القصار: تأثير الوضع السوري محدود على المصارف

توقّع رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق عدنان القصار أن يحقق القطاع المصرفي عام 2012 معدل نمو مماثلاً للعام 2011 أي نحو 8.5 في المئة. واعتبر ان فرض ضرائب جديدة في الموازنة سيؤدي إلى هروب الشركات والرساميل، داعياً الحكومة الى تعزيز الحوافز الاستثمارية وليس زيادة الأعباء، وتحديث البنية التحتية بهدف تعزيز الكفاءة الاقتصادية. وشدد على إصرار المصارف على أن تتخذ الحكومة تدابير إصلاحية حاسمة للحد من زيادة العجز في الموازنة وفي الدين العام لوقف الهدر وترشيد الإنفاق الحكومي.

• كيف تقيمون النتائج التي حققها القطاع المصرفي في العام 2011؟ وما هي توقعاتكم للعام 2012؟

– أثبت القطاع المصرفي اللبناني خلال العام 2011 أنه لا يزال ملاذا آمنا للودائع والاستثمارات. وتشير التقديرات إلى أن النمو المحقق في الودائع خلال عام 2011 يتراوح بين 7 و 8.5 في المئة، مقارنة مع نسبة 11.5 في المئة في العام 2010. وهي نسبة نعتبرها ممتازة بالنظر الى الظروف المحيطة بنا في المنطقة العربية وفي العالم.

ونتوقع أن يحقق هذا القطاع في العام 2012 معدل نمو مماثلا استنادا إلى الأصول الجيدة التي نديرها ونستقطبها، خصوصا وأننا نعتمد سياسات محافظة ونعمل على تحقيق المزيد من الحصانة والرسملة والملاءة بتوجيه وتعاون دائم مع سعادة حاكم مصرف لبنان. ونحن في الواقع نفضل مثل هذا النوع من النمو المستدام والقابل للاستمرار، خصوصاً أن ما نشهده حاليا من ضغط على المصارف في منطقة اليورو في إطار أزمة الديون السيادية يعود في جزء منه إلى التباين الذي حدث بين معدل نموها ومعدل النمو الاقتصادي الذي كان أقل بكثير، مما خلق نوعا من الاختلال استدعى عدداً من الإجراءات التي نشهدها حاليا في إطار إعادة الهيكلة المصرفية.

المصارف في سوريا

• ما هي المخاطر التي تواجهها المصارف اللبنانية في سوريا؟

– الواقع أن حجم هذه المخاطر أقل بكثير من الكلام المثار حولها. ذلك أن ميزانية المصارف اللبنانية في سوريا لا تشكل سوى نسبة زهيدة قياسا بميزانية القطاع في لبنان وإجمالي التسليفات. ثم أن عمليات التسليف والتمويل للمصارف اللبنانية العاملة في السوق السورية تخضع لمعايير مصرفية سليمة وفق الأصول التي نحرص عليها. وقد بينت دراسة علمية أعدها المصرف المركزي اللبناني أن التأثير محدود جدا.

• هل من تقديرات لنسب التضخم في العام 2012 بسبب زيادة الأجور؟

– في تقديري أن الأسواق قد استوعبت الزيادة في الأشهر الأخيرة من عام 2011، وبالتالي، لا نتوقع أن يكون لها تأثيرات جديدة في العام 2012. وهناك تقديرات لمصرف لبنان المركزي أنها أضافت نسبة 2 في المئة إلى معدل التضخم البالغ 5 – 6 في المئة.

لكن هناك عبئا جديدا طرأ على الخزينة لأن كلفة الزيادة في الرواتب والأجور على القطاع العام تبلغ 700 مليار ليرة، فيما لا يحتمل الوضع الاقتصادي أي أعباء ضريبية جديدة سواء على المواطن أو على المؤسسات الاقتصادية الخاصة.
 الضرائب

• هل لديكم معلومات عن فرض ضريبة 5 في المئة على شراء سندات خزينة؟ ما موقفكم من الأمر؟

– لو كان هذا الأمر صحيحا سيكون لنا موقف منه. ذلك أن الاقتصاد والمؤسسات الاقتصادية والمالية مثقلة حاليا بالضرائب، وأية ضريبة على شراء سندات الخزينة سيكون لها مفعول عكسي وسترتدّ سلبيا على قدرة الحكومة بحد ذاتها على استقطاب التمويل الذي تحتاجه من الأسواق.

