ثوار سورية يرقصون لعيون الحرية

بعيداً عن المهاترات السياسية ومؤتمرات وليد المعلم, التي لا تقدم ولا تؤخر, والتحليلات الفضفاضة منها والضيقة, والاصوات الداعمة والرافضة كذلك, هناك نكهة خاصة لثوار سورية وقد تجمعهم واخوتهم في الدول العربية الاخرى التي سبقتهم الى درب الحرية – مطالبهم المحقة والشرعية للعيش بكرامة ورخاء سياسي واجتماعي وفكري – لكن لتحركهم "دندنة" تعشقتها الآذان وهم يناطحون قامعيهم بالرقص وبايقاع موسيقي يستحق الوقوف عنده.

ففي تونس حيث ولدت حمى الربيع العربي, والى ليبيا ومصر واليمن حيث انتشرت عدوى الحرية, كانت الشعارات نفسها التي طالما "طربت" لها آذاننا في مناسبات وطنية او احتفالا بأعياد زعماء – اصبح معظمهم الان "اكس – زعماء" ملوحا احدهم ببندقية وآخر يتباهى بازياء هجينة على عالم الموضة ونظارات شمسية اغرب, فيما اخر يناطح السماء متسلحا بابتسامة "صفراء" منتشيا من جرعات ثناء زائدة ومفبركة بسخافة ظاهرة.
شعارات استهلكت استعان المتظاهرون بها بعد عملية استبدال ناجحة لكلمات المدح والغزل الجوفاء في حق هؤلاء الزعماء باخرى مستقاة من قاموس معاناتهم الطويلة, وان كانت "الشعب يريد اسقاط النظام" المفضلة حتى باتت تسبق التحية المتبادلة بين الثوار الذين زرعوا اجسادهم في الساحات لاشهر طويلة حتى حصدوا نتاج ثوراتهم.. لا يمكن الانكار بان شعاراتهم تلك أدت مهمتها على اكمل وجه واستطاعت زحزحة رؤسائهم عن عروشهم وقلب كراسيهم فوق رؤوسهم, لكن لثوار سوية اسلوبا مميزا في ايصال اصواتهم يثير في نفوس المتابعين الكثير من الاستهجان والاعجاب, حتى لو كان البعض لا يوافقونهم ثورتهم, اذ لحركتهم الشعبية نكهة مختلفة نجحت في التسلل الى شرائح متنوعة من المشاهدين فتسمروا امام الشاشات يتابعون بحماس تظاهرة "فولكلورية" الملامح "دلعونية" الايقاع لفظا وتعبيرا.
فالموسيقى طالما كانت "صاروخا عابرا للقارات" لا تؤمن بحدود او خريطة وطالما كانت خبز الفقير والثري و "اكسير" الأمل لكثيرين, وها هم ثوار سورية يستعينون بها لايصال رسالتهم فوصلت.

فلا تخرج تظاهرة من دون طبل او زمر حتى اصبحت هاتان الآلتان الموسيقيتان رفيقتا الدرب في ثورتهم, على ايقاعهما خلعت النسوة عنهن خجلا كان دائما حزامهن المتين, فيما تعالى المسنون على آلام الاجساد واحتشدوا في الساحات كتفا الى كتف مع شباب يرقصون و "يدبكون" لعيون الحرية هذه المرة, اما الصبايا فدخلن في مرحلة تنسك عن الغزل ليعانقن الحرية بديلا حتى الاطفال كبروا فجأة متخطين "الشيطنة البريئة" ليشاركوا الكبار قضيتهم, الاكبر ها هم جميعا يتمايلون صفوفا صفوفا, يمينا وشمالا وها هي اصواتهم تصدح في اجواء عبقت بغبار ارجلهم المغروزة في شوارع المدن الثائرة بقيادة صوت يعتلي مسرحا مهشما ينهل من مؤن الاجداد شعراً وادباً بعدما اجاز لنفسه تعديلا على الابيات لتتناسب مع واقع الحدث, ولا يسكت او يتهادى حتى عندما يبح الصوت وتتقطع اوتار حنجرته حرقة على رفاق قضوا وآخرين في قائمة الانتظار على لوائح ارباب النظام أو اعوانه.
ثورات عربية مباركة ابطالها يتشابهون وان اختلفت الصور او ال¯ "نوتات" لكن لتلك الثورة في سورية لحنا خاصا ها هو يهز عرين الاسد وان لم يسقطه … بعد 

السابق
الانوار: تعزيز التنسيق بين الجيش وقوى الامن لمواجهة التهديدات المتزايدة
التالي
الانباء: شبح الاغتيالات يخيم على المشهد اللبناني وبري وجنبلاط يضاعفان احتياطاتهما