لا عودة إلى عهد الحكومتين

في الوقت الذي ينتظر اللبنانيون اخباراً سارة عن المزيد من التوافق السياسي بين الاطراف على حلول عاجلة لخلافات شبه دائمة، ويتطلعون الى تنفيذ الكثير من الخدمات الاجتماعية والمشاريع الانمائية، يفاجأون بإنقسامات وزارية حادة وواسعة بين اعضاء حكومة «الوحدة» الوطنية، ما يشير الى التصدع والتخاصم والتشقق في بنية الحكومة بكل ما يحمل ذلك، من تداعيات تصيب مؤسسات الدولة بعدم انتظام اعمالها، وتؤخر روزنامة العهد الاصلاحية، وتعطل خطته الخدماتية والعمرانية والانمائية، وتؤدي الى حدوث هوة وفجوة بين الحكومة والشعب، وتسيطر معادلة مقلوبة تقول: ينتظر اللبنانيون من الحكومة معالجة قضاياهم، فإذا بالحكومة تنتظر من الشعب حل الخلافات بين اعضائها.

منشأ وأسباب الانقسامات الحكومية، هو محاولة منها إلزام الحكومة بوجهة نظره في التعيينات الادارية ولجوئه الى سياسة اعلامية وإعلام سياسي في تجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي على صعيد هذه التعيينات وغيرها من الطروحات والقضايا والمشاريع ذات النفع العام، وكان لافتاً ان هذا الفريق يخالف الاعراف والتقاليد والنظم الديمقراطية في مناقشة هذه القضايا والمشاريع داخل جلسات مجلس الوزراء وفي المنتديات العامة والخاصة، مما يعود بذاكرة اللبنانيين الى عهد الحكومتين والرأسين والمنطقتين، بل الى ما قبل اتفاق الطائف النائم اليوم في غرفة «العناية الفائقة» بانتظار تعديله وتصحيحه على خلفية النظرية الوطنية والديمقراطية والدستورية للرئيس سليمان في تسيير شؤون الدولة، داخلياً وخارجياً، بحيث يقتضي ذلك، اعادة صلاحيات الى رئيس الجمهورية سلبها منه اتفاق الطائف، نظراً لأهمية هذه الصلاحيات في معالجة العديد من الانقسامات الوزارية والتجاذبات السياسية الراهنة، وفي الحؤول دون امتداد تلك التجاذبات والانقسامات الى الشارع».

من هنا، تتطلب المصلحة الوطنية انقاذ الحكومة من الانفراط، ومن سياسة تسجيل مزايدات فريق فيها، على افرقاء آخرين، تحت عناوين مختلفة واهداف متباينة ضارة بتلك المصلحة ومتعارضة مع وحدة العمل الحكومي، وخصوصاً في هذه الظروف المفصلية لبنانياً وعربياً واقليمياً، تستوجب الارتقاء بالعمل الحكومي الواحد الموحد الى مستوى دقة وخطورة المرحلة المحمولة في التهديدات والاعتداءات والخروقات وشبكات الارهاب الاسرائيلية التي تستهدف لبنان: حكماً وحكومة وشعباً وانتماءً عربياً.  

السابق
محكمة الحريري تنطلق في مرحلة جديدة لثلاث سنوات وحزب الله لا يملك سوى طلب تعديل الإتفاق
التالي
في اليوم العالمي للسرطان: أين نحن في الطريق الى القضاء عليه ؟