متل ما شِلتا فيك تشيل الزبالة

لم يرتضوا ان يكونوا من الأكثرية الصامتة، فقالوا كلمتهم المثقلة بالسخط على مجتمعٍ أبى إلا ان يشوّه جمال بلاده، من خلال بعثرة نفاياته في كل الاتجاهات. مشهدُ أحد المواطنين لدى رميه ورقة من نافذة سيارته كان كفيلاً باطلاق شرارة حملة غير تقليدية. بكل دهاء قرّر محمد عليمي ونادين رزوق ولمى شحادة ومحمد عليمي، طلاب التصميم الغرافيكي (Graphic Design) في الجامعة الأميركية في بيروت، إطلاق حملة توعية بعنوان "متل ما شلتها" للحفاظ على البيئة والحد من ظاهرة الاهمال ورمي النفايات في الشوارع، مستغلين عامل الجذب الأول لدى اللبنانيين: النقود.
ببساطة طَبع الطلاب الثلاثة أوراقاً تشبه العملة النقدية من فئة العشرة آلاف ليرة، وكتبوا على ظهرها "متل ما شلتها فيك تشيل الزبالة عن الطريق"، وقاموا برميها على الطرق وفي الشوارع، انطلاقاً من حرم الجامعة الى مختلف مناطق العاصمة.
لعلنا كلما خرجنا من المنزل نتمنى ان نجد "شوية مصاري ع الطريق"، لكن ماذا ان وجدناها واكتشفنا انها زائفة وتهدف الى توعيتنا على واقع نختبره يومياً؟ لم تكن ردود الفعل سلبية "بل على العكس أتت ايجابية وحفزتنا على الاستمرار"، وفق عليمي الذي اعتبر المجموعة الشابة "صوتاً للناس"، وخصوصاً بعد التعليقات الايجابية الكثيرة التي تلقوها عبر صفحتهم الخاصة على "فايسبوك"، والتي تجاوز عدد المنتسبين اليها 4 آلاف شخص. أضاف: "لم نتوقع الاقبال على الصفحة أو الاعجاب بالفكرة الى هذه الدرجة. اكتشفنا ان كثيرين يشاطروننا الامتعاض، واللافت اننا تلقينا طلبات من شبان عرب من تونس والاردن يرغبون في تطبيق الفكرة في بلادهم، ونحن على تواصل معهم لمساعدتهم. فالانتشار هو أحد أهدافنا. نريد التغيير في العالم العربي، ولمَ لا الشرق الأوسط؟".
تلاقي الفكرة تشجيعاً وانتشاراً في أوساط الشباب، لكن عليمي لا يخشى تأثير حجم الانتشار على تفاعل الناس معها، لأن الشريحة المستهدفة على قوله ليست الشباب فحسب "فمعظمهم أكثر وعياً من الجيل الأكبر منهم، ويللي منشوفن عم يكبّوا غالبيتهم من الجيل الأكبر".
وانطلاقاً من "الوعي" الشبابي لهذه الظاهرة، يشير عليمي الى انه يفترض بالجيل الأكبر "ان يعلّمنا، لكن تجربتنا في هذا المجال اظهرت ان نسبة الوعي لدى الشباب في هذا المجال أكبر، لذا لا يؤثر انتشارنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي علينا بل يحفّزنا لأن الفئة التي نستهدفها قليلاً ما تتفاعل عبر هذه المواقع".
وفي ما خص الخطوات المقبلة أكّد ان الهدف ليس الحملة نفسها وردود الفعل عليها، بل "مطلبنا ان تُطبّق الدولة القانون الذي يمنع رمي النفايات، وللأسف هو موجود لكنه غير مطبّق، لذا نحاول تذكير السلطات المعنية بوجوب تغريم كل من يقوم بهذا الفعل كمثل الغرامات المفروضة على تجاوز السرعة. مع الوقت سيعتاد الناس عدم رمي النفايات بفعل العقاب بداية وصولاً الى اعتياد الأمر وتحوله فعلاً لا شعورياً".
  

السابق
عن حلب التي لا تَحتَمل ثقلها
التالي
السعودي: التخلّص من جبل النفايات قريباً في صيدا