حرب الربيع

منذ خمس سنوات ونحن نستمع وباستمرار وبمعدل يومي أن ايران على وشك انتاج القنبلة النووية، تقريبا يوميا أو اكثر من مرة باليوم ومن عدة مسؤولين بارزين حول العالم يحذرون وينذرون بقرب وصول الايرانيين للسلاح النووي. يحذرون شعوبهم والشعوب الاقليمية من جانب، وينذرون الايرانيين من جانب اخر ويهددونها بأنواع من العقوبات بما فيها الضربة العسكرية الوشيكة!
«الثقة» في الامر ليس في تحذيراتهم فحسب، بل في افصاحهم عن المدد الزمنية الفاصلة بين ساعة تصريحاتهم وساعة الصفر لامتلاك الايرانيين لاول رأس نووي. وللانصاف اقول ان تصريحاتهم تنوعت، فمنهم من أقصرها على ستة اشهر ومنهم من كان اكثر تفاؤلا وأطالها لسنة، لكنها جميعا تصريحات أُطلقت منذ خمس سنوات وما زالت تحذيراتهم «الدقيقة» تُطلَق (تقول «الغارديان» انه قبل انقضاء هذا الربيع)!
وطالما ان الامر تعليق وتحليل وكلام، بودي ان استنتج واشاركهم الامور التالية:

الفرضية الاولى ان استخباراتكم يا أهل التكنولوجيا والاتصالات الحديثة والمعقدة، استخباراتكم وتهديداتكم ليست دقيقة كونها ما زالت تقول وتكرر كلمة «وشيك» منذ خمس سنوات. فلا الايرانيون الى اليوم كشفوا عن قنبلتهم، ولا تهديداتكم بالضربة تحققت!
الاحتمال الثاني، ان الايرانيين كذابون، فهم يسعون لامتلاك القنبلة النووية، لكنهم ضائعون ومازالوا متأخرين! في هذه الحالة يبدو انكم كذابون ايضا، لأنكم أضللتم الرأي العام العالمي منذ خمس سنوات بسعيكم لإيقافها ووعودكم بالضرب. فأنتم وهم سواء في الكذب. وبما انها كذب في كذب، فكما لا يمكن تصديقهم، لا يمكن تصديقكم كذلك. وبما ان التشكيك وارد في نوايا الايرانيين، التشكيك وارد في نواياكم انتم بحسب هذه الفرضية! او على اقل تقدير، فهم على الأقل جبناء ويخشون الضربة!

الفرضية الثالثة ان الايرانيين صادقون، فهم لا ينوون امتلاك الاسلحة النووية بدليل انهم كانوا يقولون ذلك منذ خمس سنوات، ومازالوا مصرين على قولهم. الدليل على صدق كلامهم هو أنتم وباعترافكم. فأنتم كررتم مليون مرة انهم على وشك الامتلاك في غضون اشهر مقبلة، وها نحن مذاك الوقت والى ما بعد خمس سنوات وما زال الايرانيون عند قولهم ووعدهم لم يرونا شيئا حتى ولو من باب الضجر وتهديد اسرائيل لايجاد توازن الرعب ودفع شبح الحرب عن نفسها!
الفرضية الرابعة انكم وبعظمة لسانكم اقررتم بأنكم لستم بأهل لردع احد عن امتلاك السلاح النووي. فالإيرانيون امامكم منذ خمس سنوات يعلنون ويطورون ويتقدمون كل يوم صوب نسبة اعلى في التخصيب، وانتم ما زلتم ساكنين عند محطة «التهديد» لا أكثر ولا أقل. أليس في ذلك خلاف لأهدافكم، فبدلا من السيطرة عليها، تعملون على حرق هيبتكم أمام العالم!  

السابق
الحياة: باريس مع نأي لبنان عن الأزمة السورية وتجديد بروتوكول المحكمة خارج البحث
التالي
قيادات في 14 آذار تدعو للحوار مع حزب الله او الرئيس بري