الأخبار: ميقاتي: لست مستعجلاً… وليوقّع وزير العمل مرسوم بدل النقل

لم تظهر بعد أي مؤشرات على أن الأزمة الحكومية الحالية ستنتهي إلى حل في القريب العاجل. فرئيس الحكومة غير مستعجل، والتيار الوطني غير مستعجل، فيما الرئيس نبيه بري ينتظر توقف الفريقين عن التراشق الإعلامي، ليبدأ مبادرة حل الأزمة. ورغم ارتفاع مستوى التصعيد الكلامي المتبادل، تؤكد اوساط بري أن الأزمة لا تزال تحت السيطرة
من يعرف الرئيس نجيب ميقاتي، يصعب عليه أن يصدق أنه هو ذاته من كان في السرايا الحكومية بعد ظهر أمس. الرجل الشديد الهدوء، والذي يحسب لكل كلمة تصدر عن لسانه ألف حساب، وضع بعضاً من صفات الهدوء المعهود جانباً، وانطلق إلى الهجوم. ليس نادماً على أي تفصيل بدر عنه أول من امس في جلسة مجلس الوزراء. لا يقبل التشكيك في نواياه لناحية طرحه بنداً خلافياً على جدول أعمال مجلس الوزراء.
بالأصل، يرفض أن يكون سد الشغور في الهيئات الرقابية بنداً خلافياً. فصورة الحكومة على المحك: "رئيس الجمهورية قال قبل عشرة أيام إن الحكومة غير منتجة. والعماد ميشال عون يقول إن هناك عرقلة للتعيينات في الحكومة. وعندما يُقال الحكومة، اكون اول المعنيين. وانا أريد أن يعرف الجميع من هو المعرقل الحقيقي. طرحوا تعيين غسان بيضون في وزارة الطاقة، فقبلنا. وطلبوا تعيين مدير للصناعة، فقبلنا. ثم اقترح وزير الخارجية مرتين تعيين الامين العام لوزارته، فرفضوا". تصل نبرته إلى ذروة الارتفاع حين يتحدث عما جرى على طاولة مجلس الوزراء في بعبدا أول من أمس.
يقول لـ"الأخبار": "قبل أن ادرج التعيينات على جدول الأعمال، اتصلت بوزير العدل، وطلبت منه أسماء أفضل ثلاثة قضاة أرثوذوكس لتعيينهم في الهيئة العليا للتفتيش. وبالفعل، أعطاني أسماء ثلاثة قضاة، لا أعرف أياً منهم. اخترت واحداً، وطلبت لقاءه. التقيته لمدة عشر دقائق فقط لكي لا أقترح تعيين شخص لا أعرفه ولو بالشكل". تمتزج حدة نبرته بشيء من الغضب: "قلت لهم إذا كنتم ترفضون الشخص، فاختاروا أي واحد من الثلاثة، لكنهم لا يريدون. أصروا على سحب البند. هذه صلاحيتي ولن اتخلى عنها. تخيلوا لو أنني قبلت سحب البند، أين ستصبح صلاحيات رئاسة الحكومة؟".
والآن، إلى أين؟ "لست مستعجلاً"، يقول، مضيفاً: "ما يهمني هو الإنتاجية. جميعهم يتحدثون عن الانتاجية، ويقولون إنهم يرفضون أن تكون قرارات مجلس الوزراء حبراً على ورق. وليخبروني: من غيرهم حوّل هذه القرارات إلى حبر على ورق؟ لماذا لا يوقع وزير العمل قرار "بدل النقل" الذي صدر بأكثرية من مجلس الوزراء؟". يرفض ميقاتي أن يكون ثمة رابط بين ما جرى في مجلس الوزراء وما يُحكى عن رغبة بتجميد عمل الحكومة اللبنانية، بانتظار انقشاع الرؤية في سوريا. ففي بعض الصالونات السياسية، يُحكى عن كون القيادة السورية قد طلبت من الجيش اللبناني ان ينفذ عملية أمنية في البقاع، وأخرى في وادي خالد، وأن الجيش ربط تنفيذ هذا الامر بغطاء سياسي من رئيس الحكومة. يرفض ميقاتي هذا الربط. يقول إن مهمة الجيش اللبناني هي حماية الحدود، وهو ما تقوم به المؤسسة العسكرية حالياً. يضيف: ما جرى مرتبط بالصلاحيات لا اكثر.
