الاخبار: الخليلان ينتظران نهاية الدلع

لا شيء يوحي باقتراب حل الأزمة الحكومية التي «لا تزال تحت السيطرة». المساعي الجدية للحل لا تزال في انتظار صدور كلام جدّي عن أطراف الأزمة. فهؤلاء يمارسون «دلعاً سياسياً» على حدّ وصف أحد السياسيين المعنيين بالأزمة وحلّها

بدأ أمس المعاونان السياسيان للرئيس نبيه بري وللأمين العام لحزب الله الوزير علي حسن خليل وحسين الخليل تحركهما، في محاولة للبحث عن حل للأزمة الحكومية. وقد التقيا أمس، قبل أن ينتقلا إلى زيارة الرئيس نبيه بري في عين التينة. وبحسب مصادر مطّلعة على أجواء اللقاءين، فإن الخليلين يقومان بنوع من الاستطلاع الأولي للوضع العام للأزمة، وعرضا مع بري الاحتمالات التي أدت إلى نشوب الأزمة، وإمكانات تطورها سلباً أو إيجاباً. وبحسب مصادر معنية بالأزمة الحكومية، فإن لقاءات أمس عرضت جميع الاحتمالات، بدءاً من احتمال أن يكون رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يريد تفادي مشكلة في مجلس الوزراء بشأن ملف تمديد بروتوكولات المحكمة الدولية، إضافة إلى احتمال أن يكون ميقاتي راغباً في تلافي الضغوط التي يتعرض لها من سوريا، وخاصة منها المرتبط بضبط الحدود اللبنانية ـــ السورية. وتضيف المصادر أن ما نتج حتى يوم أمس من لقاء الخليلين ثم اجتماعهما ببري، أدى إلى تحديد سقف لأي تحرك يهدف إلى حل الأزمة، وفق الآتي:
ــ وجوب استمرار الحكومة على قيد الحياة.
ــ وجوب إخراج مجلس الوزراء من دائرة التعطيل.
ــ عدم الضغط على الرئيس نجيب ميقاتي أو دفعه نحو الرحيل.
ــ عدم إحراج الجنرال ميشال عون أو الضغط عليه.
وقالت مصادر معنية بالأزمة الحكومية لـ«الأخبار» إن إطلاق أي مبادرة جدية بحاجة إلى تخلّي أطراف الأزمة عن «الدلع» الذي يمارسونه. فأطراف الأزمة الحقيقيون يتعاملون كما لو أن شيئاً لم يكن. فهم يلتقون دائماً، وجلساتهم ملؤها الودّ المتبادل. أما حين يفترقون، يعود كلّ منهم إلى رفع السقف.

وفي هذا الإطار، التقى الرئيس نجيب ميقاتي أمس الوزير جبران باسيل في السرايا الحكومية، على طاولة اللجنة المكلفة متابعة ملف بواخر إنتاج الكهرباء. وكانت أجواء الاجتماع إيجابية جداً، ومثمرة، بحسب مصادر المجتمعين. ووصل التوافق بالمجتمعين إلى حدّ طرح إمكان استئجار بواخر إضافية عمّا كان مقرراً سابقاً، لزيادة دعم قطاع الطاقة اللبناني في الصيف المقبل.
وكان الرئيس ميقاتي قد زار الرئيس نبيه بري في عين التينة أمس، عارضاً التطورات والوضع الحكومي على مدى ساعة كاملة. وقال ميقاتي إثر اللقاء إنه «وضع الرئيس بري في كل المعطيات التي لديّ، وهو يتريّث ليتابع اتصالاته، وفي أي موقف يمكن أن يتخذه». ورداً على سؤال بشأن نيته عقد جلسة لمجلس الوزراء، كرر ميقاتي التمسك بموقفه: «حتماً هناك جلسة إذا تأكدنا من أن مجلس الوزراء سيكون منتجاً»، فيما حرصت مصادر بري على إبلاغ الوكالة الوطنية للإعلام أن «الرئيس بري لم يقتنع حتى الآن بضرورة التدخل».
ورغم أن مصادر ميقاتي أكدت أنه لا يزال على موقفه، أكدت مصادر سياسية رفيعة المستوى في قوى 8 آذار أن رئيس الحكومة يبحث عن مخرج للأزمة. ولفتت مصادر أخرى من الفريق ذاته إلى أن الحل قد يبقى بحاجة إلى ما بعد عودة ميقاتي من زيارته الباريسية.أما رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، فدعا «جميع الأفرقاء السياسيين إلى التبصّر في واقع المرحلة الراهنة واستقراء المستقبل، والعمل من خلال الحوار الهادئ والرصين على الحفاظ على السلم الأهلي وإبقاء البلاد في منأى عن ارتدادات ما يحصل من حولنا»، معتبراً أن « ذلك لا يتحقق إلا من خلال التحاور والتفاهم وإطلاق عجلة مؤسسات الدولة بما يعيد العمل إلى الانتظام العام، ويبقي كل الأمور في إطار الهدوء والاستقرار المطلوبين بقوة في هذه الفترة». وعلمت «الأخبار» من مصدر بعبداويّ أن مواقف الرئيس ميقاتي «تتكامل ومواقف رئاسة الجمهورية»، والتنسيق بين الرئاستين قائم بشأن مختلف التفاصيل. وبعبدا «تؤيد وتبارك» كل الخطوات التي يتخذها ميقاتي، في ظل تأكيد المصدر نفسه أن التحرك الجدي الوحيد للرئيس سليمان لتحريك الجمود الحكومي سيكون باتجاه بكركي، لحثّ البطريركية المارونية على تفعيل نداءاتها وتوجيه الصوت أكثر بشأن «وجوب كف التيار الوطني الحر عن تأخير العمل الحكومي». ولم يؤكد مصدر بعبدا أو ينفي احتمال حصول لقاء قريب بين سليمان ورئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون لحل الملفات الحكومية العالقة، بعد عجزهما عن التوصل إلى اتفاق كهذا من دون وسيط يشاركهما الطعام والنقاش.

