محمية شاطئ صور مهدّدة بالإقفال

لطالما صمدت محمية شاطئ صور الطبيعية أمام تهديد التلوث والعمران العشوائي وتدني الوعي البشري لقيمها البيئية. حالياً، تواجه المحمية الخطر الأكبر: انعدام الميزانية وحجب التمويل. فهل تنهار أمام العوز؟

«المحمية في خطر». خلاصة توصّل إليها مدير محمية صور الطبيعية المهندس حسن حمزة بعد عرضه لواقعها الحالي وحجم إنتاجيتها. والسبب: تأخر وزارة البيئة في تحويل الأموال وبتّ ميزانيتها، منذ نحو سبعة أشهر، وحجب مساهماتها السنوية منذ عام 2009. «العوَز المالي» لا يهدّد مصير فريق عمل المحمية، من المدير والمساعدة الإدارية وحراسها الثلاثة وعامل النظافة الوحيد فيها، والذين اكتسبوا جميعهم صفة «متطوع» لأنهم لا يتقاضون معاشاتهم منذ أشهر، فحسب.

فهو إذا طال، يقول المعنيون، فقد يضيق الحراس ذرعاً بأوضاعهم، ويقررون الاعتكاف عن العمل (مثلاً). عندها تكون المحمية الممتدة على مساحة 380 هكتاراً، أمام احتمال دخول البعض إليها عشوائياً والعبث فيها. وهذا يعني أن الخطر يطاول آخر شاطئ رملي باقٍ في لبنان، معترَف بأهميته وطنياً ومدرج على لائحة «رمسار» العالمية للأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية، ومصنّف كمألف للطيور المائية وواقع على خطوط هجرة مهمة للطيور.
التهديد قد يطاول أيضاً التنوّع البيولوجي النباتي الذي تتميز به المحمية، التي تضم ستة أنواع مهدّدة بالانقراض وطنياً وإقليمياً وأربعة منها متفرّدة، وعشرة نادرة وخمسين نوعاً خاصاً في شرقي البحر المتوسط. إلى جانب التنوّع الحيواني الذي يضمّ نوعين من الخفافيش المهدّدة بالانقراض، وأنواعاً من السلاحف البحرية التي تتخذ من المحمية مقراً لوضع بيوضها.«رغم قلّة عددهم، للحراس سلطة معنوية»، يؤكد حسن حمزة، في ظلّ ما يخشاه من غيابهم، كأن تضرب المحمية عاصفة سرقة الرمول التي سادت في الأشهر الماضية في ضواحي المدينة.

يذكر أن الضائقة المالية أدّت إلى توقف قسري لعدد من البرامج والمشاريع التي كانت إدارة المحمية قد أطلقتها؛ إذ إنها كانت تعتمد على التعاقد مع خبراء وناشطين متخصّصين يتعاون مع طاقمها القليل العدد. في هذا الإطار، يشير حمزة إلى التعثر الذي يواجهه برنامج معاينة الغطاء النباتي ومراقبة السلاحف البحرية، فيما مشروع مراقبتها عبر الأقمار الصناعية براً وبحراً بتحميلها أجهزة خاصة، قد تأجّل حالياً. كذلك، إن برامج التعاون وورش الإرشاد والتوعية والتدريب، التي كانت الإدارة تنظمها بين الحين والآخر للصيادين في المدينة، قد توقف أيضاً. وهذا الأخطر برأي حمزة. فالواجهة البحرية قبالة القسم الرملي من المحمية، تصنّف نقطة جاذبة للسمك بسبب تضاريسها البحرية والأعشاب المتوافرة، الأمر الذي جعل منها مراعي تشهد تكاثر السمك. الصيادون يدركون هذه الحقيقة، فيركزون عملهم في هذه المنطقة. ومن المعلوم أن قطاع الصيد في صور يعاني اختراقات يشنّها البعض ممن يستخدم وسائل غير مشروعة في الصيد، ولا سيما الديناميت.

ماذا عن الهبات؟ يلفت حمزة إلى أن المحمية أنشئت عام 1998 بموجب قانون حمل الرقم 708، جعلها هيئة مستقلة تتبع لوزارة البيئة. نظامها الداخلي يمنعها من تلقي هبات من مؤسسات رسمية باستثناء الوزارة التي تتبع لها. حتى بلدية صور ممنوعة من دعمها باستثناء تقديم هبة واحدة في السنة، ولا يمكنها تقديمها مباشرة، بل عبر جمعية مدنية تكون وسيطاً بينهما. ويتحدث حمزة عمّا يشبه «الفيتو» من معظم المنظمات الدولية لدعم المحمية بالمال والمشاريع.
على صعيد متصل، أثار رئيس جمعية «أمواج البيئة» وعضو البلدية أحمد فرج، مشكلة إنشاء أحد الفلسطينيين من سكان مخيم الرشيدية بناءً سكنياً مخالفاً بمحاذاة بركتي المياه العذبة، الأثريتين الواقعتين على تلة الرشيدية اللتين تتغذى منهما مدينة صور. وأشار فرج إلى أن الجمعية والهيئات المعنية في المدينة حاولت التدخل لمنع أعمال البناء من دون نتيجة. وناشد الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية ومصلحة مياه لبنان الجنوبي القيام بالإجراءات اللازمة لحماية المكان، مبدياً خشيته من أن يؤدي تشييد المبنى واستخدامه إلى تلوّث المياه العذبة بمياه الصرف الصحي التي ستصدر عنه.  

السابق
فابيوس: هولاند ملتزم باليونيفيل
التالي
عرقجي: سوريا تقترب من الانتصار على مؤامرة اسقاطها