الدابي: لوقف العنف أياً كان مصدره

اعتبر رئيس فريق المراقبين العرب في سورية محمد الدابي، أن «إعلانه قبل يومين تصاعد العنف في سورية وعدم التعتيم على ذلك، يعدُّ دليلاً على صدقية المراقبين»، قائلاً في حوار مع «الحياة» عبر الهاتف: «إننا نعمل في نزاهة وشفافية». وأوضح الدابي أن الحكومة السورية بررت التصعيد الأمني الاخير بفقرة في البروتوكول تنص على «وقف العنف أيّاً كان مصدره»، متحدثاً ايضاً عن عدم تعاون المعارضة السورية مع وفد المراقبين، قائلاً: «جئنا لنراقب الأعمال التي يقوم بها الجانبان (الحكومة والمعارضة)، لكن للأسف الشديد، وجدنا عدم رضا من المعارضة».

ولفت الدابي في حديثه، إلى أن «التقرير الذي قدّمه الى اللجنة الوزارية العربية المصغرة ووزراء الخارجية العرب في اجتماعين عقدا قبل أيام في القاهرة، نوقش باستفاضة وتمت الإشادة به وبالإنجازات التي تحققت حتى الآن، ورغم محدوديتها تم التمديد لعمل البعثة، وقرر الوزراء دعمها مالياً وسياسياً وإعلامياً، لكننا فؤجنا بعد عودتنا (من القاهرة بعد حضور الاجتماع الوزاري العربي) في الثالث والعشرين من كانون الثاني (يناير) الحالي بأعمال عنف».

وروى الدابي لـنا خلفيات قرار الجامعة العربية أول من أمس وقْفَ عمل المراقبين، وقال: «فؤجئنا في الرابع والعشرين والخامس والعشرين والسادس والعشرين من الشهر الحالي بأعمال عنف في عدة مناطق ساخنة، في حمص وحماه وريف دمشق وإدلب، وفوجئنا بأعمال عدائية من الجانب المسلح (المعارضة السورية) وردِّ فعل كبير من جانب الحكومة، وظهرت أعمال عدائية متبادلة أدت الى تصاعد العنف، وتكلمنا مع الحكومة السورية في هذا الجانب».

وأضاف: «الحكومة السورية تبرر ما قامت به بأن هناك اعتداءات على مناطقها، وأنها لا تعتدي، وأنهم يردّون على اعتداءات. هذه هي حجتهم. طبعاً البروتوكول لا يُلزم الجانب الآخر (المعارضة)، بل يُلزم الحكومة، وبالتالي فإن أي رد فعل من الحكومة يعتبر إخلالاً بنص البروتوكول، لكن الحكومة السورية تمسكت بفقرة في البروتوكول تقول بضرورة وقف العنف أياً كان مصدره».

وقال الدابي إن «الحكومة السورية قالت للبعثة إننا ملزمون بإيقاف العنف أياً كان مصدره، وبالتالي لن نسمح لعصابات وجماعات مسلحة بأي عمل عدائي. وهنا بدت الصورة واضحة، أي أن العنف سيتواصل ويستمر». ولفت في هذا السياق الى «أن المعارضة السورية لا تتعامل معنا… وأصبحنا في نظرها مثل الحكومة السورية، وكل ذلك أدى الى حالة نفسية لدى المراقبين الذين يجلسون في الفندق، وإذا أرادوا القيام بمهمة مراقبة لن يتمكنوا من دخول مناطق المعارضة» بسبب خوفهم من رد فعل المعارضة. وتابع: «في ضوء كل ذلك، تم التشاور مع الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي، فتم تجميد عمل البعثة لتبقى في دمشق الى أن يعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعاً خلال الأيام المقبلة، وأتوقع أن يتم ذلك عقب انعقاد اجتماع مجلس الأمن» في شأن الوضع السوري.
 وسئل عن مكان وجود المراقبين حالياً بعد تجميد عملهم، فقال: «جُمِّد عملنا، لكن المحطات (وفود المراقبين في المناطق السورية) بدأت تتحرك (منذ أمس واليوم) باتجاه العاصمة، كي يعود كل المراقبين الى دمشق».

وعن عدد المراقبين والمواقع التي غطوها في الفترة الماضية، قال: «دول الخليج سحبت خمسة وخمسين مراقباً، والمغرب سحب تسعة مراقبين، وبقي مئة مراقب من سبع دول عربية».

وفيما لفت الى أن «الموجودين من المراقبين هم في انتظار قرار يصدره المجلس الوزاري العربي»، شدد على أنه «لا مشكلة في المراقبين، وحتى لو بقي عشرون مراقباً سأعمل في نزاهة تامة. أنا جئت في مهمة مراقبة، وليس لإيقاف عنف ولا إطلاق سراح معتقلين. الدابي يراقب، ويقول هل التزمت الحكومة السورية أو لم تلتزم، مع ملاحظة أن هناك طرفاً آخر يحمل السلاح الآن»، وذلك في إشارة الى المعارضة المسلحة. وأضاف: «الدليل على صدقية المراقبين أننا قلنا إن هناك تصعيداً حدث، ولم نعتِّم، نحن نعمل في شفافية وصدقية، وقد أقسمنا على المصحف في هذا الشأن».

