الدعارة الفكرية في مجلس الأمن

أسوأ الموبقات دعارة الفكر ! إن بحثتَ عنها رأيتها تتجوّل بين أروقة مجلس الأمن الدولي الذي انعقد خلال هذا الاسبوع، وأداره قوّادون من الطراز الرفيع !
بدا المشهد مؤلماً وأنت تراقب ما يحصل، فالمتآمرون على سورية عرب، ومداخلاتهم مضلّلة وكاذبة. تربّعوا في الصفوف الأمامية بلا خجل. قرأوا ما أُملي عليهم. ذكّرونا بقول الشاعر:
خليفةٌ في قفصٍ / بين وصيفٍ وبغا
يقول ما قيلَ له / كما تقول الببغا
صفّق لهم حلفاؤهم في المؤامرة، " فالقارئان " العربيان لم يخرجا على النصّ المعدّ لهما منذ أن بدأ الغرب، ومعه «اسرائيل»، في رسم خرائط جديدة للشرق الأوسط. صفّقوا لهما غير آبهين بالتلعثم الذي رافق تلاوتهما للنصّ، ولا بالأخطاء اللغوية التي وقعا فيها!

ما كان لهذا المشهد أن يستمرّ، فثمّةَ دول صديقة ووفيّة وبارعة في أخذ الأمور في الاتجاه الصحيح، وعلى رأسها روسيا والصين، العملاقان المتزنان في إدارة المعارك الديبلوماسية والسياسيّة، بعيداً عن التهريج والكذب وزيف الوقائع.
كأنّي ببشّار الجعفري سفيرنا إلى العالم، قد آلمته تلك الدعارة الفكرية الناشئة بين آبار النفط والجيوب المنتفخة، وآلمه مشهد الثورة الفرنسية مضرّجة بدم شهداء شعبه السوري، وآلمه أن يرى حضارة الغرب تنزلق من مرتبة القائد الى مرتبة القوّاد، آلمه كلّ ذلك فانبرى، باسم الشعب السوري، يخاطب العالم بلسان حضاريّ لا لكنةَ فيه ولا لحنَ ولا تلعثمَ ولا تردّدَ، مفتتحاً خطابه بوجدانية استعارها من نزار، معرّجاً على بصمات من تاريخ سورية المضيء، مقارعاً الغرب بعقلانية ومنطق من دون أن يسقط في الشخصانية وردود الفعل.
سيُكتب الكثير عن اجتماع مجلس الأمن الذي انعقد في اليوم الأخير من شهر كانون الثاني لهذا العام، ولكن أهم ما حدث في هذا الاجتماع أن سورية، بوقفات عزّها وقامات شبابها وذكاء قياداتها، صارت من الدول العظمى، ودخلت نادي الكبار، وتحوّلت إلى نموذج تقتدي به الدول الصغيرة إذا ما التفّ الذئاب حولها.
باختصار… سورية هي الرقم الأصعب على بوّابة المتوسط، فاحذروها.
  

السابق
اتفاق على إيجاد حلّ للحفرة الأثرية المكتشفة في صور
التالي
ندوة تبحث عن العرب بين تركيا وإيران