شباط وآذار: لبنان في مواجهة إستحقاقات صعبة

تجمع كل الأوساط السياسية والمعطيات المتجمعة لدى أكثر من مسؤول وسياسي يتابع الأحداث الداخلية والإقليمية والدولية على ان شهري شباط وآذار المقبلين، سيكونان صعبين بسبب ما يُتوقع أن يشهداه من أحداث وتطورات على المستويين الداخلي والخارجي. فشهر شباط يوصف شعبيا على الصعيد المناخي بأنه «لبّاط» مناخياً، فيما يقال في آذار «حُل الرباط» حيث يبدأ الربيع.

وإذا يؤكد أحد أقطاب الاكثرية أن هذه التطورات ستتأتّى من مسارين سيسلكهما الوضع السوري: اما تسوية للأزمة السورية، وأمّا ذهاب المعركة الدائرة بين النظام وخصومه نحو الحسم، فإن الساحة الداخلية تشهد قراءة وتوقعات متناقضة لهذه التسوية في سوريا وطبيعتها.

فالأكثرية بغالبية أطرافها تؤكد أن التسوية ستتم في ظل قيادة الرئيس بشار الأسد، ولا يمكن ان تحصل من دونه. لكن المعارضة التي تضم مكونات فريق 14 آذار تتحدث عن أن هذه التسوية "لن تتم إلاّ بتنحيه"، معتبرة ان التسوية في وجوده "باتت صعبة" في ضوء ما وصل اليه الوضع السوري وما يشهده من ردود فعل عربية ودولية.

والأمر نفسه ينطبق على النظرة الى المسار الثاني، أي مضي النظام وخصومه في المعركة الى الحسم، فالاكثرية تؤكد أن النظام قادر على هذا الحسم، ولكنه يتجنب هذه الخطوة مفضلاً الوصول الى معالجات للأوضاع الامنية في هذه المنطقة أو تلك عبر حوارات تقودها قيادات شعبية بما يصرف النظر عن الحلول الأمنية والعسكرية التي توقع ضحايا، لكنه مع استمرار المجموعات المسلحة في مهاجمة رجال الامن والقوى العسكرية والمؤسسات قد يضطر للجوء الى الحسم، خصوصا في ضوء ما احتواه تقرير بعثة المراقبين العرب برئاسة الفريق محمد الدابي من تحميل مسؤولية لهذه المجموعات عن تعكير الامن والتعرض للجيش وقوات حفظ النظام.لكن فريق المعارضة يعتقد ان النظام "لم يعد قادرا على الحسم، وبات آيلا الى السقوط"، وان القوى العسكرية الامنية "قد أُنهكت" بعد عشرة أشهر من المواجهات مع المسلحين والمحتجين، وان هذا ما يعكسه انسحاب الجيش السوري من بعض المدن والمناطق "لعجزه" عن المواجهة.

غير ان القطب البارز في الأكثرية يجزم قائلا "أن أي تسوية للأزمة السورية لن تتم الاّ في وجود الأسد"، مستبعداً في الوقت نفسه أي تغيير في الموقف الروسي الداعي الى حل سياسي لهذه الأزمة عبر الحوار بين النظام والمعارضة.

لكن هذا القطب يتخوف من أن يكون للأزمة السورية انعكاسات سلبية على الوضع الداخلي في حال ذهابها الى الحسم بين النظام ومناهضيه.

جبهة المحكمة اما على جبهة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، واستحقاق تجديد العمل ببروتوكولها الموقع بينها وبين الحكومة اللبنانية مطلع آذار المقبل، فإن المتوقع ان يشهد هذا الملف مزيدا من الأخذ والرد بين المعنيين.

ويعتقد معارضون للمحكمة ان تجديد العمل ببروتوكولها لن يقدم او يؤخر في مستقبلها، فهي باقية ومستمرة سواء تجدد هذا البروتوكول أم لا، ولكن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ملزم حسب الوثائق والاتفاقات الخاصة بالمحكمة بارسال كتاب الى الحكومة اللبنانية يستشيرها فيه بأمر تجديد العمل بهذا البروتوكول وهو سيفعل ذلك، وقد ابلغ الى رئيسي الجمهورية والحكومة ميشال سليمان ونجيب ميقاتي في خلال زيارته الاخيرة انه سيرسل هذا الكتاب قريبا، وإذا طرحه رئيس الجمهورية ميشال سليمان صاحب الصلاحية ( كون البروتوكول اتفاقية دولية) سيتم ايجاد الموقف والمخرج اللازم للتعاطي معه.

ويضيف هذا القطب، ان المحكمة التي لا يعترف بها حزب الله وحلفاؤه ستستمر في النهاية والجميع يدرك ذلك، ولكن الذين لا يعترفون بها اصلا وفصلاً لن ينزلقوا الى البحث في تعديل بروتوكولها، لأن مجرد البحث او حتى التعديل، سيعني انهم اعترفوا بها، ولذلك لن يقاربوا هذا الملف من قريب أو بعيد سواء طرح في مجلس الوزراء أم لا.

مصير الحكومة

اما بالنسبة الى مصير الحكومة فيقول القطب الأكثري ان هناك "نقاشاً جدياً" مستمرا فيه لتحديد المصلحة من بقائها أو استقالتها، يغلفه عدم ثقة بدأ يستحكم ببعض القوى الاساسية المشاركة فيها ببعض المراجع المسؤولة والقيادات البارزة، وذلك في ضوء التطورات الجارية على مستوى عملها وادائها ازاء الملفات المطروحة والخلافات التي تعصف بها من حين الى آخر، وكذلك في ضوء ما يمكن ان يؤول اليه الوضع السوري خلال الشهرين المقبلين.  

السابق
دو ميستورا: قلقون حيال الأقليات في لبنان
التالي
المعلوف: إجتماع سيدة النجاة في زحلة لم يتعاط بالأمور السياسية