قيلولة: السهو والعمد.. والصوت المجروح

صوتي..
هذا صوتي..
هذا أنا..
هنا أنا..
هنا صوتي..
صوتٌ..
جرّحته الأزمنةُ..
وأبكته عواديها..
وقتله الصمتُ.. بصمتٍ بارد..
صوتي..
هذا صوتي..
غادر حنجرته..
بحثا عن مأوى..
عن ملاذٍ آمن..
عن قلبٍ بلا ضغينة..
عن ليلٍ لا يخاف سواده..
عن دفءٍ في صحراء عمره..
ما أمرّ العمرَ.. إن تصحّر..
وما أبشعَ القلبَ الذي تصخّر..
شياطين وسلاطين
حين تحضرني الكتابة..
تولّي الشياطين..
ويحضر سلاطينهم.. مزبلة «موسى»
لي في مزبلة التاريخ تاريخ.. فأنا «مزبول» قديم.. «مزبول» منذ خمسة وثلاثين عاما.. ومنذ «زبلني» حينذاك.. الصحفي المصري المرحوم موسى صبري.. وكانت المرة الاولى التي اعرف فيها ان للتاريخ مزبلة.. فقد ألبسني المرحوم «موسى».. طاقية الاخفاء وأدخلني مصر.. اراها ولا تراني .. وجعلني أسبي نساءها.. وأسترقّ رجالها.. وأسمّم نيلها.. وأحلب جواميسها وأشرب حليبها وألبّنه وأجبّنه وأزبّده.. وأصدّر الفائض منه الى دول الجوار.. وجعلني اطمس اهرامها.. وأستعير «ابا الهول».. ابا لي.. او زوجا لأمي.. وآكل أخضر مصر .. وأحرق يابسها ..

هكذا سوّاني «موسى» وصيّرني .. غولا ووحشا مفترسا لايرحم صغيرا ولا يوقر كبيرا .. وبقوّة خارقة حارقة.. وأنا الذي لو تعاركت مع نملة لخرجت من المعركة.. مهزوما.. مثخن الجراح.. دامي الوجه .. مجرح اليدين.. مكسور القدمين.. مجدوع الانف والاذنين.. مقوّس الظهر.. محدودبا .. وعيناي معطوبتان وجلدي مسلوخ ومصلوخ ومنفوخ..

هذا وضعي وتلك حالي وحالتي لو عاركت نملة.. فكيف سأفعل ـ بمصر العظيمة ـ تلك الافاعيل التي وضعتني يا «موسى» بسببها في مزبلة التاريخ اجلكم الله وأجله في قبره؟

وإلاّ ما هي الآسباب التي تدخل الانسان مزبلة التاريخ.. ان لم يكن فعل مثل تلك الافاعيل وجاء بمثل تلك الاباطيل.. وأنا بريء من هذه ومن تلك.. فلم افعل افاعيل.. ولم اجئ بأباطيل .. ولكنه حكم «موسى» الذي اذا حكم جار.. واذا جار جأر وزأر .. وفتح مزبلة التاريخ ليلقيني فيها وحيدا.. لم يتكرم عليّ بزبون آخر يسلّي وحدتي.. ويخفف وحشتي.

بعد ذلك عرفت ان للتاريخ مزبلة ـ فعلا ـ لكثرة من ألقي فيها.. حتى كادت مزبلة التاريخ هذه.. أن تتحول الى دولة ذات علم وسيادة وشعب وحكومة .. ولكن عيبها الوحيد هو قلة سكانها من النساء حيث ان اكثر سكانها من الرجال وهذا ما يهدد التوازن البيئي فيها وينذر بانقراضها واضمحلالها.. لذلك فإن على الهيئات والجمعيات البيئية ـ وما اكثرها ـ تدارك الامر وتزويدنا نحن سكان مزبلة التاريخ بعدد من النساء في سن الحمل والولادة.. من اجل تحقيق التوازن البيئي.. والمحافظة على النسل.. وما اكثر النساء المستحقات لزمالتنا والحلول معنا في مزبلة التاريخ .. ولكن ارجو ألاّ يكنّ من صنف «نانسي» و«هيفا» درءا لنشوب حرب اهلية بين رجال المزبلة.. ولا بأس ان يكنّ من نوعية النهاقة النعاقة العراقية «عالية نصيّف»!! 

السابق
الفيتو الروسي خسارة فيه ثمنه
التالي
إسرائيل.. بين الظاهر والحقيقة