المراقب العام للاخوان المسلمين في سورية: لا نثق بحزب الله

في سياق لعبة المراهنة على الوقت، دخل الملف السوري منعطفا خطيرا مع رفض الحكومة السورية المبادرة الجديدة لجامعة الدول العربية، والتي تنصّ على خطة متكاملة لحلّ الوضع، في محاولة منها لنزع فتيل الأزمة ووضع حدّ للتدهور الحاصل والذي يهدّد بانفجار شامل.أنقرة- يأتي ذلك متزامنا مع جهود إقليمية ودولية بدأت أخيرا لحث روسيا على تغيير موقفها بعد فشل كل المساعي الرامية لاحتواء الوضع ضمن الخيمة العربية لمنع "التدويل" وفتح المجال لتغيير النظام بشكل سلمي في سوريا استجابة لمتطلبات الشعب.

ومن تركيا التي صرّح وزير خارجيتها أيضا بأنّ استمرار قتل النظام السوري لشعبه ورفض المبادرات العربية قد يفتح الباب أمام تدخل الأمم المتحدة وهو الأمر الذي لن تتردّد أنقرة حينها في دعمه إذا ما بقيت هذه المعطيات قائمة. "الجمهورية"، كان لها حديث مع المراقب العام لـ"الأخوان المسلمين" في سوريا المهندس محمد رياض الشقفة من مقر إقامته في اسطنبول، أجاب فيه على عدد من الأسئلة المرتبطة بالملف السوري، فاعتبر أنّ الشارع السوري لن يتراجع أبدا عن مطالبه وسيستمرّ في ثورته حتى النهاية، مطالبا برفع الملف إلى مجلس الأمن لحماية المدنيّين، ومؤكدا رفضه الحوار مع النظام أو القبول بمشاركة الأسد الحكم، ومشيرا إلى ضرورة الاستجابة للمطلب الشعبي بإطاحته.

الشقفة أكّد أيضا رفض الأخوان المسلمين كل العروض الإيرانية جملة وتفصيلاً، كما عبّر عن عدم ثقتهم بحزب الله نتيجة مواقفه السيّئة وتأييده ودعمه للنظام السوري بما يتناقض مع ما يدّعيه من مقاومة وكره للظلم كما قال.

وعن موضوع الأقليات، شدّد على أنّ السوريين لم يعرفوا يوما مفهوم الأقلية والأكثرية ولم يتعامل احد به إلا في عهد هذا النظام البائس، مؤكدا مبدأ المواطنة التي تقتضي تساوي الجميع في الحقوق والواجبات، وعلى أنّ الأخوان منفتحون للحوار مع كل الأطياف (داخلية وخارجية، إقليمية ودولية) ومستعدون للتعاون مع الجميع فيما يخدم مصلحة سوريا وعلى قاعدة المصالح المشتركة والاحترام المتبادل بين الأطراف.

وفيما يلي نصّ الحوار:

1 – ما هو في رأيكم السبيل الأمثل للتعامل مع القضية السورية خلال المرحلة المقبلة بعد فشل مهمّة المراقبين العرب التي أتوا من اجلها؟

– نحن مع الذهاب بالملف السوري إلى مجلس الأمن واتخاذ قرار بحماية المدنيين وممارسات النظام وأساليبه القمعية وطريقته الوحشية في التعامل مع المتظاهرين ومماطلاته أوصلتنا إلى هذه القناعة. نعتقد أن الشارع لن يتراجع أبدا في مطالبه وسيستمر في ثورته حتى النهاية ونطالب المجتمع الدولي بعزل النظام وسحب السفراء من الأراضي السورية والاستمرار في العقوبات الاقتصادية التي تمّ فرضها على النظام والاستمرار في التضييق على شخوص النظام وقياداته.

2 – طالبتم بفرض الحظر الجوّي على النظام السوري لحماية المدنيين من أعمال القتل؟ ما الذي يدفعكم للاعتقاد أنّ تركيا ستوافق على هذا الطرح؟ وكيف يمكن تطبيقه في ظل الرفض الروسي والصيني؟

– هذه القضية لم تتمّ مناقشتها رسمياً مع القيادة التركية، ولكننا نعتقد انهم لن يقفوا عائقا أمام تطبيق قرار لمجلس الأمن ينصّ على حماية المدنيين.

3 – هناك استياء لدى البعض من طريقة أداء المعارضة بشكل عام ويقال إنها لا ترقى إلى مستوى ما يحصل على أرض الواقع في سوريا، هل توافقون على ذلك؟ وما هي ملاحظاتكم على عمل هيئة التنسيق بشكل عام؟

– بالنسبة إلى المعارضة فإننا نعتقد أنّ حجم التضحيات التي يقدّمها الشعب السوري اكبر من أداء المعارضة ولا يوجد ما يرقى لحجم هذه التضحيات الكبيرة.

قناعتنا في الأخوان المسلمين وفي المجلس الوطني السوري أنّ مشاركة الحكم مع بشار أو حتى الحوار معه مرحلة تجاوزتها الأحداث منذ زمن، والمطلوب اليوم هو إسقاط النظام ممثلا ببشار الذي يرأسه ويقوده، وعدم الانصياع إلى هذا المطلب الشعبي هو ما أفقد هيئة التنسيق مكانتها ووزنها في الشارع السوري.

4 – قيل إنّ النظام السوري يحاول تقديم عروض لإسرائيل وتعهّدات بإقامة سلام معها بعد الانتهاء من هذه المرحلة، في مقابل تخفيف المجتمع الدولي الضغط عليه إلى حين القضاء على الثورة؟ ما رأيكم؟

– لا معلومات دقيقة لدينا بخصوص علاقة النظام بإسرائيل ولكننا نكتفي بالإشارة إلى ما جاء في تصريحات رامي مخلوف (ابن خال الرئيس السوري) الشهيرة قبل فترة والتي ربط فيها بين أمن إسرائيل وأمن النظام في سوريا.

