الاخبار : سليمان يريد معاقبة نحّاس: السياحة أو الإقالة؟

الاخبار كتبت :
طرأ تطور لافت على الأزمة الحكومية ينذر بتداعيات سلبية على الساحة السياسية، بعد رفع رئيس الجمهورية وتيرة التصعيد ضد رئيس تكتل التغيير والإصلاح من خلال التهديد بمعاقبة وزير العمل شربل نحاس، وتخييره بين توقيع مرسوم بدل النقل، أو اتخاذ «تدابير دستورية بحقه بالرغم من استحالتها
فقد فاجأ رئيس الجمهورية ميشال سليمان الأوساط السياسية أمس بالتلويح بـ«معاقبة
وزير العمل شربل نحاس إذا استمر على تصلبه برفض توقيع مرسوم بدل النقل، كاشفًا عن «مخارج دستورية لهذا الأمر. ووصف سليمان هذه المخارج بأنها «تصادمية، لكنّ «مفاجأتها أنها ستلاقي احتضاناً سياسياً من وزراء حركة أمل، ويعمل على أخذ موافقة وزراء في تكتل التغيير والإصلاح غير المحسوبين على العماد (ميشال) عون، على ما نقلت قناة الجديد عن سليمان.
وأعلن الرئيس أنه استدعى نحاس وعرض عليه مخرجاً بأن يوقّع مرسوم بدل النقل مع إضافة عبارة «مع عدم الموافقة، وأن يُرفِق المرسوم مع مشروع قانون يجيز للحكومة تحديد بدل النقل ويرسله إلى مجلس النواب، «لكن هذا المخرج لم يخرج من القصر الجمهوري. ورأى أنه «لا يجوز إبقاء قرار مجلس الوزراء دون تنفيذ، مشيراً إلى أنه «منذ عام 1995 يُعمَل بمرسوم بدل النقل، ومع مرور الوقت تحوّل إلى عرف وهو موازٍ للقانون.
وإذ أكد «وجود مسعى لعودة جلسات مجلس الوزراء، لفت سليمان إلى «تدابير ستتخذ بحق نحاس إذا استمر على موقفه، فإما أن يُقال بأغلبية الثلثين من مجلس الوزراء، أو تغيّر حقيبته بموجب قانون.
وبشأن ملف التعيينات، قال سليمان: «الآلية تضمن حماية الأقلية الحكومية عبر التوافق على أي تعيين لا التصويت، على أن تكون الآلية هي الحكَم، رافضاً أن «تتحكم الأكثرية في معايير التعيين والنظام والدولة، إذ يجب ألا يكون الولاء للزعيم هو معيار الوصول إلى مواقع الإدارة.
من جهة أخرى، أكد سليمان أن «انتشار الجيش في الشمال هو قرار سيادي للمؤسسة العسكرية يتعلق بضبط الحدود، ضمن الأولوية الموجودة في الشمال، ولا علاقة لمجلس الوزراء بذلك، وقال: «إن ما يحكى عن وجود منشقين على الأرض اللبنانية ليس بالحجم الموجود
نحاس ينفي
وفيما أوضحت مصادر مطلعة أن رئيس الجمهورية يقصد بالحديث عن تغيير حقيبة نحاس إسناد وزارة السياحة إليه، وتسليم الوزير فادي عبود وزارة العمل، نفى نحاس في اتصال مع «الأخبارما ذكره سليمان عما دار من نقاش أثناء لقائهما في قصر بعبدا. وأكد نحاس أنه هو من طلب الموعد، ولم يستدعه رئيس الجمهورية، وذلك لإيداعه طلب انضمام لبنان إلى الاتفاقية الرقم 87 المتعلقة بالحريّة النقابية وتنظيم العمل النقابي، موضحًا أنه «لم يجرِ خلال الاجتماع التطرق إلى أي موضوع آخر، وتحديداً موضوع مرسوم بدل النقل المخالف للقانون.
وفي حديث إلى محطة «otv أكد نحاس أنه لن يوقع مرسوم بدل النقل «وذلك ليس من باب العناد، بل لأن التوقيع مخالفة للقوانين
وسأل: «هل اتهامي بعرقلة عمل الحكومة هو حجة لترضخ الدولة أمام مطالب بعض اصحاب الأموال، ومَن يدّعون تمثيل النقابات؟.
وعن تعليقه على كلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بأن من لا يريد تنفيذ قرارات مجلس الوزراء فليستقل، أجاب: «إذا فيه يقيلني، فليقلني.
…و«8 آذار ترفض
وأوضحت مصادر تيار المردة لـ«الأخبار أن «موضوع إقالة نحاس طرحه الرئيس ميقاتي قبل أكثر من أسبوع تحت عنوان أنه لا يقبل وزيراً في حكومته يرفض توقيع مرسوم أقرّه مجلس الوزراء، وقد قابل فريق 8 آذار هذا الطرح برفض مطلق، إذ رفض حتى مجرد النقاش فيه.
أضافت المصادر: «ثم تماهى رئيس الجمهوريّة مع هذا الطرح، مضيفاً إن الدستور يُحدّد مهلة للرئيس للتوقيع، ولذلك هذا ينطبق على الوزراء، فرد فريق 8 آذار بالتأكيد أن المشترع لم يُحدّد مهلة للوزير، ولو أراد أن يُحدّد له مهلة، لكان قد فعل ذلك. وأضاف هذا الفريق إن واقع الوزير وحيثيّته وسلطته بعد الطائف مختلفة جداً عما قبل الطائف.