• ما الاقتراحات المطروحة في الموازنة وتخشون أن تهدد شركات "الهولدينع" و"الأوفشور"؟

– بلغنا أن هناك اتجاها لفرض ضرائب في هذا المجال. ونحن نعارض هذا الأمر لأنه سيؤدي إلى هروب الشركات والرساميل إلى دول أخرى لا تفرض مثل هذه الأعباء. وسيؤدي ذلك إلى خسائر وأضرار على الاقتصاد وكذلك على الخزينة لأنه سينقص إيراداتها بدلا من زيادتها، حيث سيحُدِث تأثيرا مخالفا للهدف.

وأكثر ما نحتاج إليه اليوم هو تعزيز الحوافز الاستثمارية وليس زيادة الأعباء، خصوصا إذا ما نظرنا بعين الواقع إلى حجم الأعباء التشغيلية التي تتكبدها المؤسسات الاقتصادية، والحاجة الماسة إلى التزام جدي من قبل الحكومة لتنمية وتحديث البنية التحتية بهدف تعزيز الكفاءة الاقتصادية وتقليص هوامش الكلفة التي يمكن الاستفادة منها في المجال الاستثماري.

• الملاحظ أن المصارف ومنذ سنتين زادت من نسبة قروضها المعطاة إلى القطاع الخاص وجمّدت إقراض الدولة. فإلى أي مدى ممكن للركود الاقتصادي أن يدفع بالمصارف الى إعادة النظر بهذا التوجه وأن يجبرها إلى التحول لتمويل الدولة مجددا؟

– المصارف اللبنانية تعمل لمصلحة البلد وتساهم عبر اكتتاباتها في سندات الخزينة في توفير التمويل الذي تحتاجه الحكومة. وليس هناك موقفا سلبيا على الإطلاق، بل لدينا إصرار على اتخاذ تدابير إصلاحية حاسمة للحد من زيادة العجز في الموازنة وفي الدين العام ولوقف الهدر وترشيد الإنفاق الحكومي. ونحن متمسكون بسياسة تحقيق التوازن في الحقائب الاستثمارية للمصارف اللبنانية، ونعتبر أن الدور الأساسي للمصارف هو تمويل القطاع الخاص والمشروعات الاستثمارية في قطاعات الاقتصاد الحقيقي. وقد توسعنا كثيرا مؤخرا في هذا المجال، كما في مجال التجزئة النوعية التي تصبّ مباشرة في خدمة المواطن بتوفير التسليفات المتنوعة للسكن والطلاب وسيدات الأعمال والشباب وغيرها الكثير.

العقد الجماعي

• ماذا يجري بين إدارات المصارف وموظفيها؟ ولماذا لم تنجحوا في التوصل إلى تفاهم على تجديد العقد الجماعي؟

– هذا الموضوع تتولى جمعية مصارف لبنان معالجته بالتعاون مع اتحاد نقابات موظفي المصارف. والمسألة أن فترة عقد العمل الجماعي انتهت في نهاية 2009 ولا بد من مفاوضات للاتفاق على عقد جديد، علما أن العمل بالإطار القانوني للعقد القديم مستمر في رعاية العلاقة بين الطرفين. ونحن واثقون من نجاح الفريقين في التوصل إلى اتفاق، خاصة وأن بينهما تعاونا وثيقا ودائما لم يتزعزع حتى في أصعب الظروف التي مرّ بها البلد.  

السابق
عرقجي: سوريا تقترب من الانتصار على مؤامرة اسقاطها
التالي
قاووق: يتآمرون على سوريا لتغيير موقفها وهويتها المقاومة