الأسد واثق من الموقف الروسي

لوزير السابق وئام وهاب الذي يوصف بأنه من أشد المدافعين عن النظام السوري، جمعته أول من أمس صورة إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد. وفي اللقاء، تأكيد من الأسد أن «مرحلة الحسم بدأت، لكنها لن تؤخر الإصلاح»

هي ليست المرة الأولى التي يلتقي فيها الرئيس السوري بشار الأسد مع الوزير السابق وئام وهاب. لكنه اللقاء الأول الذي جرى تصويره وإعلانه. الجهة المعلنة ليست وكالة الأنباء السورية «سانا»، بل أمانة الإعلام في حزب التوحيد العربي، الذي أسسه وهاب قبل سنوات في خطوة وصفت بأنها تحدٍّ للزعامتين الدرزيتين التقليديتين المتمثلتين بآل جنبلاط وآل أرسلان.
وقال وهاب إثر عودته إلى بيروت إن الرئيس الأسد أكد أمامه حرص سوريا على ضرورة الاستقرار في لبنان، لما لهذا الاستقرار من تداعيات إيجابية على الساحة السورية.

كذلك أكد المحافظة على وجود الطائفة الدرزية في المشرق العربي، مشيداً بالدور الوطني والقومي الذي أدته ماضياً وتؤديه اليوم، والتاريخ خير شاهد على إنجازاتها. أضاف أن سوريا تكنّ المحبة لجميع أبنائها دونما تمييز أو استثناء.
ورغم تحفظ الوزير وهاب على تسريب محضر اللقاء الذي جمعه بالرئيس الأسد واستمر ثلاث ساعات، إلا أنه عرض في اتصال مع «الأخبار» مجموعة من العناوين الرئيسية التي سمعها من الرئيس السوري، أبرزها تأكيده «أن مرحلة الحسم قد بدأت، لكن الحسم لن يؤخر الإصلاح. وفي المحصلة تكاليف الفوضى أكبر بكثير من تكاليف الحسم».
ولفت وهاب إلى أنه سمع من الأسد تشديداً على أن «صمود سوريا سيحدث تغيراً نوعياً في الصراع على المنطقة». وأضاف: «وجدته مرتاحاً ومطمئناً. وهو واثق من الموقف الروسي، وتوصيفه لهذا الموقف ينطلق من قراءته الاستراتيجية للموقف الروسي وأن موسكو لا تتعاطى مع الملف السوري بطريقة ظرفية وعابرة كما يصور البعض». وعن توقيت الزيارة والهدف الأساسي منها، قال وهاب: «الانطباع السائد لدى البعض أنني لم ألتق الرئيس السوري من قبل. وفي الحقيقة لقد التقيته مرات عدة، ولكن ليس بشكل علني». أضاف: «لا أخفي سراً إن قلت إنني ألححت بطلب هذه الزيارة، وخصوصاً أن عدم وجود صورة تجمعني مع الرئيس الأسد قد تركت انطباعاً خاطئاً، ليس فقط عند خصومي السياسيين القريبين والبعيدين، بل حتى في الوسط الحزبي الداخلي».
ورداً على سؤال عما إذا كان اللقاء قد تطرق إلى موقف النائب وليد جنبلاط من سوريا، قال وهاب: «لم يُذكَر اسم وليد جنبلاط في اللقاء، لا من قبل الرئيس الأسد، ولا من قبلي». وأضاف: «لمست من الرئيس الأسد الحرص على الدروز وعدم التوقف أمام التفاصيل».

