موقف عون السياسي النافر.. ارباك للحلفاء وعاصفة على الخصوم

ترى مصادر ان الجنرال بات اليوم امام مأزق مثلث الاضلاع، فشل خياراته الاقليمية بالرهان على محور يسير باتجاه التفكك وصولا الى الزوال بعد انهيار النظام السوري والحصار المفروض على النظام الايراني، ومن ثم العزلة العربية والدولية التي يعيشها نتيجة خياراته، فضلا عن عجز حزب الله عن الوفاء بالتزاماته حياله لناحية التعويض له حكوميا واداريا وخدماتيا، مقابل الغطاء المسيحي الذي يوفره عون للحزب، وذلك نتيجة الظروف الموضوعية التي جعلت الحزب بحاجة الى ارضاء ميقاتي من اجل استمراره في الحكومة التي تشكل حاجة سورية في اللحظة السياسية الراهنة، كما استفاد رئيس الحكومة من هذا العمل، والحاجة لتوسيع هامش دوره الحكومي.

ففي خطوة غير مسبوقة توقّعها الوسط السياسي وفاجأت "أهل الرابية"، أتى قرار رئيس تكتّل "التغيير والإصلاح" النائب العماد ميشال عون، بالنزول إلى الشارع بعد تحديد ساعة صفر يعلن فيها امتعاضه من الأداء الحكوميّ الحاليّ، ويضع نفسه خارج الحلقة الحكوميّة. وبرأي مصادر سياسيّة معارضة، فإنّ القرار جاء بعد معاناة طويلة مع الحلفاء، وحاول العماد عون تطويقها قبل أن تطفو في الإعلام.. في المقابل، فإنّ مصدراً مقرَّباً من العماد عون، وجد أنّ هذا الأخير لا يُحسَد على المأزق الذي وصل إليه، والذي يشبه الحائط المسدود نتيجة الإرباك، بسبب عدم تجاوب حلفائه معه في العناوين التي يرفعها.. وسط حال الإرباك المنتشرة في صفوف التيّار العوني، كشف المصدر المقرّب من التيّار أنّ حركة اعتراض داخليّة بدأت تُسجَّل، سيّما وأنّ بعض الأنصار بدأوا يشكّكون بالتحالفات والسياسات المعتمدة، وأعلنوا صراحة عدم اقتناعهم بصلابة النظام السوري، وبدأوا يتحدّثون عن أنّ سقوطه بات وشيكاً. وقد دفعت هذه التطوّرات إلى استعجال العماد عون اللقاء مع كوادره في دعوة طارئة وجّهت إليهم عبر البريد الإلكتروني عصر أمس في مكتب الأمانة العامّة لـ"التيار" في سنّ الفيل، لبحث المستجدّات واتّخاذ الخطوات اللازمة للخروج من المأزق..

وقد توقفت "النهار" عند هذا  الموقف السياسي النافر للنائب ميشال عون، والذي عبّر بكلامه عن مجمل الشهداء، وخصوصاً الاحياء، اذ وصفهم بأنهم "لصوص احياء". وهاجم بحدة وقساوة الشهداء قائلا: "لن نقبل الشهادات المزيفة، هل يعلم من قتل من؟ ولماذا قتله؟ قد يكون قتله لأنه زوج غيور على زوجته، فهل يمكن تسميته شهيد الوطن".
رأت "الجمهورية" ان عون لم يوفر في "قصفه الكلامي" لا رئيس الجمهورية ولا رئيس الحكومة ولا النائب وليد جنبلاط من دون ان يسميهم، وهاجم "الحريرية السياسية" والشهداء الأحياء" واتهم النظام القائم بالتواطؤ ضد الإصلاح، قائلا: "جميعهم حراميي". ودعا كوادر "التيار الوطني الحر" الى التعبئة والجهوزيّة للتظاهر "لإنهاء عهد الشركة المساهمة حتى نظهر لها أنّ عقدها انتهى ولن ننتهي وإياهم إلاّ بالقضاء".

 المصادر استبعدت حيال هذا المنحى حدوث تبدلات مهمة او تغييرات جذرية ملموسة في المشهد السياسي العام او في موازين القوى القائمة حاليا قبل جلاء الصورة نهائيا عن المشهد السائد على الساحة السورية ومعرفة نتائجها السياسية.

وقد جاءت ردات الفعل عديدة في هذا الاطار حيث  اشارت "الجمهورية" انه في الوقت الذي حرص قصر بعبدا على عدم الرد مشدداً على "أن رئيس الجمهورية لم ولن يدخل في أي جدل من هذا النوع فهو يعمل من ضمن المؤسسات الدستورية وما يمليه عليه الواجب"، قال قريبون من سليمان لـ "الجمهورية" ان "عون يريدنا ان نصدق أن المؤامرة الكونية مستمرة عليه وعلى صهره".و أضافوا: "عملنا وعمل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ما أمكن لإرضاء عون ولتقريب وجهات النظر في الكثير من القضايا لكن كل هذا العمل والجهد ذهب هباء… وها هو الجنرال يهاجم ويصول ويجول أمام مناصريه ووزرائه ونوابه، يستحضر الروايات والشائعات التي تجاوزتها التحقيقات والمعلومات الموثقة ولا يريد أن يناقشه أحد ويتصرف كأن له جمهوريته الخاصة بعيدا عن الجمهورية التي يعيش فيها".

قالت مصادر مطلعة لـ"الديار" ان عون أراد أن ينتقل من موقع الدفاع الى الهجوم مرتكزاً على معادلة "العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم"، بمعنى ملف ضد ملف، تحرك ضد تحرك، حشد ضد حشد، تصعيد ضد تصعيد.
لم تستبعد مصادر سياسية مطلعة لـ"اللواء" أن يكون ما يستعد له عون، من خلال تعبئة أنصاره ودعوتهم للاستعداد للتظاهر، محاولة استنساخ لتحرك قوى 8 آذار في الوسط التجاري من العاصمة، في أواخر العام 2006، ولكن مع اختلاف الأهداف والطروحات والنتائج المترتبة عن مثل هذا التحرك.

إلى ذلك، استغرب مصدر قضائي لـ"الجمهورية" ما ورد على لسان عون وتشكيكه بالقضاء اللبناني "وقد نسي ان القضاء في عهدة وزير يلتقي وإياه يوميا وهو عضو في تكتل الإصلاح والتغيير".
رفض مصدر في قوى 14 آذار لـ"الجمهورية" التعليق على مضمون كلام عون، "لأنه لا يخرج عن سياق الافتراءات والأضاليل التي يكررها باستمرار، وبالتالي لم يقل جديدا على هذا المستوى، إنما مجرد كلام ممجوج لا يستند إلى أي وقائع وإثباتات".

 

السابق
الراي: باسيل عن السعودية والكويت وإيران: البعض يرى هذا شيطاناً وذاك… ملاكاً
التالي
الانباء: وزير الكهرباء اللبناني: بدهم كهرباء بدهم وإلا عمرهم و المحاسبة: 60 شركة محروقات ضالعة في فضيحة المازوت!