وسئل هل سيعود الى القاهرة بعد وقف عمل المراقبين، فأجاب: «لن أعود الى القاهرة، سأبقى في دمشق لإعادة تدريب مراقبين وتثقيفهم الى أن يحين موعد اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب، وقد أحضر تلك الجلسة». وتابع: «اذا استمرت البعثة في أداء مهمتها، لا بد من صدور قرار يضع في الاعتبار أهمية معالجة كل أوجه القصور، سواء في كيفية أداء المهمة أو المعدات، فالمهمة ما زالت تلتزم جانباً واحداً (التعامل مع الحكومة السورية)، أنا أدعو الى وقف اطلاق النار لتؤدي البعثة دورها».

وقال: «أطلب تحديد المعارضة ونوعيتها (للحوار معها في إطار البعثة)، إذ لا بد أن نتعامل مع المعارضة مادام هناك حوار بين الجامعة العربية والمعارضة. نريد التعامل مع الطرفين (الحكومة والمعارضة). الآن لا نتعامل مع المعارضة، لأنها أهدرت دمنا، كما أدعو الى بناء عمل جديد ومنهجية جديدة في شأن مهمة المراقبين ومن دون ضبابية في التعامل».

وحول تصعيد العنف في سورية خلال الأيام الاخيرة، قال الدابي: «حدث تدهور (في الوضع) في الأيام الثلاثة الأخيرة، لكن ليس لدرجة تؤدي الى سحب بعثة المراقبين، بل أدى ذلك الى تجميد عملها موقتاً حتى يعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعاً ليقرروا بصورة جادة كيفية معالجة الأمر».

وعن تصريحاته في بداية عمل البعثة، والتي اثارت غضب المعارضة ضده، قال: «أنا مصرٌّ على كل تصريحاتي حتى يوم السابع عشر من كانون الثاني، قبل تقديم التقرير الى مجلس وزراء الخارجية العرب. الدابي لا يكتب التقرير، يكتبه رؤساء خمسة عشر قطاعاً من المراقبين، وأي قطاع يكتب تقويمه للمنطقة التي زارها، ويُستدعى رؤساء القطاعات الى دمشق لمناقشة التقرير مع رئاسة بعثة المراقبين وجهاً لوجه، ثم يتم صوغ التقرير بناء على ما قاله رؤساء القطاعات».

وأضاف: «بعد صياغة التقرير، عقب مناقشته وإعداده من رؤساء القطاعات، يقدمه الدابي الى اجتماع وزراء الخارجية. أنا أخذت كلام 15 رئيس قطاع (من المراقبين)، وقرأت لهم ما قاله رؤساء القطاعات وبينهم رؤساء قطاعات خليجيين».

وحول التقرير الأول الذي قدمه إلى اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة وهل مازال متمسكاً به، أجاب: «إنه متوازن مئة في المئة، ولا أتنازل عن سطر واحد فيه، لكن بعد يوم الثالث والعشرين من الشهر الحالي، حدث تصعيد خطير جدا، وهو نتيجة مواقف معينة، ورفض للتقرير من المعارضة. وقد تصاعدت أعمال العنف بين الجانبين، لكن قبل يوم 23 الحالي أنا مُصرّ على ما ورد في التقرير وسأحتفظ به للتاريخ».

وفي شان توقعاته حول ما سيسفر عنه اجتماع مجلس الأمن، اكتفى بالقول: «هذا الموضوع لن أعلق عليه، هذه مسألة سياسية».

وتابع: «نحن جئنا الى سورية لحقن الدماء. أهل سورية كلهم سواء عندنا. جئنا لنراقب الأعمال التي يقوم بها الجانبان (الحكومة والمعارضة)، لكن للأسف الشديد، وجدنا عدم رضا من المعارضة. هي لا تريدنا أن نعمل كي يذهبوا (بالملف) الى مجلس الأمن وينهار النظام. نحن جئنا لنساعد الشعب السوري، والمعارضة مهمة، وهي عنصر أساس في عملنا، ونتمنى أن يتوقف هذا التشدد (في مواقف المعارضة) والفتاوى (ضد المراقبين)، وأن تتعامل معنا المعارضة بجدية، سواء المسلحة أو المدنية. نحن جئنا لننقذ أهلنا كلهم في سورية، ويشمل ذلك المُوالي والمُعارض، وندعوهم الى أن تكون نظرتهم إلينا إيجابية».

وسألناه عن رأيه في شأن انتقادات شديدة وُجهت إليه، من بينها أنه «أسوأ مراقب لحقوق انسان في العالم»، فضحك وقال: «هذا كلام فارغ، لن أردّ عليه، هذا غثاء لا قيمة له، الشعب السوداني يعرف الدابي». وسئل الدابي عن اتهامات وجهها اليه المراقب الجزائري المستقل أنور مالك (وصفه بديكتاتور يعامل المراقبين معاملة الجنرال لعسكريين)، فأجاب «هذا كلام لا يستحق الرد، إنه كذب، وقد قال الكثير من الترهات والأكاذيب تجاه بعثة المراقبين، كما أهان البعثة بإشاعات فاسدة، وبالتالي لا نتعامل معه، وحتى المنظمة التي يتعامل معها لفظته، باعتبار انه خرج عن الخط الإنساني والأخلاقي». 

السابق
السفير: موسكو تعيد الأزمة السورية إلى المربع العربي طهران تحذر: الضغط على الأسد سيؤدي لعواقب وخيمة
التالي
بصمات الخوف