لافروف لجنبلاط: الأسد باقٍ ما بقي بوتين

ما كان ينقص لبنان إلاّ تعليق جلسات مجلس الوزراء، والسبب، بل الأسباب الظاهرية هي الخلاف على التعيينات. 
اما الأسباب الخفية، فهي أكبر بكثير وأبعد لأنها تتصل عميقا بالتطورات الجارية في المنطقة عموماً، وفي سوريا خصوصاً، وما يمكن ان تتركه من انعكاسات على الوضع اللبناني الداخلي وعلى الحدود مع سوريا، فضلاً عن اتصالها بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان واستحقاق تجديد العمل ببروتوكولها الموقع بينها وبين الحكومة مطلع الشهر المقبل، وتلك المحادثات وذلك البروتوكول لا يراد لهما، او لا يريد البعض، البحث فيهما على طاولة مجلس الوزراء لإعتبارات سياسية شخصية وعامة، وربما لتلافي أي إحراجات أمام البعض في الداخل والخارج… المعطيات التي يتداولها فريق 8 آذار عن مستقبل الأزمة السورية، تفيد حسب قطب بارز، فيها "ان النظام السوري لن يسقط، وان الرئيس بشار الأسد لن يتنحى، لأن القيادة الروسية ليست في وارد القبول بأي مشروع عربي – غربي في مجلس الامن الدولي يرمي الى هذا التنحي، او الى التدخل العسكري الخارجي لاسقاط النظام برمته.

وإذ يؤكد هذا القطب "ان موسكو ليست في وارد المساومة على بقاء الأسد ونظامه، خلافا لتوقعات البعض، فإنه يفند ثلاثة أسباب تدفع القيادة الروسية الى التمسك بالنظام السوري هي:

أولاً- ان موسكو تعتبر ان سقوط النظام السوري الحليف لها، وتالياً إقامة نظام بديل له من شأنه يعرّض أمنها القومي والاستراتيجي في المنطقة للخطر، خصوصاً بعد نشر الدرع الصاروخي في تركيا الذي اعتبرته تهديدا لأمنها، في الوقت الذي تعتبر سوريا نافذتها الوحيدة على البحر المتوسط وتربطها بها اتفاقات سياسية وإقتصادية وعسكرية لا يمكنها التضحية بها.

ثانياً – ان روسيا أبرمت اتفاقاً مع الصين على ضرورة التصدي للهجمة الأوروبية – الاميركية على المنطقة التي للبلدين مصالح حيوية فيها، خصوصاً وان هذه الهجمة تتهدد مصالحهما الحيوية والاستراتيجية الجيوسياسية والنفطية والغازية والاقتصادية على أنواعها الحالية والمستقبلية، وقد كان الفيتو الروسي ـ الصيني في 4 تشرين الأول الماضي في مجلس الامن الذي أحبط مشروع القرار الغربي ضد دمشق أولى ثمار هذا الاتفاق.

ثالثاً – ان التأييد الأوروبي والأميركي للتظاهرات وحركات الاحتجاج التي شهدتها موسكو اثر الانتخابات الأخيرة، دفع القيادة الروسية الى التشدد في الموقف الى جانب دمشق، في مواجهة ما يجري من تدخلات في الشأن السوري ومن دعم أوروبي وإقليمي وأميركي لمعارضي النظام، الى حد ان موسكو تتهم الأميركيين والأوروبيين بتحريك التظاهرات في موسكو بقصد إضعاف الاتحاد الروسي ودوره على الساحة الدولية وهو دور بدأ يتعاظم بعد الفيتو الروسي ـ الصيني الشهير في مجلس الامن.

