حماس: بين طهران والإخوان

 وصل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، خالد مشعل، اليوم الاحد إلى العاصمة الأردنية بصحبة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ولي عهد قطر، للاجتماع مع العاهل الأردني، عبد الله الثاني.

وكان الاردن قد أبعد عام 1999 مشعل، وقطع بذلك العلاقات بين الحركة والمملكة الهاشمية. وتتفاوت التعليقات حول غاية الزيارة الحالية، إن كانت بداية لصفحة جديدة في العلاقات بين الحركة والعاهل الاردني، ام انها مراسيم وبروتوكولات تخدم الاردن؟
وأوضح الرئيس الامريكي باراك اوباما للعاهل الاردني، والذي زار الولايات المتحدة في الاسبوع الماضي، ان الولايات المتحدة تعتبر احتضان حماس في الاردن أمرا خطيرا.
ووجدت حماس نفسها في مأزق منذ انطلاق الاحتجاجات في سورية، ووقوف الاخوان المسلمين في سورية ضد حكم بشار الاسد: هل تُرضي ايران التي تمولها وتدعم القمع السوري، ام تعود حماس الى حضنها العربي- السني و"الاخوان المسلمين"؟ مع مرور الوقت حسمت الحركة موقفها وبدأ رجالها ينزحون من دمشق، واصبحت مصر والاردن إمكانيتين واردتين لحضن جديد.
وتثير الرعاية القطرية للقاء مشعل مع العاهل الاردني تساؤلات حول نوايا الدولة الخليجية. وكتب "تسفي بارئيل"، مراسل صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية، في مقال حول الزيارة، ان قطر ستمول حماس لكي تشدّها الى المعسكر العربي بعيدا عن الفارسي، وان الاردن غطاء لهذه الخطوة، لكي تصدّ قطر الانتقادات الامريكية لمثل هذا الدعم.
ودفع نجاح الاخوان المسلمين في الساحة المصرية، ونفوذهم في الاردن، قيادة حماس الى اعادة التفكير في موازين القوى في المنطقة، والزحف نحو حضن الاخوان. تاريخيا، حركة حماس محسوبة على الاخوان المسلمين، ولأسباب براغماتية قبلت رعاية ايران وسورية ولجأت الى الارهاب المدعوم من قبل ايران.
ويبدو ان ايران تنازلت عن خالد مشعل، بعد ان خيب الاخير ظن القيادة الايرانية الداعمة لنظام القمع والقتل في سورية. وكانت حماس قد التزمت الصمت ازاء الثورة السورية، مما شدد الخناق على نشاطات الحركة في سورية، وحض قيادتها على التطلع الى حضن بديل.
ودعت ايران اسماعيل هنية، رئيس حكومة حماس في قطاع غزة، لزيارة طهران، الامر الذي يحقق تخلي ايران عن مشعل في حال لبى هنية الدعوة. وباتت حماس في صراع داخلي حول هويتها المستقبلية، وهل تستمر في سياستها المزدوجة، أي العودة الى حضنها العربي- السني دون مساس بإمدادات ايران؟
الارجح ان مساعي حماس الدبلوماسية نجحت، ووجدت الحركة بديلا لإيران، فقد نشرت صحيفة ال "واشنطن بوست" الخبر ان تركيا ستمنح الحركة مساعدات سنوية بقيمة 300 مليون دولار. وصرحت مصادر تركية للصحيفة عينها ان وعود الحكومة التركية بإمداد حماس، برئاسة رجب طيب اردغان، هي ثمار زيارة اسماعيل هنية لتركيا مطلع الشهر الجاري.
وتطرق رئيس الدولة الاسرائيلي، شمعون بيريس، من منتدى دافوس الاقتصادي، الى نوايا الحكومة التركية، واتهمها امس بأنها تمول حماس وتقوي الارهاب على حساب القوات المعتدلة. وتُدرج الولايات المتحدة، الاتحاد الاوروبي واسرائيل، منظمة حماس في قائمة المنظمات الارهابية.
ورأى بعض المحللين ان تحركات حماس الديبلوماسية، وتصريح مشعل بأنه لن يترشح لرئاسة الحركة، تهيأن الظروف لاستيلاء حماس على السلطة الوطنية الفلسطينية. وثمة عوامل تدعم هذه النظرية، اولا: صفقة تبادل الاسرى وترويج حماس لهذه الخطوة على انها انجاز وطني، ثانيا: فشل السلطة الوطنية الفلسطينية، بقيادة فتح، في جهودها الدولية لنيل عضوية في الامم المتحدة وشعور الإحباط في الشارع الفلسطيني.
وفي سياق متصل، تطرق رئيس الحكومة الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الى المحادثات مع الجانب الفلسطيني، في مستهل جلسة الحكومة صباح اليوم، وقال ان بان كي مون، الامين العام للأمم المتحدة، سيزور المنطقة وانه سيجتمع معه.
وصرح نتنياهو: "حتى اليوم، وحسب ما حصل في الايام الاخيرة- في حين يرفض الفلسطينيون الحوار معنا حول احتياجاتنا الأمنية- الدلائل غير مشجعة، ولكني على امل انهم سيستدركون ويستمرون في المحادثات حتى نتقدم نحو مفاوضات جدية".
وخلافا لتأرجح حماس بين طهران والاخوان، دعا اليوم الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، د. رمضان عبد الله شلح، "الأمة العربية والإسلامية إلى الوقوف إلى جانب إيران" واعتبر ولاية الفقيه "النصير الأول للمقاومة ولقضايا الأمة" مما يعقد ازمة حماس.

السابق
يساريون ويساريون سابقون
التالي
ميشال عون: شو وقفت علييّ؟