من سيتراجع أولا.. اسرائيل وأميركا أم ايران؟

مؤخرا، كل يوم تقريبا تنشر أنباء وتصريحات على لسان مقرري السياسة الكبار عن الصراع ضد البرنامج النووي الايراني. قول في يوم ما سرعان ما يتناقض مع آخر في اليوم التالي، والتشوش وانعدام الثبات يتعاظمان. ثمة تصعيد كبير ليس فقط في كمية الرسائل التي يتم تبادلها بل وايضا في النبرة وفي الشدة. ثمة الكثير من الحرب النفسية والقليل من النوايا الحقيقية.
وزير الدفاع الأميركي، ليئون بانيتا، قدر بان اسرائيل ستهاجم ايران بين نيسان وحزيران المقبلين. اوباما يظهر بعده ويقول ان اسرائيل لا تزال لم تقرر الهجوم. رئيس الأركان الأميركي، باتريك دمباسي، الذي زار مؤخرا البلاد، ألمح بانه لا توجد تفاهمات وتنسيقات بين الولايات المتحدة واسرائيل. ولكن اوباما يقول ان التنسيق بين اسرائيل والولايات المتحدة لم يسبق ان كان أفضل. يبدو هذا مثل شد الحبل. عندما يشده طرف اكثر مما ينبغي، مثل بانيتا ودمباسي، يأتي طرف آخر مثل اوباما في محاولة للاصلاح.
اوباما يقول انه لا يجب استبعاد أي وسيلة، بما في ذلك العملية العسكرية، ولكن يجب استخدامها فقط كوسيلة أخيرة بالتأكيد. ادارته تعتقد أنه يجب اعطاء فرصة للدبلوماسية والعقوبات الشديدة ضد تصدير النفط الايراني. وهو يخشى من أن تكون عملية اسرائيلية في الصيف مبكرة جدا، تشوش خطوة العقوبات وتورط الولايات المتحدة في حرب قريبة جدا من الانتخابات الرئاسية. من جهة اخرى، فان التهديدات العسكرية كفيلة بان تقنع حتى القوى العظمى المتحفظة، مثل روسيا والصين، بتبني عقوبات شديدة.

في اسرائيل يوجد جدال حول الهجوم نفسه وليس حول توقيته، وليس واضحا اذا كانت التصريحات الأكثر هجومية تستهدف ممارسة الضغط على القوى العظمى لاتخاذ وسائل أكثر تطرفا ضد ايران أم ان الحديث يدور عن مخططات تنفيذية جدية.
ردا على العقوبات الجديدة، أعلنت ايران بأنها ستغلق مضائق هرمز ولكنها تراجعت بعد أن أعلنت الولايات المتحدة بانها ستفتحها بالقوة. موظف ايراني كبير قال أنه في ضوء الخطط الاسرائيلية الهجومية، فان على ايران ان توجه لاسرائيل ضربة وقائية وتمارس الارهاب في كل العالم. مصدر آخر قال ان ايران مستعدة لاستئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة واوروبا.
زعماء اوروبا صرحوا ان فقط العقوبات الشديدة يمكنها أن تمنع عملية عسكرية، ولكنهم قرروا تطبيقها في تموز القادم فقط. اذا كانت ايران قريبة من القنبلة، فهذه ستكون عديمة القديمة. في اوروبا يوجد الكثيرون الذين يرفضون رفضا باتا الهجوم العسكري ويرون نتائجه المرتقبة كأسوأ ما يكون من كل نتائج محتملة لايران نووية.
المشكلة هي أن فقط التهديدات العسكرية المصداقة الى جانب عقوبات شديدة يمكنها، ربما، التأثير على سياسة آيات الله. أما اذا جرى بين الحين والآخر فرض الغموض على الخيار العسكري واذا تقرر فرض العقوبات الشديدة مع عدم تطبيقها الا في الصيف ? فيمكن لايران أن تواصل الاستخفاف بكل العالم. الحرب النفسية تنجح حتى حدود معينة. في نهاية المطاف أحد ما يتراجع أولا وتسقط الاقنعة. ينبغي فقط الأمل ألا يحصل هذا للولايات المتحدة ولاسرائيل.
  

السابق
قداديس في النبطية لمناسبة عيد مار مارون
التالي
تركيا تغلق مضيق البوسفور بسبب عاصفة ثلجية