المطالب الروسية لحل الأزمة السورية

ما هو الثمن الذي تطلبه روسيا الاتحادية لتقبل بالحل العربي – الاوروبي للأزمة السورية، وهل الولايات المتحدة الأميركية ومن معها مستعدة لدفع هذا الثمن وإن غالياً، وما الذي يحصل إذا ظلّت سوريا غارقة في الدم الى أجل غير معروف سواء بحرب أهلية قد تتحول حرباً اقليمية، أم بفعل اشتداد الصراع بين محور روسي – صيني – إيران – سوري ومحور آخر يناهضه يتألف من الولايات المتحدة الأميركية ومعظم دول الغرب؟

في المعلومات أن روسيا تريد تعويض ما خسرته في ليبيا نتيجة موقفها من الثورة فيها بالحرص على عدم خسارة آخر ورقة لها في المنطقة وتحديداً في سوريا وذلك برفضها اي قرار يدعو الى تنحي الرئيس الاسد لأن ليس من حق مجلس الأمن الدولي ولا من حق أي دولة التدخل في شؤون يعود القرار فيها لشعب خصوصاً في ما يتعلق بتغيير أنظمة وحكّام. وترى روسيا ان الاصلاحات المطلوبة في سوريا يمكن ان تتحقق مع وجود الرئيس الأسد على رأس السلطة وفي مهلة قصيرة وفي ظل وقف تام لإطلاق النار، وهو الذي يقرر بإرادته، بعد ذلك، مغادرة السلطة أو تفويض صلاحياته الى نائبه أو الى الحكومة الجديدة.

الواقع ان روسيا لم تحدد حتى الآن ما تريده كي تسير في حل يخرج سوريا من مستنقع الدم، وهي ربما قالت ما تريد من خلال المحادثات معها وقبل طرح أي مشروع قرار على مجلس الأمن، وان لائحة المطالب طويلة ويحتاج البحث فيها الى وقت توصلاً الى استجابة بعضها أو عدم استجابتها وذلك وفقاً للوضع الميداني في سوريا وهل يميل الى مصلحة النظام أم الى مصلحة خصومه. وفي لائحة المطالب بحسب مصادر ديبلوماسية: عقد صفقة أسلحة روسية بمليارات الدولارات تدفع دول الخليج ثمنها، الاحتفاظ بقاعدة تدمر الجوية وبقاعدة طرطوس البحرية، وعدم تدخل الولايات المتحدة الأميركية ومن معها في جورجيا والشيشان وأوكرانيا وغيرها من الجمهوريات المستقلة، والتوقف عن التهديد بإقامة منظومة صواريخ على حدود روسيا، وأن تكون شريكاً مع دول الغرب في منطقة الشرق الأوسط والشرق الأقصى حماية لمصالحها الحيوية.

وفي المعلومات أيضاً أن روسيا كانت تؤيد تطبيق النموذج اليمني على الوضع في سوريا عندما كانت المعارضة السورية ومن معها عربياً ودولياً لا تؤيد ذلك اعتقاداً منها انها قادرة على قلب النظام بقوة الشارع كما حصل في مصر وتونس. وعندما عجزت عن ذلك أصبحت قابلة بهذا الاقتراح. لكن روسيا غيّرت موقفها منه لأنها تكون موافقة عليه بلا ثمن، في حين تسعى الى ثمن يجعلها تحتفظ بوجودها في المياه الدافئة ليس حباً بالرئيس الأسد إنما بمصالحها، عدا أن الرئيس السوري لن يتنحى بسهولة كما فعل الرئيس اليمني وإن بعد لأي وجهد.

والسؤال المطروح هو: ما البديل في حال فشل تدويل الأزمة السورية بعد فشل تعريبها؟
ثمة من يقول إن البديل هو إنشاء ممرات آمنة داخل الاراضي السورية ومناطق آمنة يلجأ اليها السوريون هرباً من الحرب. وهذه الممرات تستخدم لمساعدات انسانية توفر الغذاء والدواء ويتولى حمايتها "الجيش السوري الحر" بدعم تركي إذا تعذّرت الاستعانة بقوات عربية غير متورطة في الصراع مع سوريا مثل الجزائر والسودان، وان مثل هذه الممرات والمناطق تشكل ملاذاً آمناً لمن يرغب في الانشقاق عن الجيش السوري، حتى إذا ما اتسع ذلك فإن هذا الجيش يفقد عندئذ قوته القتالية وقدرته على حماية النظام.
لكن هذا البديل من احتمال فشل تدويل الأزمة السورية يحتاج اعتماده الى تسليح "الجيش السوري الحر" وتمويله ليكون داعماً بقوّة التحرك الشعبي الذي قد يظهر فيه "الاخوان المسلمون" في مقدم الصفوف، وهل يسكت النظام السوري عن انشاء ممرات وإن باسم "الانسانية" وعن إيجاد مناطق آمنة يلجأ اليها المدنيون والعسكريون لمواجهة النظام، وهل يسكت عن الدول التي تساهم في تسليح "الجيش السوري الحر" وتمويله خصوصاً عندما تتسع حلقة الانشقاقات عن الجيش النظامي، وهل تسكت إيران وكذلك روسيا الموجودة عسكرياً بأسطولها في بعض الموانئ السورية؟
إن ما تخشاه مصادر ديبلوماسية هو ان تتحوّل الممرات الانسانية ممرات حرب تخوضها دول المنطقة بالوكالة عن الدول الكبرى ويكون لهذه الحرب مخاطر كبيرة ليس على أمن المنطقة فحسب بل على الأمن الدولي الذي قد يفرض عندئذ تدخل الدول الكبرى بصيغة من الصيغ وبشكل من الأشكال. 

السابق
قطر في لعبة الكبار
التالي
قلق روسيا من تحالف الغرب مع الإسلاميين