لا يكتفي ميقاتي بتأكيد كونه لن يعكتف ولن يستقيل بسبب الأزمة الحكومية الراهنة. وما يعبر عنه يؤكد أن الأسباب التي دفعته إلى تولي رئاسة الحكومة لم تنتفِ بعد، إذ من غير الممكن "أن تتألف حكومة أخرى". ويعطي ميقاتي دليلاً على عدم اعتكافه، وهو ترؤسه أمس للجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف الكهرباء، والتي شارك فيها وزير الطاقة جبران باسيل. واللجنة بدأت بحث ملف استئجار البواخر، على ان تنهي تقريرها الأسبوع المقبل.
لا ينفي "الحاج نجيب" خلوّ الساحة اليوم من وسيط يسعى إلى حل الأزمة، لكنه يؤكد "اننا بالنهاية سنصل إلى حل". تنفرج أسارير دولة الرئيس عند الحديث عن الرئيس نبيه بري، وعن سبب عدم تدخله بعد، كما جرت عليه العادة، لمحاولة إيجاد تسوية. إلا ان رئيس الحكومة يرفض الإفصاح عن السبب، مكتفياً بالابتسام.
بري ينتظر "انتهاء الكلام"
هذا في السرايا. اما في عين التينة، فيقول مقربون من رئيس المجلس النيابي إنه ينتظر أن "ينتهي المعنيون بالأزمة من الكلام والتراشق الإعلامي. وبعد ذلك، سيزيّت الرئيس ماكينته ليبدأ بالسعي إلى العثور على مخرج للأزمة". وأكدت مصادر بري أنه "لم يظهر بعد أنّ خلف المواقف العالية النبرة مخططات مخفية، وأن الأزمة لا تزال تحت السيطرة".
أما في بعبدا، فأكد رئيس الجمهورية ميشال سليمان أنه متفق مع رئيس الحكومة على اعتماد الآلية المتفق عليها في التعيينات، إضافة إلى معياري الكفاءة ونظافة الكف عند المديرين العامين المنوي تعيينهم. وقال سليمان لقناة "الجديد" إنه "ليس من المهم تطيير جلسة حكومة أو اثنتين أو ثلاث بل المهم أن لا تعقد الجلسات من أجل تحاصص المواقع".
ودعا سليمان الوزراء الذين يماطلون في تقديم لوائح الأسماء التي في حوزتهم في مجلس الخدمة المدنية الى "الإسراع، لأنهم يعرقلون التعيينات، وليس رئيس الجمهورية هو من يعرقل".
الرابية: معركة الدور المسيحي
في المقابل، قالت مصادر مقربة من النائب ميشال عون لـ"الأخبار" إن ما يجري هو "تعبير عن المعركة الاخيرة التي يمكن ان يخوضها التيار الوطني الحر لإعادة التوازن إلى الدور المسيحي في الحكم، لا من الناحية العددية، بل من ناحية المشاركة في القرار". وقالت المصادر: "إن هذه القضية متمحورة حول طريقة التعامل معنا. كل ما نطرحه من تعيينات يُعرقَل، ثم يأتون إلينا ليقولوا عليكم ان "تمشّوا" هذا الملف". لكن المصادر ذاتها ترى في المقابل إيجابية مما جرى، إذ ربما "سيتم حل الازمة من خلال إيجاد حل لكامل ملف التعيينات العالق".
بدوره، اكد الوزير جبران باسيل ان المشكلة الحقيقية تكمن في الصلاحيات، "إذ كيف يمكن القول إن الوزير يجب أن يُناقش، فيما رئيس الحكومة لا تجوز مناقشته؟" ونُقِل عن باسيل قوله إن رئيس الجمهورية، وبدل ان يصر على إعادة بعض الصلاحيات إلى الرئاسة، قرر منح رئيس الحكومة صلاحيات ليست له. وفي مواجهة باسيل، علق سياسيون عونيون وآخرون من قوى 8 آذار سلباً على أداء "بعض التيار الوطني الحر، وخاصة الوزير جبران باسيل، الذي قرر التعامل مع ما أنجز في جلسة مجلس الوزراء ما قبل الاخيرة من باب تسجيل النقاط، وخاصة لناحية القول إن الحكومة رضخت للتهديد العوني باللجوء إلى الشارع". لكن وزير الطاقة اكد أن موقفه عبّر عنه في جلسة مجلس الوزراء أول من امس، حين قال لرئيس الحكومة "إننا لم نحدد أي موقع للتظاهر، لكن هذا حقنا". وأشار باسيل أمس إلى ان تكتل التغيير والإصلاح "غير مستعجل على التوصل إلى حل للأزمة، لأنها بالدرجة الاولى أزمة رئيس الحكومة، وهو قرر تعطيل مجلس الوزراء، ونحن أصلاً لدينا رغبة بالاستقالة".
