عون-جنبلاط صافرة الإنذار قبل البطاقة الحمراء

بعد الانعطافة الجنبلاطيّة وإعلان النائب وليد جنبلاط انتقاله النهائي من صفوف قوى الرابع عشر من آذار إلى الضفّة الوسطية، ومساهمته لاحقاً في إخراج الرئيس سعد الحريري من السراي، علَت أصوات داخل «التيّار الوطني الحر» تدعو صراحة إلى «حسن التعامل مع زعيم المختارة».

كان المقصود، وفق رؤية هؤلاء، استمالة بيك المختارة خطوةً خطوة نحو الانتقال النهائي الى قوى الثامن من آذار، والأهمّ "استغلال" إعادة التموضع الجنبلاطي" يومذاك لاستثمارها في مجال ترتيب التحالفات في الجبل، بما يخدم تعزيز الدور العوني وتثبيت انفلاشه السياسي من دون استفزاز الحليف المفترض، على ان تكون انتخابات 2013 أولى الاختبارات الواقعيّة لهذا التقارب.

مصادر في "التيّار الوطني الحر" أشارت الى أنّ جنبلاط نفسه ذهب بعيداً في استفزاز العماد عون عندما شكّك في النوايا الإصلاحيّة للرابية في مجال مكافحة الفساد من خلال رفض "عرض الصناديق"، كان ذلك جزءاً صغيراً من جملة احتقانات تراكمت على طاولة الرابية حول "أسلوب عمل" المختارة في السراي، إضافة الى أنّ "البيك" وضع عون في قفص الاتّهام بالفساد في ملفّ الكهرباء، ما دفعَ العونيّين إلى عدم السكوت عمّا اعتبروه "مخالفة فاضحة" ارتكبها وزير الأشغال العامّة، بتغطية من الحكومة نفسها، حين وضع في يد غازي العريضي مبلغ 200 مليون دولار كسلفة خزينة من دون إلزامه بتقديم جداول مفصّلة حول كيفيّة صرفه في مجال تحسين وتأهيل الطرقات في كافّة المناطق اللبنانيّة.

وتكشف المصادر نفسها عن أنّ "جنرال الرابية "يسمع يوميّاً من خلال ما يصله من كلام الى الرابية حول الانتقادات المستمرّة لشخصه من الزعيم الجنبلاطي، والتي وصلت الى حدّ التأكيد أمام شباب منظمة التقدّمي بمناسبة اختتام المخيّم الصيفي السنوي بأنّ أحداً لا يستطيع أن يضع وزراء "اللقاء الديموقراطي" بالجيبة، وأنّ التعاون مع ميشال عون في الانتخابات المقبلة لن يكون مُتاحاً، وعلى هذا الأساس قرّر عون ووزراؤه التصدّي لجنبلاط ووزراء "المختارة" وسيكونون بالمرصاد لهم على طاولة مجلس الوزراء.
 
 
ولا يخفى على أحد، حسب المصادر، أنّ التوجّه الجنبلاطي الكهربائي، ليس مفصولاً عن تبنّي معظم المشاركين في اجتماع الديمان المسيحي الأخير، قانون النسبيّة الانتخابي، ذلك أنّ وليد جنبلاط كان يراهن تحديداً على مبادرة ميشال عون الى أخذ هواجسه في الحسبان مثلما هو واجب عليه أخذ الهواجس المسيحيّة في الحسبان، خصوصا إذا جمعهما قطار الانتخابات.

يعتبر العونيّون أنّ جنبلاط وعلى الرغم من التنسيق القائم معه حيال ملفّ المهجّرين "لم يقدّم الكثير لخَتم هذا الجرح، من خلال دفع التعويضات لأهلها الحقيقيّين" كما أنّ بعض مناصري الإشتراكي"في منطقة الشحّار الغربي، لا يزالون يتعاطون مع"قواتيّي" المنطقة بالأساليب عينها التي كانت قائمة في زمن التحالف الجنبلاطي مع قوى الرابع عشر من آذار، الأمر الذي يثير حفيظة "البرتقاليّين" في هذه المنطقة.

وتقول المصادر إنّ مهاجمة رئيس جبهة النضال الوطني لقانون النسبية الإنتخابي، وضعت العونيّين أمام مهمّة شبه مستحيلة، كونهم الفريق المسيحي السياسي الوحيد (عدا سيّد بكركي الجديد ورئيس الجمهورية) الذي يستطيع أن يتواصل في هذه المرحلة مع الإشتراكيين للتوصّل معهم الى صيغة مشتركة للقانون الإنتخابي، تأخذ في الحسبان رغبة جنبلاط بعدم خسارة وزنه النيابي الحالي، ورغبة العونيّين في أن تأتي أكبر نسبة من النوّاب المسيحيّين بأصوات الناخبين المسيحيّين أنفسهم.

أمّا بالنسبة الى التحالف الإنتخابي في العام 2013 بين العونيّين والإشتراكيين، وبرغم حاجة جنبلاط الماسّة له، يفضّل العونيون عدم الحديث عنه في هذه المرحلة ولو أنّ المجلس النيابي الحاليّ دخل في النصف الثاني من ولاية السنوات الأربع. وبرأي العونيّين الأولويّة في هذه المرحلة للاتّفاق على مبدأ القانون الإنتخابي قبل الكلام على التحالف، عِلماً أنّ العونيّين والإشتراكيين يعرفون جيّداً تركيبة الجبل المسيحيّة ـ الدرزية ـ السنّية، لا سيما في الشوف، ويدركون جيّداً أنّ أيّ تحالف بين فريقين من الثلاثة يحسم المعركة الإنتخابية، مع الأخذ في الاعتبار أنّ أوساط حليفة للاثنين باتت مقتنعة بأنّ تحالف جنبلاط مع العونيّين كفيل بحسم معركة الشوف، خصوصاً بعدما أثبت "البرتقاليون"خلال دورتين إنتخابيتين سابقتين حجم كتلتهم الناخبة التي تتخطّى العشرين ألف صوت في هذه الدائرة.

وقبل تصريح جنبلاط النووي أوّل من أمس كان يدور في كواليس التيّار حديث عن لقاء جديد بين "الجنرال"و"البيك"، أقلّه لصياغة خارطة طريق الى انتخابات العام 2013 قانوناً وتحالفات، وهذا الأمر يقتضي إخراج العلاقة من إطارها الموسمي ووضعها على سكّة أكثر ثباتاً، ويتمثل ذلك في تشكيل فريق عونيّ جنيلاطي مشترك، يعمل على تذليل العقبات بين الفريقين، بالإضافة الى شكل تنسيقيّ يكفل أكبر استفادة ممكنة للفريقين من وجود وزراء لكلّ منهما في الحكومة الحاليّة، بدل أن يستفيد فريق 14 آذار من هذا أو ذاك كما هو الأمر حاليّاً، ولكن أتى تصريح جنبلاط ليقضي على كلّ شيء. 

السابق
إيخهورست: لإبقاء لبنان في منأى عن الاضطرابات
التالي
حوري: على التيار الوطني مراجعة حساباته لأن خسارته محسومة