نهر الحاصباني..ضحية بيئية جديدة

لا يزال تلوّث نهر الحاصباني بزيبار الزيتون وقتل الحياة النهرية فيه، يشكّل المشكلة الأكبر لدى المعنيين والمهتمين من أهالي حاصبيا ومنطقتها، كون النهر يروي العديد من البساتين والحقول الزراعية المحيطة به، في ظل غياب أي خطة تخلق التوازن بين الحياة البيئية، ومصالح المواطنين المعيشية.

على رغم الإرشادات والتوجيهات والتحذيرات من قبل قائمقامية حاصبيا وبلدياتها بضرورة إبعاد الأذى عن نهر الحاصباني والحقول الزراعية، لا تزال معاصر الزيتون المحيطة به ترمي بزيبار الزيتون في مجراه، ما يؤدي تدريجاً الى قتل الحياة النهرية فيه.

وفيما ناشدت القائمقامية إنشاء بُرَك وخزّانات لتجميع الزيبار كمقدّمة للتخلص منه، أنشأ العديد من تلك المعاصر بُرَكاً وخزّانات خاصة، لكن المشكلة تفوق قدرتهم على التخلص الجذري والفاعل من زيبار الزيتون وملوّثاته، لا سيما أن عدداً آخر من المعاصر لم يتقيّد بالإرشادات، ولا يزال يتعاطى مع مياه النهر والبساتين المحيطة كالمال السائب، مستغلاً التقصير الحكومي في اتخاذ التدابير القانونية اللازمة، والإهمال الذي بات عادة وطبيعة تتوارثها الأجيال، فيما الضحية الظاهرة هي البيئة التي يغيب الوعي تجاهها، بينما لا يعي الإنسان أنه هو الضحية الحقيقية.

ويبدو أن المشكلة تتفاقم باضطراد، إذ أن الزيبار والملوّثات أصبحت تُفرّغ بالأطنان، في ظلّ غياب الإجراءات الفاعلة والجدية للتخلص منها بطرق حديثة.

وترتفع شكوى المواطنين من التلوّث، لا سيما في فصل الصيف، حيث يشكّل النهر ومحيطه منتزهاً ومتنفساً يلجأ اليه أصحاب الدخل المحدود لقضاء عُطَلهم.

وإزاء هذا الواقع، لم تتمكن بلدية حاصبيا إلاّ بالتقدم بشكوى ضد مجهول، بسبب رمي الزيبار في نهر الحاصباني والأقنية والسواقي المؤدية إليه.

وفيما كشفت عناصر مخفر حاصبيا على المعاصر في المنطقة المحاذية لمجرى النهر، أكد أصحاب هذه المعاصر أنهم يقومون بنقل الزيبار إلى أماكن بعيدة، وهم غير مسؤولين عمّا يضرّ ببيئة النهر والحقول الزراعية المجاورة له، ولم يُبلّغ عن اتخاذ أي إجراءات أمنية في حق أيّ منهم، في ظل الحديث عن غياب أي خطة بديلة تسمح في استمرار هذه المعاصر، ولا تقطع بأرزاق أصحابها، وتحافظ على البيئة وإستمرار الحياة النهرية.

ولأن مجرّد كلام أصحاب المعاصر لم يقدّم أي جديد، فإن مياه نهر الحاصباني تتحوّل إلى اللون الأسود يوماً بعد يوم.

وفي هذا الإطار، أكّد قائمقام حاصبيا وليد الغفير لـ "الجمهورية"، "أن هناك متابعة حثيثة لهذا الموضوع مع بلديات المنطقة والجهات المعنية، لرفع الأذى عن النهر، من خلال إلزام أصحاب المعاصر التقيّد بالقوانين والتوجيهات الكفيلة بالحدّ من تفاقم هذا الأمر."

من جهته قال نائب رئيس بلدية حاصبيا يوسف أبو صالح لـ"الجمهورية": "الدعوى ضد مجهول جاءت لردع المخالفين أيّاً كانوا، وذلك بعدما شهده حوض الحاصباني من تلوث بزيبار الزيتون، وقتل الحياة النهرية فيه".

وبدوره أكّد رئيس بلدية عين قنيا منير جبر، أن البلدية "عقدت إجتماعاً عاجلاً مع أصحاب المعاصر، لتذكيرهم بضرورة التقيّد بالإرشادات والتعليمات الكفيلة بعدم رمي الزيبار في السواقي، التي ترفد بمياهها نهر الحاصباني، من خلال جمعها في خزّانات وبُرَك، ومن ثم نقلها إلى محطة التكرير التي سبق وأنشأتها البلدية لهذه الغاية، منذ أكثر من ثلاث سنوات"، مؤكداً أن البلدية "متشددة في الحفاظ على البيئة، ورفع الغطاء عن أي مخالف".
  

السابق
هل سيضيف مهرجان 14 شباط جديداً؟
التالي
خضر حبيب: خطاب نصرالله دفتر شروط على ميقاتي الالتزام به