الجنرال يهاجم: هُم أفشلوني!

أصيب العماد ميشال عون بالصدمة. لم يكن يتوقّع أن «ينْفَلِق» رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة من صهره في مجلس الوزراء. فجاء القرار من الرابية: «حملة وقائية» تبدأ هذا الأسبوع!

لم يحدّد "تكتل التغيير والإصلاح" ضدّ مَن سيشنّ الحملة "وقائياً"، والتي حصر أهدافها بالدفاع عن العماد ميشال عون و"منع إضعافه وتهميشه". فـ"الجنرال" يخوض المعارك المفتوحة على 360 درجة: من خصومه في 14 آذار، إلى شركائه في الحكومة: الرئيس ميشال سليمان، الرئيس نجيب ميقاتي، النائب وليد جنبلاط، والرئيس نبيه برّي إلى حدّ معيّن. ولا يَسْلَم منه إلّا "حزب الله" الذي يداري عون، لأنّ للضرورة أحكاماً.

إلّا أنّ "الحملة" الموعودة هي، على الأرجح، جزء من مستلزمات الوقت الضائع في لبنان. وهي، في أيّ حال، لا تحمل الأبعاد التي يتوقعها البعض، كإسقاط الحكومة. فالحكومة تبقى حتى إشعار آخر حاجة إلى الفريق الذي أوجدها وتشكّلت منه. ومن غير المتوقّع أن تسمح سوريا، في ذروة مأزق النظام، بسقوط هذه الحكومة. وهذا السقوط يصبح حتمياً إذا سقط النظام في دمشق. ولو لم يكن الأمر كذلك، لما مرّت أزمة تمويل المحكمة الدولية… كما ستمرّ أزمة التمديد، نهاية هذا الشهر.

إلعبوا تحت الخط الأحمر!

في المعلومات أنّ "حزب الله" أبلغ عون وسائر الشركاء بأنّ الحكومة خطّ أحمر، وأنّ اللعب مسموح تحت هذا الخطّ لا فوقه، لتسجيل نقاط وتحقيق مكاسب سياسية، بل إنه جاهز لقطف ثمار المعارك ولتحريكها أحياناً. وهذا الوضع شبيه بمرحلة التمويل، حيث حيّد "الحزب" نفسه نسبياً عن ساحة المعركة، وخاض المعارك بواسطة عون.

ووفقاً لبعض المصادر، فإن "الحزب" يبعث برسائل الدعم والتطمين في آن معاً إلى ميقاتي وعون وسائر الشركاء في الحكومة، لأنه لا يريد خسارة أي من هؤلاء، ما قد يؤدي إلى إعادة انقلاب الغالبية إلى جانب 14 آذار. ومن هنا، يرى ميقاتي أن الهامش مفتوح أمامه لإعادة "ضبط" مجلس الوزراء. وفي المقابل، يسعى عون إلى الإفادة من ظروف مشاركته في الحكومة لتسجيل مكاسب في التعيينات، بحيث يكون مُمْسكاً بمواقع أساسية في المؤسسات والأجهزة، تعوّضه وحلفاءه احتمال السقوط المفاجئ للحكومة بفعل التطوّرات في الخارج.

ترميم الصورة

لكنّ المصادر تربط بين حملة عون "الوقائية" وحاجته إلى ترميم صورته الشعبية، التي تتعرّض تدريجاً للاهتزاز، نتيجة ارتداده عن الشعارات التي وعد بها جماهيره، والتي على أساسها حصل على مواقعه النيابية. وكذلك نتيجة الفشل الذي يحصده وزراؤه على رغم الوعود والعناوين الكبيرة التي يطلقونها.

فالكهرباء في أسوأ أحوالها في عهد الوزير جبران باسيل، ويثار الجدل حول الصفقات في التلزيمات الموعودة لمعالجة هذا الملف، كما حول ملف المازوت، والملف النفطي عموماً، وملف مستشفى البترون، وسوى ذلك. وترتفع أصوات استياء، حتى في الأوساط العونية، من الصورة التي يظهر فيها باسيل. فهو صهر "الجنرال" المدلّل، والصورة التي يقدمها تنعكس مباشرة على "التيار الوطني الحر". وكان العشاء الذي جمع "الجنرال" وباسيل وميقاتي في الرابية، بما حُكي عن اتفاقات تمّت خلاله "تحت الطاولة"، قد ترك أثراً في القواعد العونيّة تسعى الرابية إلى تبديده.

وما يسري على باسيل ينطبق على وزير الاتصالات نقولا صحناوي. فالوعود بتحسين شبكة الاتصالات لم يتمّ الوفاء بها، والمشكلة كبيرة حول "داتا" الاتصالات. فيما وزير العمل شربل نحاس تحوّل هو نفسه إلى أزمة في ملف تصحيح الأجور لم تنتهِ مفاعيلها بعد.

ويقول نائب بارز إن عون الذي يُعرَف عنه، في سلوكه العسكري والسياسي، باعتماد نظرية الهروب إلى الأمام، يقوم اليوم بعملية هروب من الفشل في التزام الشعارات والوعود المرفوعة، ما قد يتيح له تبرير هذا الفشل ورمي المسؤولية عنه على الآخرين، وإقناع قواعده الشعبية مجدّداً بالتزامه شعارات الإصلاح والتغيير. وهناك استحقاقات انتخابية تقترب، وسيكون "الجنرال" ووزراؤه ونوابه أمام امتحان جديد. وتُظهِر الأصداء التي تصل إلى الرابية تراجعاً في شعبية "الجنرال" المسيحية، يشكل استتباعاً للتراجع المطّرد في دورتي الانتخابات النيابية الأخيرتين. ولذلك، يتعمّد "الجنرال" إعطاء المعارك التي يخوضها طابع الدفاع عن حقوق المسيحيين، على رغم تعرّضه المتمادي لموقع الرئاسة الأولى.

ويقول النائب البارز إن قصة "الإصلاح والتغيير"، داخل الحكومة وخارجها، منذ العام 2005، هي عينها القصة القديمة عن ذلك التلميذ الذي بقي يفشل في اجتياز الامتحان الرسمي لشهادة "السرتيفيكا". وبعد سبع سنوات متتالية، تحرّكت "الواسطة". وللخروج من الأزمة، جرى تعيين هذا التلميذ الفاشل، وقد أصبح شاباً، عضواً في اللجنة المشرفة على الامتحانات!   

السابق
مستشفى شبعا الحكومي ينتظر الأطباء والإداريين ليفتح أبوابه
التالي
اعتصام شبابي ضد إهمال المسؤولين في النبطية