وكان حزب الله قد سجل، إثر اجتماع نائب رئيس مجلسه السياسي محمود قماطي وعضو المكتب السياسي غالب أبو زينب أكثر من ساعة ونصف مع العماد عون، تطوراً لافتاً في موقفه من الأزمة الحكومية. فسأل أبو زينب إثر اللقاء «لمصلحة من يجري في هذه اللحظة السياسية تعليق العمل الحكومي؟». وذكّر أبو زينب بأن «مجلس الوزراء هو لكل اللبنانيين، وبالتالي يتشارك فيه الجميع، ولا تسلّط من أحد على أحد». ورأى أن «الكلام بشأن تعليق الجلسات لإمرار بروتوكول المحكمة كما مُرّر التمويل لكي لا يحرج حزب الله هو برسم الشخصيات المسؤولة التي يجب أن تبادر الى تحمّل المسؤولية الوطنية في هذا الإطار، وتسارع الى استئناف عقد جلسات مجلس الوزراء على أسس واضحة لا لبس فيها». وشدد أبو زينب على وقوف حزب الله دائماً إلى جانب العماد عون والتيار الوطني الحر.

وأكدت مصادر التيار الوطني الحر أن العماد عون كان مرتاحاً جداً إلى تفاهم 6 شباط، وعبّر أمام من التقاهم عن ثقته بأن حزب الله لن يخذله أبداً، وسيتشاركان التخطيط لعدم الوقوع في الهفوات السابقة، والتنسيق لفرض واقع حكومي جديد. وعُلم في هذا السياق أن موقف عون وحزب الله من الأزمة المستجدة سيكون موحّداً، ولن يتمكن خصوم التكتل داخل الحكومة أو الوسطاء من تحييد الحزب أو فصل موقفه عن موقف العونيين، كما فعلوا في السابق.
وأشار أبو زينب إثر اللقاء أيضاً إلى تهنئة الحاضرين بعضهم بعضاً بالعيد السادس للتفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله في 6 شباط 2006. وشدد أبو زينب على تركيز المتفاهمين «على بناء الدولة لتكون في خدمة المواطن، لا دولة مزرعة». ومن المنتظر أن يلقي الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله اليوم كلمة في احتفال يقيمه الحزب لمناسبة عيد المولد النبوي وأسبوع الوحدة الإسلامية.
على صعيد آخر، زار مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان بيروت أمس، لتقديم التعازي إلى عائلة الوزير والنائب السابق نسيب لحود، باسم نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن.  

السابق
الحياة: سليمان يدعو إلى العمل من خلال حوار هادئ على بقاء لبنان بمنأى عن ارتدادات محيطه
التالي
غير المرئيّ في الموقف الروسيّ