ورغم التلميح بأن رئيس المجلس النيابي نبيه بري يماشي الرئيسين سليمان وميقاتي في توجهها لاتخاذ إجراءات بحق وزير العمل، فإن الإشارات التي صدرت عن عين التينة تخالف ما تردد في هذا الصدد، لكن مع اكتفاء مصادر بري بتأكيد أن الأخير «مستمر في النأي بالنفس عن الأزمة الحكومية الحالية، ولم تتبلور لديه نية التدخل. وشددت مصادر من «قوى 8 آذار مطلعة على رأي بري على أنه «يجب التفتيش عن حل، لأن الحكومة ليست بحاجة إلى لغم جديد
وفي هذا السياق، أكد وزير بارز من قوى 8 آذار لـ«الأخبار أن حزب الله يرفض قطعاً هذا التوجه في التعامل مع الوزير نحاس، لافتاً إلى «أن المعضلة تكمن في وجود قرار لمجلس الوزراء مخالف للقانون، ووزير العمل يرفض التوقيع على هذا المرسوم. واستغرب الوزير المشار إليه كلام رئيس الجمهورية «وخصوصاً انه يؤكد دائماً الالتزام بالقانون. ورأى «أن إثارة هذه القضية مرتبطة بمحاولة التغطية على تعطيل مجلس الوزراء من دون سبب مقنع.
بدوره، استغرب وزير الطاقة جبران باسيل أن يكون «حامي الدستور ومن لا يتحدث إلا بالتزام القوانين، يطالب اليوم باتخاذ إجراءات بحق وزير يرفض توقيع مرسوم مخالف للقانون، رغم إقرار الجميع بأن هذا المرسوم مخالف للقانون وسيرفضه مجلس شورى الدولة. وأضاف:«صحيح أن مجلس الوزراء قادر على تخطي رأي شورى الدولة، لكن الحكومة التزمت برأي الشورى في كل مراسيم تصحيح الاجور خلال الأشهر الماضية. وبرأي وزير الطاقة، فإن «على من يريد الحل، أن يعقد جلسة لمجلس الوزراء، وليدرج على جدول الأعمال مشروع قانون بدل النقل، وليقره مجلس الوزراء ويحِله على مجلس النواب.
وعن رأيه في سبب إثارة هذه القضية رغم معرفة رئيسي الجمهورية والحكومة أنهما لا يملكان أكثرية الثلثين لإقالة وزير، فضلاً عن أن قراراً كهذا سيفجر أزمة سياسية كبرى في البلاد، قال باسيل لـ«الأخبار إن «التجاوز الكبير للدستور، سواء بقول الرئيس إن ما يطلبه رئيس الحكومة من مجلس الوزراء غير قابل للنقاس، أم اعتباره أن رئيس الحكومة أهم من الوزير ومن رئيس الجمهورية، أو بسماحه بأن يرفع رئيس الحكومة جلسة مجلس الوزراء بوجود رئيس الجمهورية، إن هذا التجاوز لا يُغطى بمحاولة إجبار وزير على توقيع مرسوم مخالف للقانون
كذلك، أكد وزير الشباب والرياضة فيصل كرامي لـ«الأخبار أن «الأمور تُعالج بالتروي، منبهاً إلى أن «الوضع العام حساس ولا يمكن تفادي خطورته سوى بالحوار، وفخامة الرئيس هو سيد الحوار، وقال: «بغض النظر عن رأينا في الملف، فإن الوقت الحالي ليس وقت التحدي.
في المقابل، أكد وزير «وسطي أن «المناخ العام في الحكومة، ما عدا التيّار الوطني الحرّ، هو مناخ مستاء من نحاس، لأنه يضع الدولة على رجل واحدة. ورأى الوزير «أن على وزير العمل التوقيع، لأن المسؤوليّة تقع على مجلس الوزراء، كاشفًا عن «أن الرئيس ميقاتي يبحث عن تسويات مع حزب الله منذ ثلاثة أسابيع، كي يضغط على نحاس ليوقّع، متمنيًا على نحاس «أن لا يوصلنا إلى خيارات صعبة وسيئة.
وفيما يبدو من هذه المواقف أن حشد ثلثي الوزراء لإقالة نحاس متعذّر أو شبه مستحيل، أكدت أوساط ميقاتي انه متمسّك بموقفه تجاه نحاس، وهو إمّا أن يوقّع المرسوم أو يستقيل.
في المحصلة، تبدو الأزمة الحكومية مفتوحة على مزيد من التعقيد، لكن الإيجابية الوحيدة، بحسب مصادر في الأكثرية الوزارية، تتمثل في كون «مطالب الرئيس نجيب ميقاتي بدأت بالظهور، على أمل أن يتكشف المزيد منها في طريق عودته من فرنسا
. أما رئيس الجمهورية، فربطت المصادر موقفه بالخلاف الناشب بينه وبين النائب ميشال عون.  

السابق
اللواء : ساركوزي لميقاتي: سندعم تسليح الجيش ليحل مكان «اليونيفل
التالي
النهار : مطافئ الجيش تسابق حماوة طرابلس والحدود