وكان رئيس الحكومة قد لفت صباح أمس، خلال رعايته إطلاق مشروع المرحلة الثالثة من توسيع مرفأ طرابلس، إلى "أنني تلقيت طوال الفترة الماضية كل سهام التجني وتجاوزتها من اجل مصلحة لبنان وواجهت المصاعب كافة لأن هدفي الاستقرار وحمايته. وبالتالي، آثرت سياسة عدم الدخول في السجالات او الانغماس في ما لا طائل لوطننا على تحمله". وشدد ميقاتي على أن "البعض يسعى الى تعطيل مجلس الوزراء وهذا امر نرفضه تماماً"، مشيراً الى أنّ "المسألة ليست مسألة اعتكاف او استقالة، فنحن لن نستقيل من خدمة الوطن او نعتكف عنها".
السيّد: ميقاتي يخلق فتنة
وعلّق المدير العام الأسبق للأمن العام اللواء جميل السيّد على الأزمة الحكومية، متهماً الرئيس ميقاتي "بخلق فتنة تنافسية بين رئيس الجمهورية والعماد عون". ودعا رئيسَ الحكومة إلى "وقف الابتزاز"، متمنياً على رئيس الجمهورية "عدم السماح بألاعيب التحريض والإيقاع بينه وبين الزعماء المسيحيين". واتهم السيد ميقاتي بـ"محاولة المزايدة على الرئيس السابق سعد الحريري في موضوع صلاحيات رئيس الحكومة طمعاً في أن يُصبح زعيماً للسُنّة، وهو ما لن يكونه يوماً، لأنّ المتسوّل للسلطة والمتوسّل لها لا يمكن أن يصبح زعيماً، فكيف إذا وصل اليها بقوة غيره ثم خان وطعن من أوصلوه وصنعوه".
جنبلاط: لا أراهن على سقوط الأسد
بدوره، أكد النائب وليد جنبلاط عبر برنامج "كلام الناس" على شاشة "أل بي سي"، أنه لا يندم على المشاركة في الحكومة، مشدداً على أن الأزمة الحكومية الحالية قابلة للحل، "ولا بد من الكلام مع عون". وشدد جنبلاط على استمرار تحالفه مع الرئيس نجيب ميقاتي، "وإما أن نغرق سوياً، او "نفوش" سوياً. وتحالفي مع ميقاتي كان في إطار الـ"سين ــ سين"". ونفى رئيس "جبهة النضال الوطني" أن يكون قد تلقى تحذيرات عن وجود محاولة لاغتياله، مدافعاً عن رئيس فرع المعلومات العميد وسام الحسن، "لأن علينا ألا ننسى أن فرع المعلومات اوقف عشرات الجواسيس". وأكد أنه لا يراهن على سقوط النظام السوري، "بل أراهن على انتقال تدريجي من الحل الأمني إلى الحل السياسي" في دمشق، معلناً رفضه التدخل العسكري في سوريا.
جعجع: من يحترم نفسه…
ومن جهة قوى 14 آذار، دعا رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع الحكومة إلى الاستقالة، "والبديل حكومة تكنوقراط تهتم بشؤون المواطن". أضاف جعجع: "من يحترم نفسه داخل هذه الحكومة عليه أن يستقيل".
أما عضو كتلة المستقبل النيابية النائب أحمد فتفت، فوصف، في مقابلة مع "أخبار المستقبل" ما جرى في جلسة مجلس الوزراء أول من امس بأنه "مسرحية"، لأن "طريقة اسقاط حكومة سعد الحريري ومجيئهم الى السلطة هي اكبر طعنة لموقع رئاسة الحكومة". 

السابق
نسيب الوطن: غيابك يكشف الحاضرين
التالي
الشرق: ميقاتي : آن الاوان لمجلس وزراء متجانس