شبح إسرائيل يحاصر الثورة السورية

قصرت المعارضة السورية منذ البداية, بداية الثورة السورية التي انطلقت من حوران, ولاتزال مستمرة في كل سورية, ما عدا بعض مناطق متفرقة هنا وهناك, قصرت المعارضة السورية في طلب التدخل الدولي, لو فعلت ذلك منذ محاولتنا الأولى, لكان على الأقل الملف السوري الآن في مجلس الأمن يمكن ان يكون اتخذ مسارا مختلفا قليلا, وقصر المجلس الوطني منذ تأسيسه في العمل على هذا الموضوع, واعترف أنه مارس بعض اعضائه مناورة في ذلك, منتظرا الجامعة العربية, وكنت وغيري قد مارسنا ما نستطيعه من أجل أن يتقدم المجلس بطلب رسمي لمجلس الأمن أو لمؤسسات أممية محددة, وللدول الأوروبية لكن هذا لم يحدث, وكانت من حججنا في ذلك أن تدويل الملف يقصر الطريق على معاناة شعبنا, قدر الامكان, وكنا نعرف أن من يواجهه شعبنا في مجلس الأمن ليس روسيا لوحدها, وروسيا لولا معرفتها بجوهر الموقف الاسرائيلي لما بقيت على تعنتها هذا الذي نشاهده اليوم, إسرائيل الحاضرة بقوة في مجلس الأمن مع أنها ليست عضوا فيه الآن.

لسنا الآن بصدد تحميل مسؤوليات, لكننا يجب أن نعترف بتقصيرنا كمعارضة, وكمجلس وطني بالذات, والاعتراف بالتقصير من أجل معرفة ما يجب علينا القيام به, بعد ان وصلت الامور إلى ماوصلت إليه.
استغرب تركيز الناشطين عموما على الموقف الروسي, وهذا مطلوب طبعا, لكنهم أبدا لم يركزوا على قضيتين: الأولى الدور الاسرائيلي في منع قرار دولي وفقا للبند السابع من اجل حماية المدنيين في سورية, والقضية الثانية: خطابنا الاعلامي كمعارضة وخصوصا بعض التيارات الاسلامية والقومية واليسارية والتقليدي منها بخاصة, لايزال يهاجم العرب عموما من دون تمييز بين دولة وأخرى, ولايزال يتحدث عن الغرب عموما بلغة أن هذا الغرب عدو, بشكل أو بآخر..لأنهم في سياق دفاعهم عن رفض التدخل يأتون بمثال العراق ويتحدثون عن السيادة الوطنية تماما كما يتحدث النظام!! فكيف لغرب أن يدعم معارضة تعتبره خصما..وكيف لغرب يدعم تيارا يعتبره معاديا للعروبة والاسلام? مع ذلك إن الموقف الغربي ولاسيما الاميركي وفق المعطى الاسرائيلي وحضوره ووفقا للمعطى السوري متقدم على مواقف عربية بل متقدم على مواقف أطراف في المعارضة السورية.
مشكلتنا أن هناك خلطا دئما عندنا بين كلام مثقف مستقل وبين كلام سياسي يريد البحث عن أفضل السبل من أجل خدمة هدف سياسي محدد..وانا لااستثني نفسي من هذه المراجعة طبعا.

سياسيا لو كانت إسرائيل مع قرار دولي وفقا للبند السابع أو حتى السادس لما كان الموقف الروسي على ما هو عليه اليوم..وخصوصا موقف بوتين بالذات, ولما كانت مواقف بعض الاطراف العربية هكذا أيضا, حتى العصابة الحاكمة لو تعرف أن هناك تغيرا في الموقف الاسرائيلي لكانت حسبت حساباتها من جديد..وليس لدينا وهذا يجب أن نعرفه بعد قوة شعبنا والعمل الحثيث كل من موقعه في هذه الثورة من أجل استمرارها, أقول بعد هذا, لايوجد لدينا طرف نلجأ إليه للضغط من أجل صدور قرار أممي سوى الدول الغربية تحديدا والصين, الدول الغربية وحدها يمكن أن تغير الموقف الاسرائيلي, حتى الدول العربية المساندة للعصابة الحاكمة, هي التي كانت وراء تغيير في خطاب نبيل العربي البارحة أمام مجلس الأمن, حيث أنه حاول إفراغ المبادرة العربية من مضمونها, وهذه الدول هي العراق والجزائر والمجلس العسكري المصري ولبنان, لهذا تقدم المغرب بمشروعه كعضو في مجلس الأمن وفقا للبند السادس الذي لايلزم دوليا بتدخل عسكري, ومن دون الطلب بتنحي الأسد او بإعطاء صلاحياته لنائبه,وما يجري الآن على شعبنا أن يعرف أنه فرصة أخرى لنظام القتل هذا. 
كنت منذ بداية الثورة وأنا أؤكد مع غيري من الناشطين السوريين, أن التدخل الدولي لحماية المدنيين, لايعني أن يتدخل المجتمع الدولي لكي يكون طرفا في إسقاط النظام فشعبنا قد اسقطه عمليا, وحوله إلى عصابة تمتلك القوة العنيفة والدموية فقط وخارجة عن القانون مطلق قانون…لكن من دون تدخل دولي لحماية المدنيين فكلفة شعبنا للتخلص من هذه العصابة ستكون كبيرة..ومرة أخرى نقول إسرائيل مستفيدة في الحالتين.

