على عينك يا تاجر

صحيح ان الفساد والإفساد، عامّان، لا يختلف عليهما إثنان، على مستوى الإدارة، بصورة عامة، وعلى مستوى الإدارات الخدماتية، بصورة خاصة، وهو ما يقرّ به الجميع، إلا أن الغريب، وليس المستغرب، ان يقفز هذا المرض، إلى الصفوف الأولى، وإلى من بيدهم الأمر والنهي، لتقف هذه الآفة، حائلاً دون التقدم إلى الأمام، واللحاق بالركب الحضاري المتجدد، ولتعيد عقارب الساعة إلى الوراء.

رشاوى وصفقات، بين الأقطاب، أُقرّ بنتيجتها مرسوم الأجور، الذي طال انتظاره وشهد مخاضاً عسيراً، وأخذاً ورداً، إلى أن ولد معاقاً، لم يفِ بالحاجة المطلوبة، ولم ولن يسدّ الرمق، ولا يسمن ولا يغني من جوع وعوز العمال وذوي الدخل المحدود، وما سرى على مرسوم الأجور، سرى ويسري على سواه، وراء الكواليس، من عقود تسويات وصفقات إرضاءً لشهوة، وتعزيزاً لنفوذ، وتكريساً لسطوة، عند اصحاب الأيادي الملطخة والبارعة، في آن، بشفط حقوق المواطنين، عبر مشاريع ظاهرها حيوي، وباطنها نفعي بامتياز، وليس آخرها ما اعترى مادة المازوت، من عمليات احتكار، من قبل التجار والشركات المدعومين، من النافذين، طيلة فترة الدعم لهذه المادة، وما صاحب رفع الدعم وعودة الـ TVA عن المازوت وخاصة في هذا الفصل البارد، من جني أرباح بملايين الدولارات، على حساب المستهلك المسكين.

صفقات تسرح وتمرح، بحرية مطلقة، بين الكتل والتيارات، أناء الليل وأطراف النهار، في الخفاء والعلن، تطال بشموليتها كل مقومات الحياة، وتخضع صاغرة طائعة، لمزاج هذا وذاك، إرضاءً للبعض، مقابل إرضاء البعض الاخر، في تمرير مشاريع تُعزّز من خلالها، المواقع والمنافع المادية والانتخابية، على السواء، وتهدر الأموال العامة، تحت غطاءات مختلفة لمشاريع وهميّة، تبدأ ولا تنتهي، ولمشاريع لا تنجز، وسط إهمال وتقصير ومماطلة وتسويف، تحت تعويذة العجز، لتعود القصة من جديد، الى سيرتها الأولى، من حيث انطلقت، من فرض ضرائب ورسوم، وديون مرهقة، ترتفع أرقامها، بارتفاع حاجات المواطنين، وزيادة في الفقر والعوز، يوماً بعد يوم، وشهراً بعد شهر، وسنة بعد سنة، مصحوبة برشاوى عديدة لجيوب مستفيدة، ولدى نفوس لا تشبع، وقلوب لا تخشع، وآذان لا تسمع، و«على عينك يا تاجر».  

السابق
إدارة الكارثة … أم كارثة الإدارة؟
التالي
أسارتا قدّم القائد الجديد لقوات اليونيفل في الجنوب