وكان النائب جنبلاط قد وجه نداءات متكررة إلى دروز سوريا، آخرها قبل أسبوع، ودعاهم إلى «رفض الأوامر بإطلاق النار على إخوانهم، والإحجام عن المشاركة مع الشرطة أو الفرق العسكرية في الحملات الأمنية، وقد عاد العشرات منهم في نعوش نتيجة قتالهم لأهلهم في المناطق السورية الأخرى».
ويبلغ عدد الدروز في سوريا أكثر من ربع مليون، يقطنون بنحو رئيسي في منطقة «جبل العرب» في محافظة السويداء وفي بعض قرى ريف دمشق وفي الجولان.
وقابلت دمشق مواقف جنبلاط بفتور لافت، لكنها لم تدفع باتجاه شن حملة واسعة عليه، على غرار ما حدث في عام 2005 إثر القطيعة التاريخية التي تلت اغتيال الرئيس رفيق الحريري وانسحاب الجيش السوري من لبنان.
إلا أن التجاهل السوري لجنبلاط لا يلغي حقيقة أن الأخير التقى عدة مرات في الفترة الأخيرة، من دون تكليف رسمي أو صفة بروتوكولية محددة، صنّاع القرار في أنقرة والدوحة وموسكو، وهي عواصم ثلاث تؤدي حالياً دوراً كبيراً في ما يمكن أن ينتهي إليه المستقبل السياسي لسوريا في المديين القريب والبعيد.

وعلى الرغم من أن الرئيس السوري قد التقى أخيراً النائب طلال أرسلان على رأس وفد كبير من مشايخ الدين الدروز، إلا أن الحملات غير المسبوقة على الوزير وهاب التي تشنّ في وسائل إعلام المعارضة السورية، تدفع باتجاه التأكيد أن وهاب دون سواه هو من يعمل في الوسط الدرزي في سوريا.
ولعل من المجدي التذكير بأن وهاب هو الشخصية السياسية اللبنانية الوحيدة التي سمح لها النظام السوري صراحة، منذ سنوات، بالعمل في الداخل السوري، من قبيل فتح مكاتب حزبية وتوزيع آلاف النسخ من المجلة الحزبية التي يصدرها، إضافة إلى أنه ضيف شبه دائم في الندوات التعبوية التي ينظمها حزب البعث العرب الاشتراكي في مختلف المحافظات.

وتتهم المعارضة السورية وهاب بأنه يعمل على تسليح الدروز في سوريا، ووجهت إليه هذا الاتهام الناطقة الرسمية باسم المنظمة السورية لحقوق الإنسان منتهى الأطرش. وكان يمكن هذا الاتهام، الذي لم يُقدَّم عليه أي دليل، أن يمر مرور الكرام، لولا أنه لم يأت من ابنة قائد الثورة السورية سلطان الأطرش، الذي يحتل في الموروث الشعبي السوري والعربي مكانة استثنائية، ولا يكاد يخلو بيت درزي في السويداء من صورته.
وبالعودة إلى الصورة التي جمعت وئام وهاب بالأسد، تبين بحسب الموقع الإلكتروني لحزب التوحيد العربي أن هناك صورتين، لا صورة واحدة: الأولى تجمع الأسد ووهاب، والثانية يظهر فيها نجل وهاب البكر، هادي. وعن هذه المسألة أوضح وهاب أن «هادي لم يحضر اللقاء، بل رافقني في الزيارة وطلب أن يأخذ صورة مع الرئيس الأسد، وهذا ما كان». إلا أن هذا التوضيح لا يلغي الكثير من التأويلات بشأن وجود رغبة لدى وهاب في إشراك نجله هادي مبكراً في العمل السياسي وتأسيسه جمعية شبابية باسم «شبيبة حزب التوحيد العربي»، وهو ما يترك انطباعاً بأن الشعار الذي رفعه وهاب في بداية تموضعه السياسي وانفصاله عن طلال أرسلان بـ«محاربة التوريث في المجتمع السياسي الدرزي» قد بات قابلاً للنقاش. 

السابق
هواجس جنبلاط وجنون عون
التالي
اللواء: تعليق جلسات مجلس الوزراء بعد خلاف ميقاتي ووزراء عون على تعيينات هيئات الرقابة