نيرون مات … ولم تمت روما

لو قدر للشاعر العربي عمران بن قحطان, صاحب البيت الذي تحول الى حكمة "أسد علي وفي الحروب نعامة" ان يعود الى الحياة ليوم واحد, او حتى ساعة واحدة فقط, يتابع خلالها نشرات الأخبار, وأحداث الثورة السورية, لما وجد شخصية ينطبق عليها بيت شعره, أكثر من طاغية الشام الذي ما فتئ يبطش بشعبه منذ أحد عشر شهراً , ويوجه أسلحته الروسية – الصينية – الايرانية, الى صدورهم العارية, لا لشيء الا لأنهم طالبوا بالتحرر من استعماره واستعباده لهم. ومن سوء الطالع ان اول حرب خاضها الاسد الابن, الذي جاء الى سدة الحكم بمحض الصدفة, فورث البلاد وابعاد عن والده, هي حرب ضد شعبه الاعزل الذي صبر على انتهاك الكرامة والعبودية لاربعة عقود الى ان حانت اللحظة المناسبة فخرج المارد من قمقمه وقد أقسم على أن لا يعود الى سباته الا بعد ان ينسف النظام المتهالك, الذي انقرضت اشباهه منذ زمن.
كما ان من مفارقات القدر, ان "شبيحة" النظام وأزلامه, يتبجحون يومياً برفع الأعلام السورية في دمشق واللاذقية وحلب وغيرها من المدن, بأحجام واطوال مختلفة, غير أنهم لا يتجرأون على رفع علم ولو كان بطول نصف متر في الجولان المحتل, وفيما عميت اعين النظام عن مشاهدة العصابات الاسرائيلية المسلحة التي تحتل تلك الهضبة منذ العام 1967 اصبحت تلك الأعين كأعين الصقور في رصدها وملاحقتها لعناصر "الجيش السوري الحر" الذي يدافع عن الأبرياء والعزل في المناطق الثائرة على الحكم الأسدي.
في المعلومات الواردة من دمشق والتي نقلتها وكالة "رويترز" للأنباء عن سياسي لبناني على تواصل مباشرة مع دوائر صنع القرار في دمشق, ان الأسد "مشترخ وهادئ" ومشغول بمطالعة جهاز "اي باد" الخاص به ويسأل عن احتمالات شن اسرائيل هجوما على إيران, لا تستغربوا ذلك, فمن حقه ان يسترخي طالما أن روسيا والصين وإيران الانظمة المتربعة على عرش القمع والتسلط والانتهازية, تقف خلفه وتسانده بالسلاح والمال والمواقف السياسية, غير ان هذا الاسترخاء لن يطول كثيرا فتلك الدول تتبع مصالحها وبشار الاسد لن يكون بالنسبة إلى روسيا والصين أهم من صدام حسين او معمر القذافي الامر فقط يحتاج الى ترتيبات وضمان مصالحهما في المنطقة عقب سقوط آخر حليف لهما.
كما ان ايران التي تواجه حصارا عالمياً اقتصاديا وعسكريا وسياسيا لن يكون بمقدورها ان تقدم للنظام السوري غير بضعة آلاف من عناصر الحرس الثوري, وخبرة بالية في قمع "الحركة الخضراء" اذن فالنظام ساقط ساقط لا محالة, والقصة ليست الا مسألة وقت قد يطول او يقصر تبعا لتضحيات الشعب السوري وحجم المجازر المرتكبة من قبل عصابات النظام.
نظام طبيب العيون ادمى القلوب وأبكى العيون, رمل نساء ويتم أطفال وشرد عائلات ونكل بأسر وانتهك المحرمات واستباح الاعراض, وبعد كل هذا يخرج بكل وقاحة ليقول أن مسيرة الاصلاح مستمرة ويعلن عن استفتاء على دستور جديد وطاولة حوار وانتخابات رئاسية مقبلة.
بوصلة النظام منحرفة قادته لقصف درعا وحمص وحماة وريف دمشق وغيرها من المدن الثائرة, بدلا من قصف اسرائيل, كما انها ستقوده الى هلاكه من حيث لا يدري وتأخذه الى القصاص العادل الذي سينفذ بحقه من قبل الشعب, بعد ان تدك الصواريخ "الاطلسية" كل أوكار النظام وعندها لن تنفعه كل الاستغاثات التي سيطلقها كما فعل من قبله القذافي.
تعلمنا من التاريخ أن الأوطان تمرض لكنها لا تموت نيرون مات ولكن روما لم تمت, وعاد اليها بريقها وألقها بعد ان رممت جروحها وحروقها هتلر انتحر وبعدما نفضت برلين وباريس ولندن ولينين غراد, عفن النازية عنها, القذافي مات لكن بنغازي وطرابلس ومصراتة داوت جروحها وغدا يسقط نظام دمشق وتمسح حمص ودمشق ودرعا وحماة وسورية كلها, دموعها تكتب على بواباتها "من هنا مر التتار".  

السابق
بابا عمرو… اطردوا السفير السوري
التالي
الفيتو الروسي خسارة فيه ثمنه