5 – قائد فيلق القدس الإيراني المسؤول عن العمليات الخارجية قاسم سليماني صرّح في 20 كانون الثاني الحالي أنّ الشعب السوري موالٍ للحكومة السورية بالكامل، بدليل أنّ المعارضة لا تستطيع حشد مظاهرات مليونية، ما تعليقكم؟

– القمع الوحشي الذي يمارسه النظام هو ما يمنع الشعب السوري من الخروج في المظاهرات بمليونيّات بل ويمنع الإنسان السوري من مجرد التعبير عن رأيه. ففي حماة على سبيل المثال عندما قام المحافظ بمنع قوات الأمن والشبيحة من الاعتداء على المتظاهرين خرجت حماة كلها مندّدة بالنظام وبجرائمه فما كان من النظام إلا أن قام بتغيير المحافظ ودفع بقوات الأمن والشبيحة لاقتحام المدينة وقتل المتظاهرين.

6 – كيف تقيّمون الدور الإيراني في سوريا أخيراً؟

– نحن لدينا معلومات أكيدة عن أن إيران تزوّد النظام السوري بالأسلحة والذخائر وأن عناصر إيرانية تتواجد في غرف عمليات القمع للمساعدة في تقديم الخبرات.

7 – كُشف أخيراً عن العرض الإيراني الذي قدّم لكم والذي يشمل بعض المناصب في حكومة قائمة في ظل نظام الأسد مقابل إنهاء الثورة، هل هناك أي تفاصيل إضافية عن الموضوع لا تزالون تحتفظون بها؟

– بالنسبة إلى الحوار والعلاقة مع إيران يجب التأكيد أولاً أنّ الأخوان المسلمين رفضوا الحوار مع الإيرانيين ولم يتلقوا أي عرض منهم بشكل مباشر، وذلك بسبب موقف إيران المساند والشريك للنظام السوري في جرائمه. أمّا بالنسبة للعرض أو العروض التي بعثوا بها أو حاولوا أن يبعثوا بها عبر وسطاء فنحن لم نناقش تفاصيلها ولم نحاول التعرّف إليها أصلاً لأنّها مرفوضة جملة وتفصيلا.

8 – ما هي رسالتكم إلى حزب الله في ظلّ إصراره على اعتبار الثورة السورية خدمة لأمريكا وإسرائيل، ودعواته المتكرّرة إلى دعم النظام السوري لأنه "ممانع"؟

– المواقف السيئة لحزب الله تجعله لا يستأهل أن توجّه إليه رسالة وكان من المفترض به لو انه فعلا منسجم مع ما يدعيه من المقاومة وكره الظلم أن يقف إلى جانب الشعب السوري المظلوم ضد النظام الظالم في سوريا وأن يكون اول الداعمين لحقوق الشعب السوري.

9 – البعض يراهن على إمكانية "حزب الله" إصلاح العلاقات معكم حتى إذا سقط النظام السوري، على اعتبار أنّكم ستظلّون "بحاجة إليه لاحقا" كما يقولون، ولذلك هو لا يعبأ بتداعيات موقفه الداعم للنظام السوري الآن.. كيف تردّون على هذا القول؟

– ليس لدينا ثقة بحزب الله طالما هو مستمرّ في دعمه وتأييده النظام في سوريا وحتى يتغيّر موقفه لكلّ حادث حديث.

10 – هناك من يروّج إلى (اخوانوفوبيا)، ويعتبر أنّ حركتكم هي خطر على الأقليات في سوريا وأنّ نجاح الثورة السورية يعني أنّ التطرف الإسلامي هو البديل لنظام الأسد، ما هو ردّكم؟

– نحن مسلمون وديننا دين سلام واحترام للآخرين، وتاريخ الأخوان المسلمين يشهد بذلك. ففي مصر وفي زمن الإمام حسن البنا رحمه الله كان المكتب السياسي للأخوان المسلمين يضمّ قبطيا، وفي الفترات السابقة لعهد هذا النظام في سوريا كانت قوائم الأخوان المسلمين الانتخابية تضم مسيحيين مثلا. والحقيقة أننا في سوريا لم نعرف مفهوم الأقلية والأكثرية ولم يتعامل احد به إلا في عهد هذا النظام البائس. نحن نؤكد اليوم أننا مع مبدأ المواطنة التي تقضي بأننا جميعا متساوون في الحقوق والواجبات.

11 – ما هو الأساس الذي يحكم علاقتكم حاليا أو مستقبلا حال الوصول إلى الحكم بالولايات المتحدة أو غيرها من الدول الفاعلة في المجتمع الدولي أو على الصعيد الإقليمي؟

– نحن لدينا موقف إيجابي من كل الدول والجماعات طالما أنها لا تنوي التدخل في شؤوننا الداخلية ونحن منفتحون للحوار مع كل الأطياف ومستعدون للتعاون مع الجميع فيما يخدم مصلحة بلدنا ويحقن دماء شعبنا. وفي المستقبل، في حال قيام دولة ديموقراطية فإن المواثيق والعهود الدولية هي التي ستحكم علاقتنا بباقي الدول وعلى قاعدة المصالح المشتركة والاحترام المتبادل بين الأطراف.

السابق
هاجس الاغتيالات عاد بدءاً بريفي والحسن … والآن بري وجنبلاط في دائرة الخطر
التالي
محاولة اغتيال الحسن تصيب داتا الاتصالات!