إبل السقي.. تآلفت مع القوات الدولية فانعشتها (2)

ابل السقي

حين نقول ابل السقي لا يمكننا إغفال المعالم الاثرية الموجودة فيها، فإلى جانب المحمية الطبيعية والقبيبات، ومعبر للطيور المهاجرة، هناك مقام ديني “للداعي عمّار”، وهو احد أنبياء طائفة الموحدين الدروز، يروي احد ابناء المنطقة عن هذا المكان الروحي الذي تم اكتشافه من قبل راعي للمواشي من البلدة كان يحضر ماشيته للرعي على رأس تلك التلة الواقعة بين منطقتي الخيام وابل السقي، فكان كلما قطعت الماشية في تلك البقعة إما تقع او تكسر قدمها او تموت، وبعد تكرار هذه الحادثة معه عدة مرات شاور مشايخ الخلوات في البياضة، وبعد دراسة للموقع تبيّن ان الداعي كان يقيم خلوة ويجلس في تلك النقطة للصلاة والدعاء، وتحوّل هذا المكان الى مزار لكافة ابناء الطائفة الدرزية ولكل الزائرين.

علاقتها بالقوات الدولية
اتخذت بلدة ابل السقي صفة النموذجية.. نظراً لما تتحلّى به من نظافة وترتيب ومناظر طبيعية وبيوت نموذجية ذات القرميد الاحمر، ولما تمتعت به على مدى سنوات طويلة من حركة اقتصادية وتجارية انطلقت منذ دخول قوات الطوارئ الدولية الى لبنان في العام 1978 وكان مقرها الرئيسي في ابل السقي ما ادى الى انتعاشها وتحولها من قرية تعيش على الزراعة والوظائف وهجرة ابنائها، الى قرية ناشطة اقتصاديا.

لقوات اليونيفيل المقيمين في تلك المنطقة الحرية الكاملة والاستقلالية التامة في كافة الامور، حيث يتأمن لهم كافة وسائل الراحة من مقاهي ومطاعم ومحال تجارية، وفندق “الدانا” الاشهر في تلك المنطقة، إلا ان مشايخ البلدة عملت منذ فترة على إغلاق ملهى الليلي، لانه يتنافى مع البيئة المحافظة القائمة في حاصبيا. ولدى اليونيفيل ايضا كنيسة ومصلى ونادي رياضي، وكهرباء دائمة دون انقطاع 24/24. وقد ساهم الانفتاح لدى ابناء ابل الى اقامة علاقات قوية مع كتائب اليونيفيل ان الاسبانية الموجودة في قاعدة “ميغيل دو ثيرفنتس”، او الهندية او النروجية، العاملة في تلك المنطقة وجميعها متآلف مع ابنائها، حيث يشاركونهم احتفالاتهم الخاصة، ويحضر المشايخ والمخاتير وفعاليات البلدة إلي مختلف الاحتفالات التي يقيمونها في قواعدهم العسكرية. من جهة أخرى ساهم وجود هذه القوات الى خلق حركة ناشطة داخل البلدة جراء التبادل الاقتصادي بين الطرفين، إضافة إلى تأمين فرص عمل لعدد كبير من شباب البلدة الذين يتولون وظائف في الترجمة والأعمال التقنية وغيرها.
والجدير ذكره انه وفي كل عام في السابع عشر من ايار تحتفل النروج بعيد استقلالها في البلدة، حيث يقام احتفال كبير للمناسبة يحضره عدد كبير من فعاليات المنطقة وسفير النروج في لبنان، فيزورون اضرحة الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن ارضنا. وهذه العلاقات المميّزة مع النروج جعلت الكثير من الشباب النروجيين في القوات الدولية يتزوجون بفتيات من البلدة.

تجمع شباب ابل السقي
هذه العلاقة الوثيقة والمريحة مع قوات اليونيفيل فتحت المجال امام عدد كبير من الشبان ليس فقط للعمل، إنما ايضا للدخول في نشاطات المجتمع المدني من خلال قيام منظمة الـundp بتأسيس تجمع لشباب البلدة، وقد شارك هؤلاء الشبان في عدد كبير من ورش العمل تحت عناوين مختلفة، كالتوعية على المخدرات،المواطنية، البيئة والدافعة وغيرها من العناوين الهادفة لنشر الوعي واشراك الشباب في العمل المدني لمعرفة حقوقهم وواجباتهم والدفاع عنها، الامر الذي ساعد الشباب للتشبيك مع عدد كبير من التجمعات الشبابية الاخرى الموجودة في مختلف المناطق الجنوبية، فكان في محصلة هذه الورش مجموعة كبيرة من النشاطات الشبابية الفاعلة والهادفة لتعزيز قدراتهم، وتفعيل وجودهم في منطقة الجنوب.

هذه الحالة النموذجية من التعامل والتعايش مع القوات الدولية العاملة في تلك القرية النموذجية، يجعلها مثلا يحتذى به، ويطبق في باقي المناطق الجنوبية التي تتعرض فيها قوات الطواريء للعديد من التهديدات والضغوط التي تعكر الاجواء وتثير حالة من التوتر، على عكس ما هو قائم في ابل السقي.

السابق
الرئيس بشار الأسد التقى وهاب: حريصون على الاستقرار في لبنان لما له آثار ايجابية على سوريا
التالي
اضراب تحذيري للجنة مياومي وجباة الكهرباء في 7 الحالي