شهدتها طرابلس بعد ايام من جولات التراشق بالقنابل اليدوية وتصاعد التوتر، مخاوف من اتساع التصعيد، خصوصاً ان التدخل الفوري للجيش بعد ظهر امس للفصل بين المنطقتين لم يسفر عن نتائج حاسمة، بل ان الاشتباكات تجددت اثر انتشار الوحدات العسكرية، وبدا الوضع الامني عرضة لمزيد من التصعيد على رغم المطافئ العسكرية. وكانت الاشتباكات بدأت عقب صلاة الجمعة واستخدمت فيها القذائف الصاروخية وسجل انتشار مسلح في محلتي التبانة وجبل محسن، وجرح فيها ثلاثة اشخاص قبل ان يتدخل الجيش بنشر وحداته على الخط الفاصل بين المنطقتين وطلبه من الفريقين سحب السلاح والمسلحين تمهيداً لاعادة انتشاره في مختلف مناطق باب التبانة وجبل محسن. واقترن الانتشار العسكري بمساع سياسية شارك فيها رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس ميقاتي من باريس وشخصيات طرابلسية. وبعد هدوء نسبي قصير تجددت الاشتباكات بعنف، ثم دوى انفجار كبير قرب جامعة الجنان في طرابلس وشب حريق كبير في المكان سرعان ما امتد الى حرم الجامعة، وتبين ان الانفجار ناجم عن انفجار مستودع للاسلحة والذخيرة.
واعلنت قيادة الجيش مساء انها تدخلت عقب حصول الاشتباكات وتولت وحداتها الرد على مصادر النيران ونفّذت عمليات دهم واسعة لاماكن مطلقي النار وسيّرت دوريات كثيفة في شارع سوريا، وقد اصيب من جراء هذه الاشتباكات ثلاثة عسكريين بجروح طفيفة، وأوقف عدد من المتورطين في الحادث وضبطت كمية من الاسلحة والذخائر. واذ اكدت ان وحدات الجيش مستمرة في تعزيز اجراءاتها الامنية لتوقيف سائر الفاعلين اوضحت ان "الوضع الامني هادئ وطبيعي في مدينة طرابلس وخصوصاً في شارع المئتين".
وافادت معلومات ليلاً ان ثلاثة شبان اصيبوا بانفجار مستودع الاسلحة والذخيرة، وان الانفجار نجم عن اشعال هؤلاء نار التدفئة قرب صناديق الذخيرة ولم يكونوا على علم بما في داخلها.
في اي حال، بدا الجيش في اليومين الاخيرين كأنه يسابق الحماوة المتصاعدة في طرابلس في موازاة خطوة الانتشار التي نفذها على نقاط حدودية في وادي خالد.
وقد انتشرت وحدات من الفوج المجوقل واللواء الثاني في نقاط حدودية في خراج قريتي الكنيسة وحنيدر الامر الذي ساهم في تهدئة المخاوف التي سادت المنطقة وخصوصاً بعد تحذيرات اطلقها نواب في "كتلة المستقبل" من احتمال اختراق الجيش السوري المنطقة لتنفيذ عملية عسكرية. وأبلغت مصادر مواكبة لهذه الخطوة "النهار" ان استكمال الجيش تدابيره سيأخذ بعض الوقت، وان الانتشار سيشمل كل المناطق الحدودية.
ميقاتي في الإليزيه
في غضون ذلك، نقل مراسل "النهار" في باريس سمير تويني عن مصادر فرنسية ان اللقاء الذي ضم امس الرئيس ساركوزي والرئيس ميقاتي في قصر الاليزيه "كان جيداً واكدت باريس دعمها لما يقوم به رئيس الوزراء اللبناني من اجل استقلال لبنان وسيادته". وشددت باريس امام ضيفها على موقفها من "الوضع غير المقبول في سوريا وأهمية تحمل المجموعة الدولية مسؤوليتها حياله". كما شددت على رفض تعرض قواتها العاملة ضمن "اليونيفيل" لاي اعتداءات جديدة.
وابرز ميقاتي بعد اللقاء طلبه من الرئيس الفرنسي "دعم الموقف اللبناني بعزل لبنان عن تطورات المنطقة"، ونقل عن ساركوزي "دعمه هذا الموقف إذ بدا متفهما جدا ووعد بدعم هذا الموضوع". وأوضح رئيس الوزراء أنه أبلغ الرئيس الفرنسي "أننا في لبنان لدينا كل يوم ربيع عربي ولكن الاساس قبل ان نتحدث عن أي ربيع عربي، أن نتحدث عن غروب الحروب في المنطقة وقيام فجر السلام فيها (…)". وأضاف: "ان السلام هو الاساس وليس التحركات التي تحصل اليوم".
وعلمت "النهار" ان الرئيس ميقاتي سيقوم اليوم بزيارة مجاملة وغير ذات طابع سياسي للرئيس سعد الحريري في منزله بباريس.
وقد عاد الحريري أمس كل من رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ومساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان.
ذكرى 14 شباط
وفيما أطلق الرئيس الحريري امس موقفا هو الاول من نوعه عربيا دعا فيه الدول العربية الى الاعتراف بالمجلس الوطني السوري "ممثلا شرعيا للشعب السوري وأن تسحب البساط من تحت أقدام النظام الوحش القاتل"، علمت "النهار" ان الكلمات التي ستلقى في مهرجان 14 شباط في مجمع "البيال" الثلثاء المقبل ستتناول تطورات سوريا، لكن التركيز الاساسي سيكون على الوضع الداخلي. وفهم ان كلمة لـ"المجلس الوطني السوري" ستعلن في المهرجان ولم يعرف من سيلقيها وكيف. لكن مضمون الكلمة سيشدد على احترام سيادة لبنان واستقلاله وحريته وتأكيد العزم على الانتصار على النظام في سوريا مهما بلغت التضحيات.
سليمان وبري
أما على صعيد الازمة الحكومية العالقة، فبرز أمس موقف لافت لرئيس الجمهورية من عقدة امتناع وزير العمل شربل نحاس عن توقيع مرسوم بدل النقل. ونقلت عنه قناة "الجديد" التلفزيونية ان هناك مخارج دستورية تتعلق بمشكلة رفض نحاس التوقيع، ووصفت هذه المخارج بأنها ستكون تصادمية ومفاجأتها ان وزراء حركة "أمل" موافقون عليها. وأوضح الرئيس سليمان انه "لا يجوز ابقاء قرار مجلس الوزراء من دون تنفيذ"، مشيرا الى انه "منذ عام 1995 يتم العمل بمرسوم بدل النقل ومع مرور الوقت تحول الى عرف مواز للقانون". وإذ أكد وجود مسعى لعودة جلسات مجلس الوزراء، لمح الى أن "تدابير ستتخذ في حق نحاس اذا استمر على موقفه، فاما ان يقال بغالبية الثلثين في مجلس الوزراء وإما ان تغير حقيبته بموجب القانون".
الى ذلك، صرح رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ"النهار" بأنه في صدد الدعوة الى عقد جلسة تشريعية لمجلس النواب قبل نهاية شباط الجاري. ويبدو توقيت هذه الخطوة متعمدا للضغط على الحكومة لمعالجة أزمتها قبل الجلسة، إذ يعتقد ان انعقادها قبل تسوية الازمة سيعرّضها لاحراج شديد وحملات حادة من نواب المعارضة.  

السابق
الاخبار : سليمان يريد معاقبة نحّاس: السياحة أو الإقالة؟
التالي
«حماس» الإيديولوجيّة/ اللا…