كأن سور برلين لم يسقط

ننظر الى المجزرة المستمرة هذه في سوريا ونرى بشار الاسد يقتل بالجملة أبناء شعبه ونتذكر ما كُتب في كتب التاريخ عن ابادة الأرمن قبل 97 سنة أو عن أنهار الدم التي جرت حينما احتل الصليبيون ارض اسرائيل وننفجر غضبا، فالعودة ثلاثين سنة الى الوراء ايضا ليست عبثا. في صبرا وشاتيلا قتل العرب العرب، وجلدت دولة اليهود في انفجار لاظهار مستوى اخلاق عال، وبازاء عالم معادٍ ومتآمر، جلدت نفسها، لا لأن جنودها كانوا مشاركين بالقتل معاذ الله بل لا أحد زعم هذا. جلدت نفسها عن خطيئة لأنه قيل انه كان يجب ان تعلم انه يوجد خطر مجزرة في مخيمات اللاجئين ولذلك كان من واجبها ان تستعد وان تمنع الفعل الفظيع.
ذلك العمل الفظيع الذي هو ضئيل القدر اذا قيس بالقتل الفظيع الذي يجري في هذه الاشهر في سوريا، نهاية اسبوع بعد نهاية اسبوع، ويبدو ان لا نهاية له. صحيح ان المقارنة غير كاملة، فان الجيش الاسرائيلي عسكر قرب صبرا وشاتيلا في لبنان لكن لا يوجد جيش عربي و/ أو غربي و/ أو دولي في شوارع حمص. لكن كان يجب منذ زمن ان تقوم قوة كهذه في البلد الممزق وألا يتم الاكتفاء بمراقبين كالفزاعات أرسلتهم الجامعة العربية إسقاطا للواجب.
هذا التشخيص بريء من تقديرات اسرائيلية. فلسنا نعلم ما هو السيىء في السيناريوهات التي ستنشأ في سوريا. فسوريا عائلة الاسد حرصت من جهة على عدم نقض اتفاق الهدنة منذ حزيران 1974 أكثر من كل جهة عربية في المنطقة، وهي من جهة اخرى المتعاونة الكبرى مع ايران الفظيعة وأنبوب الاوكسجين القاتل لحزب الله. والاسد الابن كأبيه أكثر قسوة من الجميع لكن من يضمن لاسرائيل والغرب والبشرية عامة ان يكون الاخوان المسلمون الذين سيحلون محله (اذا أمسكوا بزمام الامور) أفضل منه؟.
هذا أمر يعلمنا عن سوريا والعالم العربي وعن لاعبتين مركزيتين خاصة في الساحة الدولية روسيا والصين اللتين قامتا مرة اخرى أمس في مجلس الامن بحماية محور الشر، أو محور القتل اذا شئنا الدقة في الخط بين دمشق وطهران. ان الولايات المتحدة وبريطانيا ودول اوروبا قامت عاجزة تعاضد الشفقة الانسانية الأساسية والحق في الحياة وتُجرى مظاهرات في مدنها. أما موسكو وبجين الساحة الحمراء وميدان تيانمن فأين هما؟.
بقيتا دولتين هازلتين. وما تزالان تعوجان لغة الكلام. وتداور دول اخرى ايضا. لكن الحكومتين الحمراوين اللتين تبوأتا في الماضي المركزين الكبيرين للكتلة الشيوعية تفعلان ذلك بلا خجل وبلا حمرة في الخدود وبلا رادع وكأن سور برلين لم يسقط بعد.
ومثلهما ايضا حزب الله وحماس بل قيادة عرب اسرائيل حيث يوجد شبه صمت يصم الآذان. فهم لم يسمعوا ولم يروا ولم يعلموا. لو كان الامر بيد اسرائيل لاقترحت عليها ان تُسقط من الجو غذاء ودواء وماء فوق كل بلدة قتل فيها السوريون اخوتهم السوريين.  

السابق
ميقاتي: اذا تأكدت أن مجلس الوزراء سيكون منتجاً سيكون هناك حتماً جلسة للحكومة
التالي
من يبت أمر الحرب؟