معركة على خطين

ويقول القطب الاكثري أنه "في ضوء الموقف الروسي ـ الصيني المؤيد للنظام السوري والمانع حاليا صدور اي قرار دولي يعرضه للسقوط، فإن دمشق بدأت تخوض المعركة على الصعيدين الاصلاحي والأمني على خطين متوازيين. ففي الوقت الذي ستتابع قواتها ملاحقة المعارضة المسلحة في مختلف المناطق السورية بعدما حسمت الموقف في ريف دمشق، فإن العجلة الاصلاحية ستستمر في الدوران وستكون محطتها البارزة في مطلع آذار المقبل حيث سيجري الاستفتاء على الدستور الجديد لتتدحرج بعده الخطوات الاصلاحية الاخرى: حكومة وحدة وطنية تسبق الانتخابات النيابية خلال أيار أو حزيران المقبلين أو تليها، مظللة بالدستور الجديد الذي سيحدد ولاية رئيس الجمهورية بسبع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، وقد أُسقطت منه المادة الثامنة التي كانت تحصر قيادة الدولة والمجتمع بحزب البعث العربي الاشتراكي، على ان تكون الحكومة الجديدة مكونة من ثلاثة أثلاث: الاول لحزب البعث، والثاني للمعارضة، والثالث للمستقلين والتكنوقراط، اياً كان عدد وزرائها".

إستدارة جنبلاطية جديدة

ويكشف القطب الاكثري "ان رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط عاد من زيارته لموسكو بانطباعات جعلته يفكّر في استدارة سياسية جديدة بدأ يحضّر لها بكلامه الأخير الذي دعا فيه الى "حل سياسي" للأزمة في سوريا، نائيا بنفسه عما إحتوته المبادرة العربية ومواقف دولية من دعوات الى الرئيس السوري الى التنحي عبر تكليف صلاحياته الى نائبه، ومبقياً على "تضامنه" مع الشعب السوري".

ويشير هذا القطب الى "أن جنبلاط راهن على صداقته مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لإقناع القيادة الروسية بتغيير موقفها مما يجري في سوريا، واذ قال للافروف ان لا مصلحة لروسيا بالوقوف الى جانب النظام السوري واكتساب عداء الشارع العربي العريض الذي يريد لهذا النظام ان يرحل، فوجىء بأن صديقه الروسي يرد عليه قائلا "أن الأسد باق في سوريا ما بقي رئيس الحكومة فلاديمير بوتين في روسيا".

طبعاً هذه الواقعة نفاها جنبلاط في حديثه المتلفز مساء أمس الأول، ولكنه القطب الأكثري أكد ان جنبلاط نقلها الى أكثر من مسؤول ومرجع سياسي قابله إثر عودته من موسكو، وغالب الظن ان جنبلاط يرغب في لقاء مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وربما سيلتقي أيضا رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي مرّر اليه في الآونة الأخيرة معلومات تدعوه الى توخي الحذر، وهي معلومات تحدثت عن ان الرجلين "في دائرة الخطر".

على جبهة المعارضة

أمّا على جبهة فريق 14 آذار، فإن الرهانات والتوقعات في شأن الأزمة السورية معاكسة تماما لتوقعات قوى 8 آذار والمعطيات المتجمعة لديها، فهذا الفريق، الى ادراكها احتمال عدم صدور أي قرار دولي يسقط النظام السوري، فإنها تعتقد ان الرهان على عامل الوقت واستمرار حركة الاحتجاج ضد النظام السوري سيؤديان شيئاً فشيئاً الى إستنزافه وضعفه وتآكل قواه، وعندئذ لا تعود هناك حاجة لقرار دولي، ولا تعود "الحمايات" الروسية وغيرها ذات فعالية في تمكين هذا النظام من الصمود.

ولذلك لا تستبعد المصادر المتابعة للوضع السوري ان تتصاعد المواجهة على الحلبة السورية بين النظام والمعارضة في قابل الايام والأسابيع، خصوصاً بعدما بدأ الجيش السوري ما يشبه "معركة الحسم" ضد المعارضة في مختلف المناطق السورية.

وفي هذه الأثناء بدأت المخاوف تغزو الوسط اللبناني لترتفع الأصوات الداعية الى حماية الحدود اللبنانية من أي انعكاسات يمكن أن تنشأ من المواجهة الداخلية في سوريا، وفي هذا الصدد يُتوقع ان يتم البحث في اتخاذ قرار على مستوى مجلس الوزراء او في المجلس الأعلى للدفاع، في حال طال تعليق جلسات مجلس الوزراء، بتكليف الجيش ضمان الأمن على الحدود وخصوصاً في منطقة الشمال. 



 

السابق
وسّوف سيخرج من المستشفى هذا الأسبوع!
التالي
رئيس الحكومة