انتصار الثورة السلمية بعد هذا المخاض الدموي سيخرج سورية أضعف بكثير مما هي عليه..وبقاء العصابة الحاكمة هو تفضيل إسرائيلي لكنه ليس شرطا…شرط إسرائيل أنها ترفض تدخلا عسكريا في سورية,لاعتبارات كتبنا عنها مرارا وتكرارا, لغاية اليوم أي متابع للصحف الاسرائيلية يرى دفاعا مستميتا من الاعلام الاسرائيلي عن هذه العصابة الحاكمة في سورية, والإيرانيون يعرفون ذلك أيضا. الانكى من كل هذا يخرج علينا كتاب فلسطينيون يزايدون دون علينا بقضية أن إسقاط الأسد خدمة لإسرائيل! وهذا هو الكذب بعينه.إن شعبنا الآن امام جولة جديدة من الثورة ومن القتل الذي يواجهه على يد هذه العصابة, لكن مهما فعلت هذه الاطراف فشعبنا استطاع بصموده مع الجيش السوري الحر أن يجبرهم على وضع القضية أمام طاولة مجلس الأمن, إنه أجبر الجميع, وسيجبرهم لاحقا أيضا, يجب أن يفهم العالم أن شعبنا لن يعود إلى ما قبل حوران مارس..ولن يقبل أن تبقى هذه العصابة التي اصبحت غارقة في دماء شعبنا, أو أن يتم الحوار معها, سورية, وشعبها خرجا عن طوق ليس العصابة الحاكمة بل عن طوق النظام الاقليمي الذي كرسته إسرائيل مع الأسد الأب منذ عام 1974 بدعم أميركي كيسنجري هذا النظام الاقليمي يطبخ غيره الآن على نار هادئة, لاتهتم كثيرا بدماء السوريين, ويجب أن تعرف هذه المعارضة كلها أنه لولا موقف دول الخليج العربي وخاصة المملكة العربية السعودية ودولة قطر, لكان موقف ثورتنا اضعف على المستوى الدولي والاعلامي بكثير وهذا سيكون مكلفا لشعبنا دماء ومجازر. وهذا ما سيحاول رموز العصابة القيام به في الأيام المقبلة, استنادا الى الموقف الاسرائيلي المعروف للجميع, وموقف دولي وعربي ضعيف, وروسي في الواجهة,لهذا من يشارك في قتل شعبنا الآن هم:

إسرائيل وروسيا وإيران و"عراق المالكي" و"لبنان حزب الله" و"فلسطين حركة حماس" والمجلس العسكري المصري وعسكر الجزائر وعسكر السودان, هكذا ليعرف شعبنا بالضبط من هي القوى التي تدعم هذه العصابة, إن الغربيين محكومون بمؤسسات وهذه المؤسسات تتعرض لصراع قوى داخلها, لهذا يمكن ان ينتج عن هذا الصراع ما يمكننا أن نلمسه من تواطؤ, لكن في العمق وعمليا هم ليسوا مع استمرار النظام, وهذا ما عبرت عنه كلمات وزراء خارجية فرنسا وأميركا وألمانيا وبريطانيا, لهذا من واجب المعارضة الآن بعد ما حدث في مجلس الأمن يوم اول من امس أن ترسم افقا وستراتيجية عملية لاستمرار ثورتنا بألقها, ولمحاولة تغيير الموقف الدولي…والفشل مرة لايعني التوقف عن طرق هذا الباب يوميا, يجب أن تعسكر المعارضة والجاليات السورية امام السفارات وامام مبنى الأمم المتحدة.

يجب ان نعرض أمام شعبنا كل الملفات التي تعيق حتى اللحظة نجاح ثورته,لا ان نستمع لكلام رجل كنبيل العربي بما يمثله على رأس هذه الجامعة, ليأت رأس هذه العصابة الحاكمة إلى مؤتمر للحوار كما تطالب روسيا ويطالب نبيل العربي وما يمثله, ليأت إلى القاهرة حيث مقر الجامعة العربية, ومؤتمر علني أمام وسائل الاعلام العالمية, ويقدم ما بجعبته أمام وسائل الاعلام, ويكون المجلس الوطني وممثلي التنسيقيات الشبابية والجيش الحر بالوفد المقابل, أما حوار تحت الطاولة! أوبلجان وبإشراف نبيل العربي ولافروف فذاك يصبح مشاركة في القتل, لم يعد في سورية ما هو سر, والثورة بجهود كل أبناء سورية لن تتوقف, إذا كان هنالك من يراهن على أن الوقت والقتل يمكن أن يوقف الثورة, هنا الوهم. 

السابق
هل تخلّت موسكو عن الأسد؟!
التالي
هواجس جنبلاط وجنون عون